رئيس جامعة المنوفية يؤكد على جاهزية الكليات لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني    «الشيوخ» يوافق نهائيًا على تعديل قانون لإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية (تفاصيل)    براتب 20 ألف جنيه.. تعرف على فرص عمل للشباب في الأردن    رئيس الوزراء يقبل رأس ابنة أحد أفراد هيئة الإسعاف شهيد الواجب    63 ألف طالب بالصفين الأول والثاني الثانوي يؤدون امتحانات الرياضيات واللغة الأجنبية الأولى بالمنيا    الحصاد الأسبوعي لأنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي | إنفوجراف    رئيس الوزراء يؤكد سعى الدولة الدائم لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين    الببلاوي: غرفة عمليات متكاملة لمتابعة حجاج السياحة في مكة والمدينة    خبراء: "المسامير الصغيرة" تعرقل تصنيع هواتف آيفون في أمريكا    ل «حماية المعلومات السرية».. البنتاجون يتخذ قرارا بشأن الصحفيين المعتمدين    محافظ أسيوط يؤكد على دعم وتمكين الفتيات لممارسة الأنشطة الرياضية    محمد صلاح أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي للموسم الحالي    أحمد الكاس في قطر لحضور قرعة كأس العالم تحت 17 سنة    "مش هتنازل عن حق بنتي".. والد الضحية سما يطالب بالقصاص في واقعة انفجار الواحات    تخفيف الحكم من مؤبد للمشدد 15عاما لتاجر لقتله شخص بشبرا الخيمة    رئيس بعثة الحج الرسمية: وصول 6720 حاجا للمدينة المنورة    القبض على 4 أشخاص بتهمة سرقة المواطنين في القاهرة    «كان ياما كان في غزة» يفوز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان كان    «فركش».. دنيا سمير غانم تنتهي من تصوير «روكي الغلابة»    رسميًا.. إطلاق تطبيق إلكتروني لطب خدمات الإسعاف في مصر (تفاصيل)    الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل تطلق حملة «تأمين شامل.. لجيل آمن» بأسوان استعدادا لبدء التطبيق الفعلي للمنظومة في المحافظة 1 يوليو المقبل    مستقبل وريثة عرش بلجيكا في خطر.. بسبب أزمة جامعة هارفارد وترامب    وزير الداخلية اللبناني: الدولة لن تستكين إلا بتحرير كل جزء من أراضيها    بعد افتتاح الرئيس.. تفاصيل المرحلة الأولى من مدينة مستقبل مصر الصناعية| صور    القوات الروسية تتقدم في دونيتسك وتسيطر على بلدتين    موجة شديدة الحرارة.. تحذيرات من الطقس خلال ال 72 ساعة المقبلة    المتحدث العسكري: الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن بعد انتهاء زيارته الرسمية لدولة فرنسا    طاقم تحكيم مباراة البنك الأهلي والمصري في الجولة الثامنة للدوري    منى زكي تعود بشعر «كاريه» يثير إعجاب الجمهور    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    رئيس جامعة الأزهر: القرآن الكريم مجالًا رحبًا للباحثين في التفسير    13 لاعبة ولاعبًا مصريًا يحققون الفوز ويتأهلون للربع النهائي من بطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    لحظة أيقونية لمؤمن واحتفالات جنونية.. لقطات من تتويج بالأهلي ببطولة أفريقيا لليد (صور وفيديو)    جامعة سوهاج: اعتماد 250 مليون جنيه لفرش وتجهيز مستشفى شفا الأطفال    5 روتينات صباحية لصحة الغدة الدرقية بشكل طبيعي    محافظ أسيوط يزور جامعة بدر ويتفقد قافلة طبية مجانية ومعرضًا فنيًا لطلاب الفنون التطبيقية    وحدات تكافؤ الفرص بالشرقية تنظم 4 ندوات دينية توعوية وثقافية    تنويه للمسافرين.. تأخيرات في مواعيد القطارات تصل ل 90 دقيقة    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    صدقي صخر عن فيلم "ولا عزاء للسيدات": "جريء ومختلف"    تشكيل بيراميدز المتوقع أمام صن داونز بذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    وزيرة البيئة: نسعى لاتفاق عالمي عادل لمواجهة التلوث البلاستيكي يراعي خصوصية الدول النامية    ضبط 35.7 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    10 شهداء في قصف الاحتلال مدينتي جنوب قطاع غزة    لماذا يصل تأثير زلزال كريت إلى سكان مصر؟.. خبير فلكي يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    أحمد عيد يعود لتقديم الكوميديا السوداء في فيلم الشيطان شاطر    البابا تواضروس يترأس القداس من كنيسة العذراء بمناسبة يوبيلها الذهبي    اليوم.. أولى جلسات محاكمة 6 متهمين فى واقعة انفجار خط غاز الواحات    اليوم.. محاكمة متهمين ب«داعش العمرانية»    بكام الطن؟.. أسعار الأرز الشعير والأبيض اليوم السبت 24 مايو 2025 في أسواق الشرقية    عيد الأضحى 2025.. أسعار الخراف والماعز في أسواق الشرقية    د. هشام عبدالحكم يكتب: خد وهات.. لتبسيط المفاهيم الصحية    نبيلة مكرم عن أزمة ابنها: قررت اتشعبط في ربنا.. وابتلاء رامي كشف لي أنا جيت الدنيا ليه    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    القيعي: الأهلي لم يحضر فقط في القمة.. وقرارات المسابقة «توصيات»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احتلها الصهاينة عام 1949 وذبحوا وقتلوا 350 ضابطا وجنديا مصريا.. «أم الرشراش» مصرية.. لماذا الصمت؟!
