يشعر الكثير من الآباء بالصدمة وخيبة الأمل اذا شُخص طفلهم بمتلازمة داون. وبعد التغلب على الصدمة الاولى يجد معظمهم ان الطفل هو مثل اي طفل آخر، جميل وخاص، يحتاج الى كل الحب والرعاية التي يحتاجها الاطفال في مثل عمرهم. تُعرف متلازمة داون بأنها مرض ينجم عن تشوه جيني يسبب تأخرا في النمو البدني والعقلي. ووفقا للجمعية الوطنية لمتلازمة داون، فإن هذا التشوه واحد من أكثر التشوهات الكروموسومية شيوعا، وذلك لحدوث حالة من بين كل 800 الى 1000 طفل. ويوجد في اميركا فقط اكثر من 350 الف شخص مصاب بهذا المرض، مع وقوع حالة بين كل 800 مولود، في حين ان الارقام في بريطانيا تبين ان حوالي 600 طفل يولدون سنويا بمتلازمة داون، اي حالة في كل 1000 ولادة.. اكتشف الطبيب البريطاني جون لانجدون داون المرض في عام 1887، وسميت متلازمة داون من بعده. ولكن لم يعرف السبب الحقيقي للمرض الا في عام 1959. متلازمة داون الآن معترف بها كواحدة من الاحتياجات الخاصة التي يمكن ان تؤثر على الناس. وفي عام 2006، خصصت المنظمة العالمية لمتلازمة داون 21 مارس كيوم عالمي لمتلازمة داون. وفي هذا اليوم تنظم وتشارك المنظمات المتخصصة بمتلازمة داون في جميع انحاء العالم في مناسبات مختلفة لرفع مستوى الوعي العام بمتلازمة داون. سبب متلازمة داون * يتكون جسم الانسان من خلايا، وكل خلية لها نواة في المركز حيث يتم تخزين الجينات. فالجينات تحمل الرموز المسؤولة عن كل الخصائص الموروثة، وتتجمع في شكل يشبه القضيب، تعرف باسم «الصبغيات» (كروموسومات). عادة يرث الطفل المعلومات الوراثيه من الاب والام على حد سواء في شكل 46 كروموسوما، 23 من الام، ومثلها من الأب. وتحدث متلازمه داون بعد أن تبدأ الخلايا فى الانقسام بعد إخصاب البويضة مباشرة فى الرحم، فالخلايا الطبيعية تحتوي على 46 كروموسوما، ويحدث خلل في انقسام الكروموسوم رقم 21 عند الاطفال المصابين بمتلازمة داون. يتم اكتشاف أن الطفل مصاب بمتلازمة داون مباشرة عند الولادة, ويجب أن يتم البدء بتقديم الخدمات لهؤلاء الأطفال بمجرد أن يتم التشخيص. تعد برامج التدخل المبكر للتعامل مع أي طفل لتحقيق الحاجات الجسدية والتطور التواصلي واللغوي والتطور الاجتماعي والعاطفي . ويكون التدخل من عمر ( 0 - 2 سنة ) تدخلا" مبكرا" يهدف إلى الوقاية و تخفيف الآثار المتوقعة و ذلك استعدادا" للمستقبل , ويتم التركيز خلال هذه الفترة على الإرشاد الأسري و/ أو التعامل المباشر مع الطفل.
التقييم النطقي واللغوي - من عمر ( 0 - 2 سنة : ويشمل التقييم النطقي واللغوي والتدخل المبكر خلال السنتين الأوليين لأطفال متلازمة داون على ما يلي: o قياس السمع. o تقييم مهارات الأكل والشرب والرضاعه ومشاكلها . o وسائل التواصل المساعدة - فالتواصل لا يشمل اللغة والنطق فقط ولكن أيضا" جميع وسائل التواصل من تعابير الوجه والابتسام والحركات والإشارة, والهدف من الاتصال كما هو معروف هو أن يفهم الناس بعضهم بعضا" و أن يتم ذلك بفعالية.. o تنمية جميع المهارات الحسية واللمسية والتغذية الراجعة الحسية..
برامج التدريب من عمر ( 0 - 2 سنة : وتعتمد برامج التدريب من عمر ( 0 - 2 سنة ) في الغالب على المنزل حيث يقوم الاختصاصين بعمل جلسات تدريبية للأهل, ويشمل التدريب غالبا" الاستثارة الحسية حيث يكون لدى معظم الأطفال ذوي متلازمة داون مشاكل باللمس و بالتالي قد يرفضون تفريش أسنانهم و/ أو قد يكون لديهم تفضيل لبعض الأطعمة أو الكثافات المعينة من الأطعمة أو الأطعمة المخلوطة معا". ويعرف ذلك بحساسية اللمس ( Tactile Defensiveness ) وباستخدام التدريبات الحركية الشفية ( Oral - Motor Exercises ) تصبح حساسية الفم و الشفتين و اللسان أفضل , مما يمكن هؤلاء الأطفال من التحسن التدريجي. ويمكن عند ذلك أن تتحسن قدرتهم على المناغاة وإصدار الأصوات. ورغم الصعوبة فإنه غالبا" ما يعتمد 95 % من أطفال متلازمة داون على الكلام كوسيلة تواصل أساسية. بينما قد يحتاج بعضهم إلى وسائل تواصل انتقالية ( لغة الإشارة - لوحات التواصل - أنظمة اتصال بالكمبيوتر - لوحات إلكترونية أو كهربائية ) لحين توفر القدرة على الاعتماد على الكلام .
