بعد حصول الشركة المصرية للاتصالات على رخصة الجيل الرابع قبل أيام، تبادر إلى الأذهان تساؤل حول نية شركات المحمول الثلاثة "فودافون وأورانج واتصالات" التقدم للحصول على الرخصة، وهو أمر ترفض الشركات حسمه قبل موعد غلق باب التقدم للرخص في 22 سبتمبر الجاري. من جانبها وافقت الشركة المصرية للاتصالات على جميع شروط الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات والتي سبق ورفضتها شركات المحمول الثلاثة منها قيمة ترددات رخصة الجيل الرابع والتي قدرت ب 7.08 مليار جنيه، سددت منها بالفعل الشركة 5.2 مليارات جنيه، كما خضعت الشركة لشرط تسديد نصف المبلغ بالجنيه المصري والنصف الآخر بالعملة الصعبة (الدولار الأمريكي) كما سيتم تسديد المبلغ المتبقي من قيمة الرخصة خلال أربع سنوات على أقساط، والرخصة لمدة 15 عاما. وتعد موافقة الشركة تأكيدا أخيرا على استحالة تغيير الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات شروطه للحصول على الرخصة، والتي رفضتها تمامًا شركات المحمول، لكن ماذا لو أصرت الشركات على رأيها ولم تتقدم للحصول على الرخصة؟ هل يمكن للمصرية للاتصالات أن تقدم خدمات الجيل الرابع بشكل مستقل دون الحاجة لمشاركة شركات المحمول؟ المهندس خالد نجم، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق قال: إمكانية تقديم الشركة المصرية للاتصالات لخدمات الجيل الرابع في حالة عدم تقدم شركات المحمول الثلاثة للحصول على الرخص "مستحيلة" حيث إن تعاقد المصرية للاتصالات مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات اشترط العمل لطرح الخدمة خلال ستة أشهر فقط. الوزير، أشار أيضا إلى أنه نظريًا يمكن للمصرية للاتصالات تقديم خدمات الجيل الرابع وحدها بعد عمل شبكات للمحمول بالأجيال الثانية والثالثة لتقديم الجيل الرابع، وتابع قائلا: إلا أن هذا الوضع بالقطع سيلزمها بالبحث عن كوادر متخصصة ليست موجودة في الشركة إلى جانب مبالغ مالية كبيرة ربما لا تمتلكها المصرية، وإن امتلكتها فإن إنفاقها دفعة واحدة يمكنه أن يسبب انهيار الشركة كما أنه يستحيل إنهاء مثل تلك الشبكات خلال عام. وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق، في سياق حديثه، لفت الانتباه إلى أنه يستبعد اتفاق شركات المحمول الثلاثة على عدم الحصول على تراخيص الجيل الرابع لتوريط المصرية للاتصالات، ولكنه توقع حدوث أزمة كبيرة تودي بالمصرية للاتصالات وتجبرها على إعلان إفلاسها في حالة عدم تقدم الشركات للرخصة، مشيرًا إلى أنه في حالة عدم تقدم أي من شركات المحمول الثلاثة للحصول على الخدمة فإنه يجب على الحكومة المصرية والجهاز المركزي للمحاسبات "محاكمة" مسئولي المصرية للاتصالات بتهمة إهدار المال العام. أما أحمد العطيفي خبير الاتصالات، فقد أوضح أن "الشركة المصرية للاتصالات وضعت نفسها في موقف صعب للغاية بتعاقدها على رخص الجيل الرابع دون التأكد من موقف شركات المحمول الثلاثة"، مشيرًا إلى أن الأولويات في قطاع الاتصالات الآن لم تكن الجيل الرابع ولكنها في بناء شبكات وبنية تحتية قوية، حيث أن العمليات القائمة بتحويل الكابلات إلى فايبر هي مجهودات ضعيفة وتتم ببطء. "العطيفي" أردف قائلا: الدراسات حول البرودباند "الإنترنت السريع" قدرت أن البنى التحتية المصرية تحتاج استثمارات من 5 إلى 8 مليارات دولار، وهى الاستثمارات التي يجب على الشركات الحاصلة على الرخص ضخها لبناء شبكات الجيل الرابع، ولكن في حالة اقتصار الشركات على المصرية فإنها مضطرة لضخها وحدها. وعن اضطرار المصرية للاتصالات لبناء شبكتي الجيل الثاني والثالث، أشار "العطيفي" إلى أن الشركة يمكنها الاتفاق على استخدام شبكات إحدى شركات المحمول العاملة في السوق المصري، وأكمل بقوله: في حالة رفض شركات المحمول الثلاثة التقدم للحصول على الرخصة، فإن السؤال الهام هو مدى تحمل السوق المصري لمشغل خامس للمحمول؟ مع شائعات عن نية شركة زين الحصول على الرخصة، خاصةً وأن احتمالية تشغيل مشغل رابع ضعيفة جدًا بسبب ضعف حصته السوقية المتوقعة. وقال أيضا: الأزمة في المصرية للاتصالات إلزامها بتشغيل الجيل الرابع، مع وجود قرار سابق من مجلس الوزراء بإلزام المصرية بالتخارج من فودافون بنقلها لشركة جديدة تابعة للحكومة المصرية أو بيع الأسهم، وذلك يعني فقدان المصرية لعوائد فودافون، ومع ضعف عوائد "الجيل الرابع" فإن ذلك يعني التأثير على سعر أسهم المصرية لفترة طويلة. وأوضح خبير الاتصالات، أن "المصرية للاتصالات" لم توضح أو تعلق على ضخ استثمارات جديدة في السوق لتشغيل الجيل الرابع حتى الآن، وفي حالة عدم تقدم شركات المحمول للحصول على الرخصة الرابعة فهذا يعني وقف ضخ استثمارات تلك الشركات في السوق المصري مع توقعات بخروج إحدى الشركات على الأقل من السوق المصرية خلال خمس سنوات. في سياق ذي صلة قال دكتور طلعت عمر، نائب رئيس الجمعية العلمية لمهندسي الاتصالات: المصرية للاتصالات تعجلت بالحصول على تراخيص الجيل الرابع دون أي حساب للنتائج، فالنتائج الحالية ليست مقدمات صحيحة لتقديم خدمات الجيل الرابع، في حين أن شركات المحمول لم تقدم جميع خدمات الجيل الثالث حتى الآن. وأوضح أن "شركات المحمول الثلاثة تتأنى في اتخاذ القرار، حيث أن المجتمع المصري ليس مؤهلًا لاستقبال الجيل الرابع، حيث أن الحالة الاقتصادية المصرية لا تسمح للشباب بتغيير هواتفهم المحمولة لهواتف تدعم الجيل الرابع مع تغيير الشرائح" – حسب تأكيده. نائب رئيس الجمعية العلمية لمهندسي الاتصالات، في سياق حديثه أزاح النقاب عن مفاجأة أخرى حيث قال: البنية التحتية للشركة المصرية لا تسمح بتقديم خدمات الجيل الثالث متكاملة، ولا تصلح تماما للجيل الرابع ويجب استبدالها بالكامل، وبالتالي فإن المصرية للاتصالات لا يمكنها تقديم الجيل الرابع وحدها دون تكامل شركات الاتصالات الأخرى لتغطية معظم المحافظات المصرية، ولتتمكن الشركات من التكامل لتحديث البنية التحتية بالكامل والتي تتكلف من 3 إلى 5 مليارات جنيه، لتغيير السنترالات والهواتف الثاتبة والكابلات بالكامل.