نشر في الأهرام العربي يوم 18 - 06 - 2016


أحمد السيوفى
فى العاشر من مارس 1949 قام العقيد إسحاق رابين الذى أصبح رئيسا لوزراء الكيان الصهيونى فيما بعد، بقتل وذبح 350 فردا من جنود وضباط الشرطة المصريين الذين كانوا يسيطرون على قرية أم الرشراش، وسالت دماؤهم الطاهرة التى سفكتها العصابة الصهيونية التى كان يقودها واحد من أهم شخصيات تشكيل وإدارة دولة الكيان الصهيونى، وأحد أهم المسئولين الصهاينة الذين صافحوا الكثير من الحكام العرب فى أروقة كامب ديفيد وأوسلو ووادى عربة وغيرها.
وبرغم الجرائم الرهيبة التى ارتكبتها العصابات الصهيونية إبان احتلال أم الرشراش وقتل الجنود المصريين، واحتلالهم أرضا مصرية. فإن هذه القضية تم التكتم عليها باستثناء بعض الجهود الشعبية والوطنية التى حاولت استرداد الحق المصرى فى الأرض وحساب المجرمين عن الدم الذى سفك، فمثلا تشكلت الجبهة الوطنية لاستعادة أم الرشراش من عدد من الشباب الوطنيين عام 1997 بغرض فتح هذا الملف، وهناك من أقام دعوى قضائية لتحريك هذا الملف دوليا.
من خلال البحث فى هذه القضية وجدت بعض المهمومين الذين قاموا بالتنقيب لإثبات الحق المصرى، مثل الدكتور مصطفى النشرتى أستاذ الاقتصاد الذى لم يركن إلى تخصصه الاقتصادى، وإنما انشغل بهذه القضية، وأعد حزمة من الأبحاث والدراسات حولها، مصرا على أن جميع الدلائل تشير إلى مصرية أم الرشراش، كما رصد بعض المناطق الحدودية مع السودان وليبيا وغيرها الذى يصر على أنها مصرية.
ولم أستغرب بالطبع اهتمام المهندس أحمد بهاء شعبان، بقضية أم الرشراش، فهو جزء من الحركة الوطنية منذ أن كان طالبا فى كلية الهندسة فى حقبة السبعينيات، وأصبح رئيسا لأحد الأحزاب السياسية الحالية التى تمتلك رؤيا للقضايا الوطنية كما لم أندهش لاهتمام الأستاذ الدكتور عبد الله الأشعل أستاذ القانون الدولى ومساعد وزير الخارجية الأسبق الذى وضع ورقة بحثية حول أم الرشراش، وكذلك تيران وصنافير مبينا أنها مناطق مصرية.