التعامل مع تنمية جميع المهارات الحسية واللمسية: وينبغي كذلك التعامل مع تنمية جميع المهارات الحسية و اللمسية و التغذية الراجعة الحسية ومن ذلك :- o تنمية المهارات السمعية حيث يكثر احتمال الإصابة بالتهابات الأذن الوسطى ووجود سوائل بالأذن رغم عدم وجود مظاهر التهاب الأذن . o التأكد من عدم وجود مشاكل بالأكل والتعامل معها إن وجدت . o التأكد من عدم وجود مشاكل تنفسية والتعامل معها إن وجدت . o تنمية المهارات البصرية . o تنمية المهارات اللمسية . o تنمية مهارات التمييز السمعي . o تقوية الذاكرة .
برامج التدريب بعد الثالثة من العمر: وعندما يبلغ الطفل السنة الثالثة من العمر وما فوق يصبح التدخل والتعامل من المشكلات التي يواجهها الطفل مباشرا", وفي الغالب ليس هنالك نمط معين للمشاكل النطقية واللغوية خاصة بذوي متلازمة داون ولكن يلاحظ أن معظم مشاكلهم تعبيرية أكثر من كونها استيعابية, وتكون المفردات أسهل من النحو في الاكتساب والاستعمال.. كما أن لدى بعضهم مشاكل في تسلسل الأصوات في الكلمات وكلما كانت الكلمات أطول كلما كانت الصعوبة أكثر , كما أن لدى معظمهم مشاكل في وضوح الكلام - فهم الآخرين لهم - وهذا عائد في الغالب إلى عدم وضوح مخارج الأصوات واستمرارهم في تطبيق بعض العمليات الصوتية مثل حذف مقطع و المماثلة ( Assimilation ) , كما أن لدى الكثير منهم مشاكل في التمييز السمعي مما يؤثر على سماعهم لأنفسهم و الآخرين و تصحيح أخطائهم ( التغذية الراجعة) , مثل التمييز بين المجهور و المهموس ( س - ز / ت - د ) . كما قد تظهر لدى البعض منهم مشاكل في الطلاقة ( التأتأة ). وينبغي لفت الانتباه إلى أن مستوى نطق و لغة الطفل تكون مناسبة لعمره العقلي و ليس لعمره الزمني . كما لا يخفى أن كل طفل هو حالة خاصة لها فرديتها, و لكن عموما" هناك خطوط عامة مشتركة , و لذلك يكون إعداد برنامج التدريب فرديا" حسب نمط المشكلة و احتياجات كل طفل على حدة .
البرنامج المنزلي: ينبغي إدراك أن الأسرة يجب أن تشترك وتكون جزءا من البرنامج, و هذا يشمل الأخوة و العائلة الكبرى الممتدة و الأصدقاء والمعلمات, حيث يتعلم الطفل الاستعمالات اللغوية من أنماط الحياة اليومية حيث توفر الأسرة و الأصدقاء أجواء حقيقية للطفل, ويشاركونه في الحديث, ويساعد اختصاصي النطق و اللغة كل طفل في تسهيل عملية التواصل بفاعلية بشكل مباشر أو إعداد برنامج منزلي لتطبيقه في المنزل أو الاثنين معا. التدريب النطقي واللغوي: إن التدريب النطقي واللغوي يعد لكل طفل حسب حاجاته الخاصة ويتم التركيز على الأمور التالية:- تمرينات تحضيرية لمحايدة الإحساس . تمرينات تحضيرية لأعضاء النطق (حركية وشفية). تنمية مهارات الحضور والانتباه والتركيز وإطاعة الأوامر. التكامل الحسي لجميع الحواس. مهارات ما قبل اكتساب اللغة. زيادة المفردات . تنمية اللغة الاستقبالية. تقوية الذاكرة السمعية ومهارات التمييز السمعي . زيادة طول الجمل. استعمال اللغة بشكل صحيح في التواصل الاجتماعي. ثم العمل على وضوح الكلام بشكل يناسب قدرة كل طفل أقصى ما يمكنه تحقيقه من تقدم. وينبغي دائما" التذكير بأهمية البدء بالتعامل المبكر مع الطفل, أي بمجرد الاكتشاف أو في أقرب وقت متاح للبدء بالتحضير والتدريب.