«متعة خلف ستار من الشرعية» ... هكذا تحول زواج الصغيرات فى مصر، فى حين تعامل الإسلام مع الفتاة ككيان اجتماعى له كل الاحترام والتقدير، فقد اشترط عند عقد زواجها القبول التام، وهو الأمر الذى يمنعها من أن تصبح سلعة تعرض للبيع وتمنح لمن يدفع أكثر. ووفقاً لدراسة حديثة أجراها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية فإن زواج القاصرات يقوم على غرض واحد هو استحلال انتهاك جسد المرأة بالمخالفة للقواعد القانونية والشرعية، لتسهل نوعاً من الدعارة المحرمة شرعاً والمجرمة قانوناً، وتتعدد مسميات تلك الصور بين الزواج السياحي، زواج المصايف، زواج الخميس، زواج الفريند، الزواج المؤقت، زواج المتعة، الزواج العرفي، زواج القاصرات، وكلها صور لزواج تتم فيه المتاجرة بجسد المرأة، أو بمعنى آخر يتم فيه إضفاء نوع من المشروعية على الانتهاك الجنسى المؤقت للمرأة، وهذا الانتهاك يتم فى إطار شبكى بين مجموعة من الفاعلين هدفهم الرئيسى التلاعب على جميع المسلمات القانونية والشرعية، للتمويه على ذلك الفعل غير المشروع، ليخرج من إطار التجريم إلى نوع من المشروعية الشكلية. وتؤكد الدراسة أنه بالرغم مما أقره القانون من عدة ضوابط تتعلق بالسن عند الزواج، وإحاطة الأمر بعدة ضمانات للحفاظ على حقوق جميع الأطراف فى علاقة الزواج ولاسيما المرأة إلا أن هذه الضوابط القانونية يتم التلاعب فيها وإهدارها بإجراءات صورية يتم بمقتضاها عقد زيجات عرفية تستمر لفترات قصيرة، وقد يخضع الأمر لإجراء صورى يتمثل فى رفع دعوى إثبات لصحة الزواج من جانب الزوجة، ويقوم بذلك أحد أعضاء ذلك الإطار الشبكى المسهل وهو «المحامي» لاضفاء نوع من المشروعية على تلك الصور طوال فترة العلاقة الشبيهة بالزواج، وثمة وجه آخر للتحايل على الشرع، حيث تتنافى هذه الصور من العلاقات مع مقاصد الشريعة الإسلامية. وتشير إلى أنه مع انتشار الفقر والبطالة وسيادة القيم الاستهلاكية بصورة لافته، سافر ملايين المصريين للبحث عن لقمة العيش خارج البلاد، وهكذا وجد الكثيرون أنفسهم يقدمون رشوة لسماسرة التأشيرات، وهو الأمر الذى نتج عنه عدة ظواهر منها، ظاهرة القرى التى يسافر أغلب رجالها إلى الخليج، ومن يعود منهم لمصر يرجع محملاً بقيم وطرق عيش كفلائه، وخاصة فى علاقة الرجال بالنساء، وأيضاً عندما يشترون بأموال غربتهم فتيات قاصرات للاستمتاع بهن، بالإضافة إلى ظاهرة القرى التى احترفت جذب الخليجيين للبحث عن بنات للزواج المؤقت بهن مقابل أى ثمن، حيث برزت مع تلك الظواهر مؤسسة بديلة للزواج فى إطار الاتجار بالبشر، تبدأ عناصرها بالسماسرة الذين يسهلون الأمر ويعرضون البضاعة على الزبون، والأب الذى يقبض الثمن ويوقع العقد، والفتاة الضحية، والمحامى الذى يشرف على إضفاء المشروعية الشكلية على التصرفات، للتلاعب بالقانون. وتضيف الدراسة أنه فى معظم حالات الزواج من عرب نكون بصدد علاقة زنى واضحة المعالم تحظى بالاستهجان الاجتماعي، حيث أكدت النتائج على أن الأسرة التى تقدم على ذلك لا تحظى بالاحترام الاجتماعي، وقد يصل الأمر إلى عدم اقدام الشباب من أهل القرية على الزواج من فتاة سبق لها الزواج بعربي، وفى