أم الرشراش تاريخيا
وقبل أن نستطلع آراء المفكرين الثلاثة فإن القراءة التاريخية تشير بالفعل إلى مصرية هذه القرية، وقد تصفحنا عددا من الكتب والمراجع التاريخية، فالنتائج تشير إلى أن أم الرشراش أو المرشرش ترجع تسميتها إلى إحدى القبائل العربية التى قطنت بها فى العصر الإسلامى وسميت بمدينة الحجاج، وقد سقطت فى أيد الصليبين وحررها صلاح الدين الأيوبى وطردهم منها عام 1267م نهائيا وأقام السلطان الغورى عليها قلعة لحمايتها كميناء مهم لمصر، وظلت هكذا إلى أن تولى حكم مصر محمد على 1805 وثار على الباب العالى واستولى على الحجاز ونصب نفسه حاميا للحرمين الشريفين، ثم ثار صراع ما بين الدولة العلوية (محمد على) والدولة العلية (العثمانية) وبرغم أن الدولة العثمانية استردت الحجاز، فإن القوات المصرية ظلت موجودة بقلاع الحجاز والمويليح الوجه وقلعة العقبة وقلاع سيناء كقلعة النخيل لحماية درب الحجاج أو مدينة الحجاج، ولما أهمل درب الحجاج البرى عبر سيناء بعد تحوله للطريق البحرى، طالبت الدولة العثمانية محمد على بقلاع الحجاز فسلمها محمد على لهم، وكان آخرها قلعة العقبة. بعدها أصدر السلطان العثمانى عبد الحميد فرمانا بضم منطقة العقبة للأراضى الحجازية، وبقيت أم الرشراش وطابا ورأس النقب تحت الحكم المصرى، فيما سمى بفرمان 1892م، مع ولاية إبراهيم باشا. كما أصدر السلطان العثمانى فرمانا بأن تؤول ولاية مصر لأكبر أبناء محمد على من الذكور، مع إعطاء مصر حق إدارة بعض المدن الخارجة عن حدودها مثل العقبة وضبا والمويليح، لتأمين طريق الحج البرى، وظل الأمر كذلك حتى عهد الخديو عباس حلمى الثانى وأراد أن ينزع السلطان منه سيناء غير أن هذا الأمر لم يتم. وعلى إثر ذلك تم توقيع اتفاقية ترسيم الحدود عام 1906م، وعندما حدث انفصال للأردن عن الحجاز وأصبحت لها سيادة مستقلة، لم يتغير وضع الحدود مع مصر فكانت العقبة وأم الرشراش نقطتى الالتقاء ما بين مصر والأردن، وظل هذا الوضع حتى عام 1948 حيث قامت العصابات الصهيونية بالاستيلاء على أراضى فلسطين ثم اتفاق الهدنة فى 24 فبراير و20 يوليو سنة 1949 م. وبعد انسحاب الحامية الأردنية التى كانت خاضعة للجيش الإنجليزى، دخلت العصابات الصهيونية وقامت باحتلالها.

مصرية خالصة
فى البداية أجمل المهندس أحمد بهاء شعبان رئيس الحزب الاشتراكى المصرى القضية على النحو التالى إذ قال: قرية أم الرشراش هى مصرية خالصة بموجب فرمان رسم الحدود مع فلسطين سنة 1906م وأم الرشراش مساحتها كيلو متر ونصف الكيلو متر تقريبا وتقع بين مدينة العقبة الأردنية وطابا المصرية، أى تقع فى أقصى الجنوب من فلسطين، وبدأ احتلال أم الرشراش من قبل إسرائيل فى 10 مارس 1949م، حيث استغلت العصابات الصهيونية الهدنة وانسحاب القوات الأردنية بأوامر من بريطانيا، وباغتت الحراسة المصرية التى كان قوامها 350 ضابطا ومجندا من حرس الحدود وارتكبت مجزرة بشعة للغاية، حيث قامت بقتل جميع الجنود المصريين آنذاك ودفنهم فى مقابر جماعية اكتشفت عام 2005م، وبعد ذلك تم بناء إيلات على أنقاض قرية أم الرشراش سنة 1952م والتى تزعم إسرائيل أنها جزء من الأراضى الصهيونية المقدسة وأنه قد ورد اسمها بالتوراة فى خمسة مواقع، وهو محض افتراء، فقد أثبت اثنان من العلماء الإسرائيليين المتخصصين فى الجغرافيا وهما، إفرايم ومناحيم تلى، عكس ذلك فى كتابهما "معجم كل أراضى فلسطين" حيث أكدا أن المدينة المقدسة التى تسمى " أيلا " لا تمت بأى صلة للموقع الحالى لإيلات أوأم الرشراش، وإنما هى موقع يبعد نحو 9 كيلو مترات فى الداخل الفلسطينى وأنشئت عليه سنة 1918م مستعمرة تحصل عليها البارون مور سيرش، أحد الجنرالات الصهاينة.
