قد يُعتقد أن شبكات التواصل الاجتماعي التي حققت انتشارًا غير مسبوق مثل فيسبوك ستستمر متواجده علي الساحة الالكترونية. لكن سنن الحياة علي مدار التاريخ تقول إن ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع وأن لكل شيء نهاية كما له بداية وأن الإنسان من طبعه الملل من الأشياء وحب التجديد وهذه السنن تسري علي مواقع التواصل الاجتماعي أيضًا. وقد احتفل موقع فيسبوك بيوم ميلاده ال 12 في فبراير الماضي بعدما حقق أرباحًا تقدر بمليارات الدولارات ووّفر وظائف لعشرات الآلاف من الشباب حول العالم. ورغم هذا أعرب مؤسسه مارك تسوكربيرج عن مخاوفه من أتفه الأشياء وهي برامج منع ظهور الإعلانات التي يستطيع أي طالب ثانوي تصميمها بسهولة وقال إنها تمثل تهديدًا مباشرًا لصميم عمل الموقع. معركة مصيرية واليوم يقتحم آلاف المتطفلين الإلكترونيين الفيسبوك بعناوين بريد إلكتروني مؤقتة يتم إنشاؤها بالمئات في دقائق معدودة. كما يتحايل مستخدمون علي إدارة فيسبوك في توثيق الصفحات بتزوير بطاقات هوية وجوازات سفر لإثبات أنهم مالكين لمشروعات وهمية ومن ثم يبيعون هذه الصفحات الموثقة لمستخدمين آخرين يستغلونها في مشروعاتهم. وقد انتبه فيسبوك لذلك فأغلق توثيق الصفحات لبعض الدول . لكن مستخدمين تحايلوا أيضًا علي ذلك باستخدام برامج لتغيير عناوينهم الأي ليبدو وكأنهم متصلين من أي دولة أخري حتي الولاياتالمتحدة نفسها وما زالت المعركة قائمة بين الطرفين. اين ¢ماي سبيس¢؟ّ! وإذا عاد المرء بالزمن لأقل من عشرة أعوام فقط سيجد الكثير من شبكات التواصل التي لم يكن ليتخيل أن يأتي يوم وتنتهي. ففي بداية الألفية انتشرت شبكة ¢ماي سبيس¢ الأمريكية إلي أبعد حدود في العالم الغربي بخاصة كندا وأمريكا. وأخذت تتضخم حتي ¢انفجرت¢ وأصبحت أثرًا بعد عين لا يتجاوز موقع موسيقي قل من يزوره بل إن بعض المستخدمين ألغوا حساباتهم عليه نهائيًا. ويتفق جيمز هيرتز. الموظف السابق في ¢ماي سبيس¢ "تأسس عام 2003". مع ¢بيتر دنج¢ و¢يشان ونج¢ الموظفين السابقين علي أن ¢تضخم المزايا¢ في موقع فيسبوك "تأسس عام 2004" أحد أسباب التي تهدد بانهياره. فالتطوير المستمر للموقع مهم لانتشار المنتج -أي الموقع نفسه- لكنه في ذاته سبب رئيسي يدفع المنتج إلي حافة الانهيار. فبينما بدأ موقع ¢ماي سبيس¢ إضافة الكثير من عناصر واجهة المستخدم إلي الصفحات الشخصية والعامة والكثير من أدوات التخصيص وتغيير لون الخلفية وإضافة صورًا كثيرة وألوان باهرة. تشتت عين المستخدم لا تدري إلي أين تنظر .وأصبح التنقل بين صفحات الموقع مهمة ثقيلة علي عقل المستخدم الذي لا يعرف إلي أين يتجه بسبب كثرة الروابط من حوله فضلًا عن أن هذا الكم الهائل من البيانات أدي إلي تباطؤ تحميل الموقع حتي في الغرب الذي يتميز بالسرعات العالية للإنترنت. وبالمقارنة نجد أن موقع فيسبوك يأخذ المنحني نفسه فمنذ أن كان صفحة واحدة بسيطة أخد يضيف الأدوات والعناصر والإعلانات والأعمدة حتي أنه أضاف رموز المشاعر الأسبوع الماضي بجانب زر الإعجاب. غرف دردشة من الماضي قدمت شركة ياهوو الأمريكية علي مدار العقدين الماضيين منصتين للتواصل الاجتماعي وهما ¢غرف الدردشة العامة - ياهوو ماسنجر¢ و¢إجابات ياهوو¢. وقد حققتا نجاحًا كبيرًا وكان لهما الصدارة طوال أعوام متتالية لكن كل ذلك توقف في لحظة! أطلقت ياهوو برنامج الدردشة ¢ياهوو ماسنجر¢ في عام 1998 واستمر طوال 17 عامًا نموذجًا لعولمة الإنترنت وسهولة الاتصال بالغرباء من جميع أنحاء العالم حتي أعلنت الشركة إغلاق غرف الدردشة في ديسمبر 2012. وقد عانت غرف الدردشة في أواخر حياتها من مشكلات تقنية مثل التصدي للمتطفلات الإلكترونية "سبام بوت" وقد حاولت الشركة في عام 2008 التصدي لها بإدخال تقنية الكابتشا "التأكد من أن المستخدم بشري بإدخال رموز وأرقام لا يستطيع البرنامج المتطفل قراءتها" لكنها ما لبثت أن فشلت في بضعة أشهر. إجابات ياهوو - ويكيبيديا الشعبية وكذلك الحال مع ¢إجابات ياهوو¢ -وهي منصة لتبادل الأسئلة والإجابات- التي لم تستطع منافسة منصات شبيهة أخري مثل ¢كورا¢ و¢ريديت¢ ومن ضمن أسباب انهيارها ضعف رقابة إدارة الموقع علي أسئلة المستخدمين وإجاباتهم بعدما تضخم الموقع وعُدّ مستخدميه بالملايين حتي أن بعض الإجابات تبدو وكأن صاحبها كتبها وهو مخمور. لم تكن المشكلات التي أدت إلي اندثار هذه المواقع موجودة حين نشأتها لكنها تطورت بمرور الوقت حتي أصبحت عبئًا علي الشركات المالكة لها ففضلت إغلاقها بدلًا من محاولة إصلاحها أو مواكبة العصر وأجيال المستخدمين الجدد. فالتحدي قاس أمام فيسبوك وغيره ممن يستحوذون علي النصيب الأكبر من نسيج الشبكة العنكبوتية وفقط سيصمد الذي يستطيع مواكبة هذا العالم الرقمي الذي يتغير كل ساعة.