اقتراح بطرح عدد من الشركات الحكومية للاكتتاب العام بالبورصة أو بيعها لمستثمرين إستراتيجيين.. ومحافظ البنك المركزى يحذر من موجة «ارتفاع أسعار» وفد الصندوق يطالب مجلس الوزراء بإجراء تعديلات على برنامج الحكومة.. ويوصى بتخفيض الإنفاق العام على الأجور والتعويضات الممنوحة للعاملين بالجهاز الإدارى حالة من الترقب تسود الأوساط الاقتصادية في القاهرة بالتزامن مع بدء المفاوضات الرسمية بين الحكومة وبعثة صندوق النقد الدولى لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادى الذي وضعته الحكومة ووافق عليه مجلس النواب. وبمجرد الإعلان عن بدء الزيارة الرسمية لبعثة صندوق النقد الدولى مطلع الأسبوع الجارى، فرضت وزارة المالية سياجًا من السرية حول المفاوضات مع بعثة صندوق النقد الدولى، وتحديدا فيما يتعلق بالمطالب التي اشترط الصندوق تنفيذها للمضى قدمًا في المفاوضات وإتمام القرض، البالغ قيمته 12 مليار دولار على 3 سنوات، بنحو 4 مليارات دولار سنويًا، على أن تكون فترة السماح في حالة إتمام المفاوضات نحو 3.25 سنة، وفترة السداد 5 سنوات تبدأ فور انتهاء فترة السماح. من جانبه، كشف مصدر رفيع المستوى بوزارة المالية أن وفد صندوق النقد الدولى اطلع بشكل أساسى على برنامج الحكومة الذي وافق عليه مجلس النواب في العشرين من أبريل الماضى، وطلب من الحكومة إجراء عدد من التغييرات الهيكلية في برنامج الحكومة، على أن تستهدف تلك التغييرات تقليص عجز الموازنة والسيطرة على الدين العام، إضافة إلى تقليص الدعم وتعديل السياسة النقدية للوصول في النهاية إلى تعويم العملة المحلية (الجنيه المصرى) مقابل العملات الأجنببة. المصدر وثيق الصلة بمفاوضات بعثة صندوق النقد الدولى أكد أيضا أن وفد صندوق النقد الدولى أبدى ملاحظات جوهرية على برنامج الحكومة، وطالب بشكل رسمى الحكومة المصرية - ممثلة في وزارة المالية والبنك المركزى - بتنفيذ 5 مطالب رئيسية جاء في مقدمتها ضرورة العمل على تعديل خطة الحكومة خاصة فيما يتعلق بتخفيض عجز الموازنة، حيث أوصى الصندوق بضرورة اتخاذ الحكومة عددا من القرارات التي تستهدف تخفيض الإنفاق العام بالموازنة العامة للدولة، خاصة فيما يتعلق ببنود الأجور والتعويضات الممنوحة للعاملين بالجهاز الإدارى للدولة، وكذلك بنود الإنفاق على السلع والخدمات، بالإضافة إلى تقليص بنود الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية. وألمح المصدر -الذي رفض الكشف عن هويته- إلى أن الحكومة أبدت مرونة في التعامل مع بعثة صندوق النقد الدولى حول مطالب تخفيض الإنفاق العام للسيطرة على عجز الموازنة، لافتًا النظر في الوقت ذاته إلى أن ممثلى وزارة المالية أطلعوا «وفد الصندوق» على مزيد من التفصيل على التعديلات التي شهدتها الموازنة الجديدة من تقليص النفقات الحكومية بالمقارنة بموازنة العام المالى الماضى 2015/2016. وفيما يتعلق بالمطلب الجوهرى الثانى لبعثة صندوق النقد الدولى أشار المصدر إلى أن «بعثة الصندوق» طلبت بشكل مباشر من ممثلى وزارة المالية ضرورة العمل على زيادة الإيرادات العامة للحكومة، لافتًا في الوقت ذاته إلى إشادة وفد الصندوق بالتزام الحكومة بتنفيذ توجهات صندوق النقد الدولى فيما يتعلق بتطبيق ضريبة القيمة المضافة لتكون بديلًا لضريبة المبيعات، وكذلك إعداد مشروع قانون جديد للجمارك للحد من التهرب الضريبى وحماية الصناعة الوطنية، كما أشاد صندوق النقد الدولى بمشروع القانون الذي تعده وزارة