ويقول المهندس بهاء شعبان: إذن أم الرشراش مصرية كاملة التبعية لمصر وتم اغتصابها بشكل ما، حتى يتسنى لإسرائيل وجود ممر مائى يطل على البحر الأحمر وإنشاء ميناء لأغراض الاستيراد والتصدير وتشييد مدينة سياحية ومطارين .
وعندما ننظر إلى خريطة أم الرشراش نجدها تقع على القمة الشمالية لخليج العقبة فهذه المنطقة على درجة عالية من الأهمية الإستراتيجية فمن يسيطر عليها، يسيطر على خليج العقبة ومن الناحية التجارية يصبح له منفذ على البحر الأحمر والارتباط بالشرق الأقصى ومن غيرها كان لا يمكن لإسرائيل أن يكون لها موطئ قدم على البحر الأحمر، وتوجد الآن دعوى قضائية مرفوعة برقم 29277 من أجل استعادة أم الرشراش ونطالب بتشكيل لجنة قومية عليا من الخبراء والقانونيين استعدادا لتقديم ملف أم الرشراش للتحكيم الدولى.
وعندما سألناه عن مستقبل القضية ورؤيته لها قال شعبان: أرى أننا كمصريين فرطنا كثيرا فى حقوقنا وأراضينا التى سلبتها إسرائيل، حيث سرقت ثروات سيناء على مدار سنوات الاحتلال من بترول ومعادن وآثار. ولم نطالب نحن بمليم من حقوقنا نظير تلك الثروات المنهوبة على الرغم من أن القانون الدولى يتيح لنا ذلك. أيضا نحن فرطنا فى دماء الشهداء المصريين الذين سقطوا فى 1956 و1967 ومنذ 10 سنوات نشرت إسرائيل فيلما عن أسر وقتل جنود مصريين ودفنهم فى حفر أحياء على يد السفاح شارون وحاولنا بكل الطرق أن ندفع الدولة بكل قوة لاتخاذ موقف من تلك الانتهاكات ولكنها رفضت وبشدة، والآن جاء الوقت لفتح ملف قضية أم الرشراش، فأنا لا أؤمن بوجود سلام مع مغتصبين وقتلة ولصوص.

بوابتنا الشرقية
أما الدكتور مصطفى النشرتى فقد شرح البعد التاريخى فقال: لقد بدأت القراءة فى هذا الموضوع منذ 15 عاما، وكانت هناك مؤشرات قوية على أن هذه القرية مصرية وبدأت أبحث فى التاريخ حتى فترة الصليبين فاكتشفت الخيط الأول عندما قام صلاح الدين الأيوبى بنقل المراكب إلى ساحل طابا وقام بتحرير أم الرشراش، لأنه لا يمكن احتلالها من البر، إذ إنها محاطة بسلاسل جبلية لا يمكن اختراقها، وبنجاحه فى استرداد قرية أم الرشراش وإنشاء قلعة جزيرة فرعون، استطاع هزيمة الصليبيين والقضاء على أسطولهم فى البحر الأحمر، فهذه كانت البداية التاريخية التى جعلتنى أتابع تلك القضية، وعندما نعود إلى تاريخ مصر المعاصر واستقلال مصر عن الدولة العباسية فى عهد الإخشيد، نجد أن مصر كانت مقسمة إلى كور أى محافظات بالمعنى الحديث، وكانت هناك كورة مدين وأيلا وهى أم الرشراش ومدين الساحل الشرقى لخليج العقبة. والأدلة التاريخية ثابتة حتى فى أيام المماليك وحتى هدنة سنة 1948م ولم تكن أم الرشراش ضمن خطوط الهدنة مع الجانب الإسرائيلى، وإنما كانت توجد بها قوة أردنية بقيادة إنجليزية وهذا الجيش انسحب فجاة وترك المصريين فى اشتباكات مع الجيش الإسرائيلى وقتل وأسر فى هذه المعركة 400 جندى وضابط مصرى، وظهرت المقبرة الخاصة بهم منذ قرابة ثلاث سنوات عندما كانوا ينقبون عن البترول ووجدوا بملابس الجيش المصرى ومعهم القرآن الكريم وفى حرب 1948 احتلتها إسرائيل وظلت منذ ذلك الوقت حتى اليوم تحت سيطرة إسرائيل، لكن فى الوثائق التاريخية هى أراض مصرية منذ آلاف السنين، ويوجد كتاب لمؤرخ يدعى "عز الحكم "صدر فى 600 ه و950 م بعنوان "فتوح مصر وأخباره" نجد فيه أن "أيلا" هى إحدى القرى المصرية التى يمر بها الحجاج المصريون فى طريقهم للمدينة المنورة كما يوجد كتاب "أطلس تاريخ الإسلام" الذى ذكر كل هذه الوقائع وخريطة الدولة الإخشيدية وخريطة الدولة الطولونية خريطة دولة المماليك والدولة الأيوبية، وحتى خرائط الصليبيين كل هذه الوثائق والمعلومات تؤكد أن قرية أم الرشراش مصرية 100%.