تلك الحالات من الزواج قد لا يمتد الأمر لأيام، كما لا يتم الاعتراف بالقيود الشرعية المرتبطة بالعدة والطلاق وخلافه، حيث يمكن للفتاة أن تتزوج لعدة مرات خلال مدة بسيطة، وقد لا تطلق من زوج سابق هجرها، حين يقدم الأب على زواجها من عربى جديد، وفى كل تلك الحالات قد تنتج عن هذه الزيجات مشكلات عدة ، فيها: أطفال بلا نسب وبالتالى بلا حقوق، والصغيرات اللاتى جربن مثل هذه الزيجات يوجه لهن المجتمع الاستهجان والنظرة الدونية. وفى هذا السياق أكد القيادى الشيعى طاهر الهاشمى - عضو مجمع آل البيت - ل«فيتو» أن هناك تلاعباً بالدين فيما يتعلق بزواج القاصرات ولا يوجد سند قانونى وشرعى لزواج الفتاة فى سن 9 سنوات، وأنه لا يوجد دليل شرعى على ذلك، قائلا: «الإخوان والسلفيون وضعوا الأدلة على ضرورة زواج الفتيات من أين؟ فمن يفعل ذلك ليس إنساناً ولا عاقلا أن يزوج طفلة ومن يقبل على الزواج من هذه البنت الصغيرة فى السن يعد مجرماً». وأوضح الهاشمى أن الاصرار على زواج القاصرات يعد إهانة لحقوق الطفل وكلام لا يقبله شرع أو دين، موضحاً أن الروايات التى تقول بأن الرسول «صلى الله عليه وسلم» تزوج من السيدة عائشة وهى فى سن التاسعة فهى روايات مغلوطة ومرفوضة من قبل الشيعة لأنه لا يوجد نبى يقضى على طفلة، كما أن هذا الأمر به خلاف فى الآراء، وهناك آراء تقول أن الرسول «صلى الله عليه وسلم» تزوج السيدة عائشة وهى فى سن 81 وليس 9 سنوات. الهاشمى مضيفاً: إن من يطالب بزواج القاصرات فهم بذلك يهينون السيدة عائشة والرسول الكريم، وهو الأمر الذى لن يقبله أحد، وأن التلاعب بالشرع يؤكد أن هناك حالة من عدم الفهم للقرآن وآياته، واعتمادهم على الروايات والأحاديث، وأنه لم يفعل ذلك سوى «الأواحدية» وأن أهل السنة أبرياء من هذا الكلام وهم لم يقبلوا بذلك. وفيما يتعلق بزواج المتعة أوضح الهاشمى أن هذا النوع من الزواج يوجد فى القرآن والسنة وأن أهل السنة يقولون إن النبى حرمه، بعد أن كان محللاً بنص القرآن، وأنه يكفى أن نقرأ فى تفسير ابن كثير «فما استمتعتم به منهن» وهذا يؤكد أن المتعة مباحة بنص، وأن تحريم زواج المتعة كان فى خلافة عمر، كما أن علماء السنة أجازوا النكاح المؤقت بشرط عدم التلفظ بالنية، مشيراً إلى أن الشيعة يأخذون بذلك فى الاقتداء بالقرآن وبأقوال النبي، ولا يوجد قول واحد للنبى يحرمه ومن حرمه هو الخليفة عمر، ولا يلتزم الشيعة بقول عمر بن الخطاب. ومن ناحية أخرى يؤكد الدكتور يونس مخيون - النائب السلفى بمجلس الشعب المنحل - ل«فيتو» أنه لا يوجد تلاعب بالشرع، وأن البنت طالما بلغت فيحل لها الزواج، وأنه لا يوجد سن معينة نقول عنه إن هذا هو سن الزواج، كما أن مسألة بلوغ الفتاة تختلف من فتاة لأخري، كما أن العرف يحدد هذا ففى الأرياف عندما تصل الفتاة إلى سن 91 دون أن تتزوج يكون هناك مشكلة كبيرة، أما إذا وصلت إلى سن 12-22 فأكثر فإنها تكون قد دخلت فى مرحلة العنوسة، وفى المدن فإن هذا الموضوع يختلف تماما. مخيون أوضح أن زواج المتعة «زنى» وأن الرسول «صلى الله عليه وسلم» حرمه، لأنه يشترط فى الزواج البقاء، فلا يصح أن يتزوج الرجل من امرأة لفترة محددة .