المالية حاليًا بشأن إنهاء المنازعات الضريبية مع الممولين، وإعداد نموذج ضريبى موحد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. الملف الأكثر خطورة في المفاوضات مع بعثة صندوق النقد الدولى كان متعلقا بمطالبة مسئولى بعثة «الصندوق» بشكل واضح بضرورة تعويم قيمة الجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية، وهو الأمر الذي مثل صدمة كبيرة لمسئولى الحكومة والبنك المركزي، خاصة أن صندوق النقد الدولى سبق وأن طالب الحكومة بضرورة تخفيض قيمة الجنيه بنحو 25 % خلال المفاوضات مع الحكومة عام 2011 إبان تولى المجلس العسكري إدارة شئون البلاد عقب ثورة 25 يناير وهو الأمر الذي رفضه المجلس العسكري وأوقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولى في ذلك الوقت. ووفقًا للمصدر ذاته أبدى طارق عامر، محافظ البنك المركزى اعتراضا واضحًا لمسئولى بعثة صندوق النقد الدولى حول المطالب بتعويم الجنيه في الوقت الراهن، خاصة لما يمثله من خطوة كبيرة على المؤشرات الاقتصادية وفى مقدمتها التضخم، بدعوى أن تعويم الجنيه سيؤدى إلى زيادة كبيرة في أسعار السلع والخدمات، ما يؤثر سلبيًا على معدلات الإنتاج والتشغيل ومعدل نمو الاقتصاد المصرى. وبرر مسئولو بعثة صندوق النقد الدولى اشتراطهم حدوث "التعويم" الكامل لسعر صرف الجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية إلى ما وصفوه بأنه غير المعقول جنى ثمار الإصلاحات الاقتصادية ببرنامج الحكومة في الوقت الذي تداول فيه الدولار الامريكى بالسوق السوداء بأعلى من السعر الرسمى بنحو 50 %. المحور الثالث من اشتراطات مسئولى بعثة صندوق النقد الدولى تضمن ملاحظات «الصندوق» على نسبة ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالي، والتي من المقرر أن تتجاوز حاجز ال 95 % بنهاية السنة المالية الحالية، حيث اشترط «الصندوق» ضرورة الحد من اعتماد الحكومة على الاقتراض لتمويل عجز الموازنة، بما يستوجب - وفقًا للصندوق - ضرورة البحث عن مصادر تمويل منخفضة التكلفة واقترح على الحكومة التفكير جديًا في طرح سندات دولارية في الأسواق العالمية بضمان الحكومة المصرية، والحد من طروحات أذون وسندات الخزانة لتمويل عجز الموازنة، وهو ما يتسبب في إحجام البنوك عن إقراض القطاع الخاص. المحور الأكثر خطورة في المفاوضات مع بعثة صندوق النقد الدولى -وفقًا لما وصفه المصدر المطلع - فكان في تأجيل طلب تخفيض الدعم، واقتراح طرح عدد من الشركات الحكومية للاكتتاب العام بالبورصة، أو بيعها للمستثمرين أو لإستراتيجين مع احتفاظ الحكومة بحصة غير حاكمة بالشركات، وذلك لحين إجراء بعثة صندوق النقد الدولى لزيارة عدد من الوزارات الخدمية والاقتصادية من بينها التموين والتجارة والصناعة والتخطيط التعاون الدولى، والكهرباء والطاقة، الاستثمار، قطاع الأعمال العام، خاصة وأن زيارة وفد صندوق النقد الدولى تمتد لنحو أسبوعين. تجدر الإشارة إلى أن المفاوضات الجارية بين الحكومة وصندوق النقد الدولى تعد الثالثة منذ ثورة 25 يناير عام 2015، حيث سبق وأن رفض المجلس العسكري اشتراطات مسئولى صندوق النقد الدولى لإقراض مصر نحو 3.2 مليار دولار، كما توقفت المفاوضات مع صندوق النقد الدولى إبان تولى الرئيس المعزول محمد مرسي والذي طلب من الصندوق قرضًا بنحو 4.8 مليار دولار، وتوقفت المفاوضات مع «الصندوق» عقب ثورة 30 يونيو والإطاحة بالرئيس المعزول وجماعة الإخوان الإرهابية من السلطة.