الاقتصاديات القوية لا تقوم على بيع الجنسية والتفريط في الثوابت لا أحد يزايد على وطنية الرئيس وسيناريوهات الماضى غير قابلة للتكرار قبل 100 عام..كانت حدود مصر تمتد إلى الشام والجزيرة العربية وإثيوبيا والسودان ونصف ليبيا شن «السفير معصوم مرزوق - مساعد وزير الخارجية الأسبق القيادى بحزب التيار الشعبي» هجومًا عنيفًا على كل من يروج لسياسة بيع أصول الوطن والتفريط فيها تحت أي ظرف، واصفا تلك السياسة بأنها "عرجاء وفاشلة وتهدم الأوطان" وواصفا من يتبنونها بالفاشلين. "مرزوق" ناشد في حوار مع "فيتو" النظام الحالى تبنى سياسات وضوابط جادة تعظم من دور مصر إقليميا وتحميها من أي تدخلات خارجية محتملة، لا سيما أنها في مرمى المؤامرة من أطراف خارجية كثيرة لا تريد لها الخير.. وإلى نص الحوار.. ما رأيك في الأزمة التي أثيرت بشأن بيع الجنسية المصرية نظير وديعة مالية تصل إلى عدة ملايين من الدولارات؟ - السياسة التي تقوم على البيع والتفريط في الثوابت سياسة عرجاء لا تبنى الأوطان ولا تحافظ عليها ولا ترفع من شأنها، بل إن الأوطان سوف تفنى وتزول مع الوقت، واعتقد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قادر على ضبط مثل هذه الأمور، والعمل على تقوية وجود مصر وتعظيم دورها إقليميا ودوليا وعدم السماح لأية دولة بالتدخل في شئونها، حتى لو كان المقابل تحسين مستوى الاقتصاد، فالاقتصاديات القوية لا تقوم على بيع الجنسية والشركات الكبرى للأجانب كما حدث في عهود سابقة، ورغم أن نظام مبارك اعتمد تلك السياسة فإنه لم يترك لنا إلا اقتصادا ضعيفا مترهلا، وعلى ذكر الترويج لبيع الجنسية المصرية أذكر لمن تنفعه الذكرى أن رجل الأعمال المصرى محمد الفايد لم يحصل على الجنسية البريطانية حتى الآن، رغم نجاحاته الكبيرة وتوسعاته الاستثمارية هناك، منذ أكثر من نصف قرن. ما رأيك في المقترح المتداول داخل البرلمان ببيع الجنسية المصرية؟ كما أرى أن هذا يعكس مدى الإفلاس الذي تعانى منه الحكومة، ويذكرنى بمقال ليوسف إدريس عنوانه "فكر الفقر وفقر الفكر" فهذا فكرا فقير لفقر في التفكير،وإن كانت تجربة بيع الجنسية تطبق في بعض الدول ولكن في نطاق ضيق في الدول قليلة للسكان ولكل دولة طريقة في اختيار مواطنيها الجدد ومنها أمريكا ونيوزيلندا واستراليا ولكن لتلك الدول ظروفها التي تختلف عنا. باعتبارك قارئا جيدا للتاريخ.. هل ترى أن هناك حقائق تاريخية يمكن أن تتعرض للتزييف؟ -هذه آفة مصرية، فالتاريخ القديم منذ الفراعنة يشهد على أن الحاكم الجديد يسعى دوما إلى إنكار فضل سابقيه وتشويه إنجازاتهم، بل إن بعضهم كان من الممكن أن ينسب إنجازات غيره لنفسه، فتزييف التاريخ أسلوب قديم وعتيق وموجود دائما في تاريخ البشرية، لكن ما تغير في الوقت الحالى أن العلم تطور وباتت هناك وسائل وأساليب تكنولوجية تجعل من الصعوبة أن يتم تزييف التاريخ والحقاق المعلومة والمعروفة للجميع. على ذكر دور مصر، هل لا تزال مصر تحتفظ بدورها الإقليمى، رغم ما تعرضت له خلال السنوات الخمس الماضية؟ - دور مصر الإقليمى والدولى صنعته أجيال متعاقبة جعلت منها دولة صانعة للقرار وموجودة على الساحة الإقليمية والدولية أيضا ولها وزنها ومن الممكن أن يكون أصابنا ضعف بعض الشيء نتيجة أعراض مرض زمنى سينتهى في الأيام المقبلة لتتعافى مصر وتعود إلى أحسن مما كانت عليه بفضل الله وأبنائها من العلماء والخبراء والسياسيين والمتواجدين في كل المجالات لرفع اسم مصر عاليا، وأنا أعلم تماما دور ووزن مصر في السنوات الماضية من خلال تواجدى في المحافل الدولة وسماعى لسيرة مصر القديمة والمصريين منذ عشرات السنوات لكن سنعود أيضا لأحسن من تلك السنوات بإذن الله. هل تنازلت مصر في فترات سابقة عن أجزاء من أراضيها وما ملابسات ذلك؟ - لو نظرت لخريطة مصر في الزمن القديم منذ ما يزيد على 100 عام مثلا ستجد أن حدود مصر تصل للشام والجزيرة العربية ونصف ليبيا وحتى إثيوبيا والسودان لكن للأسف كانت هناك اتفاقيات مهينة ومذلة للأرض المصرية مع المستعمرين والمحتلين ليتم التنازل عنها، هناك مثلا أزمة أرض أم الرشراش حيث حاربت مصر مع فلسطين في ظل وجود الأممالمتحدة ليتم توقيع اتفاقيات منها خرائط تؤكد تبعية أم الرشراش لغير مصر باعتراف الحكومة المصرية آنذاك وأنا أشعر أنه في يوم من الأيام ستعود أم الرشراش أرض مصرية. أما في أزمة طابا فهناك فرق كبير بينها وبين أم الرشراش فطول الوقت هي أرض مصرية سواء قبل أو بعد إنشاء دولة الاحتلال الصهيونى لكن توقيعنا على هدنة وقتها كان سببا في غيابها عن أرض مصر خاصة لالتزامنا باتفاقية كامب ديفيد، وفى أزمة أم الرشراش وطابا كانت معروفة أنها وثائق وخرائط مؤقتة لفترة زمنية معينة وتعود بعدها الأرض إلى مصر ولا أعرف لماذا لم تعد مرة أخرى ولماذا لا تتعامل الحكومات المتوالية والمتعاقبة مثل تلك الملفات بجدية؟ والتاريخ المصرى مليء بمثل تلك الأزمات فمثلا منطقة حلايب وشلاتين تطرق السودان للحديث عن تبعيتها لها وهذا غير صحيح على الإطلاق لأنها أرض مصرية لا جدال عليها ولا ينبغى الحديث في مثل تلك الأمور، لأن المعروف أن السودان من الأساس كانت جزءا من الأراضى المصرية هي ودولة إريتريا، وأيضا شمال إثيوبيا كان تابعا بأكمله لمصر أيضا، ولا ننسى على الإطلاق أيضا توقيع بطرس غالى على اتفاقية الإدارة المشتركة للسودان مع بريطانيا رغم أن بريطانيا لم تكن تعلم أين تقع السودان ولم يكن لها أي علاقة بها، وأيضا حدودنا مع ليبيا وواحة جغبوب وتنازلنا عنها للدولة الليبية في عام 1952 لكن ربما تلك التنازلات قديمة ومن المؤكد أنها غير قابلة للتكرار.