لماذا نغفل أهمية التواصل مع هذا الجيل من الشباب كوسيلة لأزمة لإنقاذه من عشوائية الفكر الضال المتطرف وضلالات الإرهاب وسمومه.. لماذا نتركهم للتجربة العشوائية والتشكيل العشوائي الذي يجردهم من الولاء والانتماء والمواطنة والاندماج والتسامح والتعايش السلمي والتفاعل والمشاركة في شئون هذا البلد.. لماذا لا نتذكر الشباب إلا في مناسبات انتخابية تشتد الحاجة إلى مشاركتهم فيها.. أتصور أن شبكة الإنترنت التي يحتفل العالم بمرور 25 عامًا على اعتمادها عالميًا كوسيلة اتصال عالمية حديثة هي المدخل.. وربما أهم أدوات التواصل مع الجيل الجديد؛ إذ يمكن اعتبارها "أيقونة العصر" وأهم منجزاته، وهي طريق المستقبل، فلم يعد في مقدور أحد الاستغناء عنها.. ومن ينكر ذلك فهو خارج سياق الزمن. لقد خلقت الإنترنت عالمًا افتراضيًا لا نهائيًا، وصارت أداة لتشكيل الوعي لدى قطاعات واسعة من المجتمع، وعيًا عالميًا عابرًا للقوميات والأعراق واللغات، وأحدثت نقلات نوعية وثقافية هائلة متحررة من شتى القيود، فعدد مستخدمي فيس بوك وحده تجاوز 1.7 مليار مستخدم حول العالم. كما لم يتوقع أحد هذا النجاح الذي حققه " تويتر" أحد منصات التواصل الاجتماعي الذي وفر طريقة مبتكرة في الاقتراب من المشاهير الذين كان الوصول إليهم مستحيلًا.. ناهيك عما ناله موقع "ماي سبيس" من شعبية طاغية منذ جرى إطلاقه كأول موقع إلكتروني متكامل يحمل فكرة التواصل الاجتماعي. للإنترنت قوة تأثيرية هائلة، يمكن اعتبارها "ديوان العصر" وهو ما تنبه له مبكرًا قادة وزعماء حرصوا على سرعة التواصل مع الجماهير من خلال مدوناتهم الشخصية، بعيدًا عن قيود البروتوكول والدبلوماسية.. وأبرز مثال لذلك الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ذلك الشاب الأسمر ذو الجذور الأفريقية التي اعتبرها كثيرون فالًا حسنًا للقضايا العربية الإسلامية لكنه –أي أوباما- في الواقع كان وبالًا ونذير شؤم عليها كأسوأ الرؤساء الأمريكيين مواقف تجاه العرب والمسلمين.. بيد أنه نجح بحسه السياسي منذ ترشحه للفترة الأولى في كسب قلوب الشباب وعقولهم، واستمالة فئات عريضة من المجتمع الأمريكي حتى ظفر بهذا المنصب الرفيع بفضل الإنترنت التي وفرت له بيئة مناسبة لطرح أفكاره ورغبته في التعبير وتحقيق الحلم.. تواصل أوباما عبر الفضاء الإلكتروني مع جمهوره.. ناقشهم.. أخذ منهم ورد عليهم حتى نجح في خلق مؤيدين مؤمنين بأفكاره قادرين على الوصول بها إلى كل مكان في أمريكا ثم جمعوا له تبرعات،وكثفوا الدعاية الانتخابية لبرامجه حتى جاءته رئاسة أمريكا طوعًا.. وحسم الإنترنت السباق الانتخابي لصالحه فترتين رئاسيتين متتاليتين بصورة لم يسبقه إليها غيره.