ويشير الدكتور النشرتى إلى أنه لا يوجد جديد فى الأفق حول مستقبل القضية، فمنذ مفاوضات طابا، وكما جاء على لسان الدكتور الباز فى ندوة له بجريدة «الأهرام» قال: إن مصر لديها ملف كامل يدعم حقها فى أم الرشراش، وأن الرئيس مبارك قد هدد إسرائيل أنه إذا لم ينته موضوع طابا فى الحال، فإنه سوف يقدم ملف أم الرشراش للتحكيم الدولى والحصول عليها. فضاعت القضية لأننا قد وقعنا اتفاقية السلام مع إسرائيل. لكن القانون الدولى يعتبر مثل تلك الحقوق، حقوقا للأمة، والأمة هى الأجيال الحالية والأجيال المقبلة. ومن حقهم المطالبة بها لأن حقوق السيادة لا تسقط بمضى المدة حسب القانون الدولى.
ومن زاوية القانون الدولى والموقف السياسى، يؤكد الأستاذ الدكتور عبد الله الأشعل أن أم الرشراش أرض مصرية خالصة وفقا لوثائق الأمم المتحدة وفى مذكرات السياسيين المصريين والإسرائيليين .
وقد ذكر العديد من المصادر أن أم الرشراش كانت تحرسها وحدة أردنية ضمن توزيع المجهود الحربى للدول العربية فى حرب 1948 باعتبار أنها قريبة من العقبة، لكن المصادر المصرية القديمة جميعها تؤكد أن أم الرشراش كانت قرية معزولة، وأن إسرائيل ظلت تحوم حولها لأنها كانت تريد لها مكانا على خليج العقبة، وقامت إسرائيل بطرد القوة المصرية الصغيرة التى كانت فى أم الرشراش، وكان من الواجب على القوات المصرية فى ذلك الوقت أن تمنع إسرائيل من الأساس من السيطرة على أم الرشراش حتى لا تجعل لإسرائيل موضع قدم فى البحر الأحمر، لكن مصر رأت أن ترسل جنودا إلى جزيرتى تيران وصنافير المصريتين لكى تمنع إسرائيل من المرور عبر مضيق تيران إلى البحر المتوسط، وهذه هى الغلطة التى دفعت مصر ثمنها كثيرا سواء فى المعركة الدبلوماسية فى الأمم المتحدة أم على الأرض فأم الرشراش مصرية خالصة.
كما يوجد لدى العديد من الإشارات الوثائقية التى تدل على كونها مصرية، منها على سبيل المثال قرار مجلس الأمن رقم 95 لسنة 51 بأن تمر إسرائيل من قناة السويس وكان بحكم القانون المصرى من المستحيل لإسرئيل أن تمر بقناة السويس كونها دولة عدوا وشاركت فى حرب 1948، وذلك بحكم المادة العاشرة من اتفاقية القسطنطينية، وبالتالى يحق لمصر أن تمنع إسرائيل من المرور بالمياه الإقليمية المصرية ومضيق تيران، لأنها مجاورة تماما للساحل المصرى.
وأشار الدكتور الأشعل إلى أن خطورة موقف جزيرتى تيران وصنافير بعد تسليمها للسعودية أن المملكة ليست لها أى قوة أو دور فى هذا الصراع، فبالتالى إسرائيل ملكت إيلات فى البداية وفى النهاية تيران وصنافير، وبالتالى تستطيع أن تضرب الجيش المصرى بجنوب سيناء بمنتهى السهولة وتوقف نشاط القناة.
ويعود دكتور عبد الله الأشعل إلى منطقة أم الرشراش أو ميناء إيلات طبقا للتزييف الإسرائيلى، مؤكدا أن هذه الميناء تمثل أهمية إستراتيجية لإسرائيل. وقد عمد الصهاينة إلى طمس أى بعد تاريخى للمدينة من خلال تزوير التاريخ فنجد فى الموسوعة الإسرائيلية أنها لا تذكر أى خلفية تاريخية لميناء إيلات الحديث أو المدينة قبل إنشائها عام 1952 على أشلاء أم الرشراش المصرية. وكل ما ذكرته تلك الموسوعة: "فى بداية الخمسينيات بدأت حركة التجارة فى الميناء وبعد تزايد حجم حركة المرور فى الميناء وتوقيع اتفاقيات تجارية مع دول فى الشرق الأقصى، تقرر بناء ميناء جديد جنوب الميناء الحالي. والتى بدأ البناء فيها عام 1962 وافتتح الميناء الجديد فى عام 1965. 25 أكتوبر 1966 كما افتتح رصيف جديد فى الميناء لتفريغ ناقلات النفط لنقل خط أنابيب النفط شمال".
وفى عام 2005 فى أعقاب إصلاح الموانئ الإسرائيلية تم إنشاء شركة حكومية وهى شركة ميناء إيلات المحدودة لخدمات الموانئ.
وفى عام 2010 قامت لجنة وزارية مشتركة بتخصيص الميناء لشركة بابو البحرية بحق انتفاع لمدة 15 عاماً قابلة للتجديد لمدة 10 سنوات إضافية، وبالفعل تم التخصيص فى عام 2011.
وفى أعقاب إغلاق قناة السويس أثناء حرب 67 زادت أهمية الميناء بشكل كبير كجسر بين الشرق الأقصى وإفريقيا وأوروبا، وقد بدأت حركة التجارة تنشط فى كل من ميناء إيلات وأشدود وحيفا، وعلى الرغم من توقيع اتفاقية السلام مع مصر والسماح بعبور البضائع الإسرائيلية من قناة السويس، فإن أهمية إيلات لم تقل فميناء إيلات تعتبر منافسا قويا لقناة السويس، حيث إن العبور من خلاله أرخص بكثير من قناة السويس 70% من السيارات التى تدخل إسرائيل من دول شرق آسيا تأتى عن طريق ميناء إيلات.
كما أن "إيلات" كما يطلق عليها الإسرائيليون هى شريان الحياة لإسرائيل، ولولا استيلاء الكيان الصهيونى على أم الرشراش، ما كان لهذا الكيان وجود على البحر الأحمر، كما يرى عدد كبير من المحللين السياسيين الصهاينة، منهم على سبيل المثال إيلى شيلر ومائير كوهين فى كتابهما "إسرائيل الإنسان والبحر والصحراء" أنه لولا السيطرة على أم الرشراش ما كانت توافرت أى فرصة لإسرائيل للنفاذ إلى شرق إفريقيا وتفعيل الدور الإسرائيلى مع كل من إريتريا وإثيوبيا وكينيا، كما تأتى أهمية هذه الميناء من وجهة النظر الصهيونية بأنها جعلتها دولة بحرية تمد نفوذها إلى المحيط الهادئ مرورا من البحر الأحمر وعبره. كما أنها حافظت على زعزعة ميزان القوى فى منطقة البحر الأحمر، حيث بوجود إيلات لا يصبح البحر الأحمر عربيا خالصا ونقطة يتحصن بها العرب، ولما كانت لديها ميناء على البحر الأحمر توفر له مرور نحو 40% من صادراته ووارداته.
كانت السطور السابقة رصدا تاريخيا وسياسيا وقانونيا لقضية أم الرشراش المصرية وكيف انتقلت إلى الكيان الصهيونى بالاحتلال والإجرام الغاشم، وتحولت إلى ميناء مهم إستراتيجية أطلقت عليها إسرائيل ميناء إيلات فأعطتها بعدا دينيا بجانب القيمة السياسية والاقتصادية والإستراتيجية، وسط غياب وتجاهل للدور العربى، وفى القلب منه الدور المصرى، حيث إن عودة أم الرشراش إلى حضنها المصرى أو العربى لو وافقنا على رواية السيد أبو الغيط وزير الخارجية الأسبق الذى يرى أنها أردنية، وكانت تخضع للسيادة الأردنية، فمن زاوية الأمن العربى يجب أن تعود إلى حضنها العربى لتغير من المعادلة بشكل كبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.