* «ونوس» و«أفراح القبة» أفضل مسلسلات رمضان الماضي * الجزء السادس من «ليالي الحلمية» نبش للقبور والرقص على جثث الناس * صنبور الدراما أغرقنا بسيل من الأميين بلا موهبة أو دراسة * مؤلف «جراند أوتيل» اعترف بسرقته من مسلسل إسباني والصحافة ب«تهلله» * كيف يحصل «رمضان» على أجر 25 مليون جنيه * سوق الإنتاج الفني الآن يخضع لذوق الجماهير * إنتاج الحبكة الدرامية «موهبة».. وكتابة السيناريو ليست شغلانة «الميكانيكية» * مسلسلات الشذوذ والخيانة يكتبها «أشباه الكتاب» يرى الكاتب والسيناريست "عاطف بشاي" أن الدراما التليفزيونية في شهر رمضان خلال الخمس سنوات الأخيرة، تشهد خليطًا ملحوظًا من جرائم القتل والعنف والخيانات الزوجية والشذوذ والإدمان، والتدنى القيمى والأخلاقى بشكل مثير، يجعلنا نطالب أساتذة علم النفس والاجتماع تفسير ذلك. وحمل بشاى في حوار ل "فيتو" المؤلفة مريم ناعوم مسئولية تدنى الأعمال الدرامية بسبب تبنيها ما يسمى «ورش السيناريو»، مشيرًا إلى أن كتابة السيناريو فن فردى كالرواية والقصة القصيرة، موضحًا أن الإعلان والتسويق هما من يتحكمان في مضمون الأعمال التليفزيونية، وأننا نعانى الآن من غياب النقاد الحقيقيين ويغمرنا أشباه الكتاب.. وإلى نص الحوار: بداية..ما رأيك في دراما رمضان هذا العام؟ دراما رمضان بشكل عام لم تختلف كثيرا عن دراما السنوات السابقة، حيث حدث تغيير غريب للغاية في المجتمع المصري، والذي انعكس بدوره على الفنون بشكل عام والدراما التليفزيونية بشكل خاص، هذا التغيير يحتاج إلى دراسات نفسية واجتماعية، قبل الحديث عن الفن، من قبل أساتذة علوم الاجتماع والنفس. وما هذا التغيير الذي طرأ على الأعمال الدرامية؟ من الواضح أن مجتمع الدم والجريمة والقسوة والعنف وتناثر الدماء والخيانات الزوجية والشذوذ والإدمان وكل المظاهر البشعة، مكتظة بشكل غير عادى في الدراما التليفزيونية منذ نحو ثلاث أو أربع سنوات، وهذا مؤشر خطير جدا، يلزمنا بمعرفة الأسباب الحقيقية وراء ذلك، بالإضافة إلى أن السلم القيمى والأخلاقى قد تغير في المجتمع تغيرا كاملا، ونستطع أن نلمس ذلك من خلال كم البذاءات والألفاظ الخارجة بشكل سافر، وفى نفس الوقت غياب الرقابة على المصنفات والفنية والأعمال الدرامية، والتي لم يعد لها وجود، فالمشاهد يرى جرعات مكثفه من الشذوذ الجنسى والألفاظ البذيئة، حتى في المسلسلات الجيدة التي لها قيمة، هذا على خلاف المسلسلات السيئة التي لا هدف لها أو مضمون، وبالقياس نجد مسلسلين فقط خلال الكم الإنتاجى الرمضانى لهذا العام ويمكن مشاهدتهما، هما مسلسل «ونوس» للفنان يحيى الفخرانى ومسلسل «أفراح القبة» للفنانة منى زكى، واللذان عليهما الكثير من الملاحظات أيضًا. وما تفسيرك لاستمرار تدنى الأعمال الدرامية وصولا ل«الإعلان» هذا العام؟ احتوى الإعلان هذا العام على إيحاءات وألفاظ خارجة، لم نعهدها من قبل، وأشعر أن ما يحدث الآن على شاشات القنوات الفضائية، هو إصرار على تنفيذ لما كان يروجه جماعة الإخوان خلال حكمهم للدولة من تحريم الفن والآداب والثقافة وكره المرأة والجمال والنماء وأسماء الشجر، وفقا لثقافاتهم وفتواهم المسمومة، الذين كانوا يبررون كرهم للفن بدفاعهم عن الأخلاق والحفاظ على المجتمع من شرور الفن، وأرى أن القائمين على الأعمال الدرامية هذا العام رسخوا تلك الفكرة عند قاعدة عريضة من الجمهور، الذي يشاهد هذا الكم من البذاءات وانعدام المضمون القيمى والأخلاقي، فمن المنطقى أن يتأثر ويردد ما يروجه الإخوان عن الفن، والمسألة هنا خطيرة للغاية. خلال السنوات الماضية اتسم رمضان بعدد من الأعمال التاريخية والدينية.. فلماذا غابت هذا العام؟ المسألة لا تقاس كذلك، فقد حدث تطور مزعج جدًا، والجمهور لن يشعر بتفاصيله، ولا يستطع فهم دنيا مجتمع الفن الحالي، والتي تعتمد فيه الأعمال الدرامية على التسويق فالإعلان الآن أصبح سيد الموقف، وكما رأينا في مسلسل «ونوس» صاحب القناة الفضائية فعندما يجد المذيع يفشل في استقطاب الإعلانات فيستبدله بآخر هو وبرنامجه، وهذا يحدث الآن في الدراما، فإنتاج المسلسل الآن يعتمد في الأساس على ضمان عرضه على إحدى القنوات الفضائية، والمرتبط بالإعلانات المرتبطة بدورها بالبذاءة، فكلما كان العمل يحتوى على مشاهد جنسية مثيرة وشاذة، كلما زادت الإيرادات، وأبسط مثال أمامنا محمد رمضان فنان يرتكب أعمال العنف من قتل وبلطجة حاملا السنجة والمطواة طوال الوقت دون قيمة فنية للعمل الذي يقدمه، وعندما نتعجب ونتساءل كيف يحصل على أجر 25 مليون جنيه، يأتى الجواب مباشرة بأنه يحقق إيرادات عالية على شباك التذاكر من خلال الإعلانات، وأصبح سوق الإنتاج الفنى الآن يتحكم فيه ذوق الجماهير، حيث إننا نعانى من أزمة تذوق، بالإضافة إلى الإعلانات. البعض رأى أن «ليالى الحلمية-ج6» شوهت الملحمة القديمة.. فما رأيك؟ الجزء السادس من مسلسل «ليالى الحلمية» مرتبط بقضية أخرى، فالمشاهدون يبدو أنهم فهموا أن هذا الجزء ليس روح العبقرى أسامة أنور عكاشة، وهناك غلطة كبرى للأسف مشترك فيها النقاد والمجتمع الفنى بشكل عام، أنهم يعتقدون أن كتابة السيناريو هي «صنعة» بمعنى أنه يمكن تعلمها كمهنة الميكانيكى الذي يبدأ صبيا صغيرا ثم يصبح "أسطى"، وهذه كارثة، لأنهم لم يفهموا أن السيناريو فن مستقل يعتمد على الموهبة في الأصل، وشأنه شأن الفن التشكيلى والشعر والرواية وكل الفنون، ثم علم يدرس في المعاهد المتخصصة وفى النهاية يصبح تكنيكا أو حرفة، والتدنى الحادث في كتابة نصوص الأعمال الدرامية منذ فترة، نتيجة انسياق عدد من المنتجين وراء دعوة رديئة بدأتها «مريم ناعوم» عندما أطلقت ما يسمى «بورش كتابة السيناريو» حيث تأتى بعدد من الكتاب ويكتبون العمل سويا، على الرغم من أن فن كتابة السيناريو هو فن فردى شأنه شأن فن الرواية والقصة القصيرة والشعر أيضا، فليس من المنطق أن يستقطب نجيب محفوظ عددا من الكتاب ليكتبوا معه رواياته؟! وكيف أثر ذلك في كيان ووحدة العمل الدرامى وخصوصا «ليالى الحلمة-ج6»؟ عندما وصل إلى منتج العمل مفهوم استعادة الروح عن طريق الكتابة المشتركة، فما الذي يمنع إذا من استحضار فكر وفلسفة وثقافة وعمق رؤية وأيديولوجيا أسامة أنور عكاشة رحمة الله عليه، بالإضافة إلى موهبته العظيمة، دون إدراك المنتج أن السيناريو يحمل شخصية وروح صاحبه وليس مجرد ورشة تنتج أعمالًا مستنسخة باهتة، ففقد الجزء السادس من «ليالى الحلمية» روحه ومكانته عند المشاهدين، وأرى أن ما يحدث هذا نوع من نبش القبور والرقص على جثث الناس، فالإضافة إلى إنكار فكرة أن كتابة السيناريو هي موهبة وفن، والسبب الأساسى في تدنى الأعمال الدرامية هي كتابة الورش، حيث شبهها وحيد حامد في عبارة بليغة قائلا «هذا نوع من جلباب المجذوب» إشارة إلى ورش كتابة السيناريو، وهى دليل على ضعف موهبة الكاتب الرئيسى للعمل. بعض الفنانين رأوا أن دراما رمضان لعام 2016 شوهت تاريخ الدراما المصرية.. فما تعليقك؟ يستطع المشاهد معرفة ذلك بسهولة، إذا شاهد قناة ماسبيرو زمان، وشاهد رواد الدراما التليفزيونية الحقيقية، وإنتاج أسامة أنور عكاشة ويسرى الجندى وجلال عبد القوى ويحيى العلمى ومحمد فاضل وإسماعيل عبد الحافظ في الإخراج، بالإضافة إلى هذا الصنبور الذي فتح وأغرقنا بسيل من الكتاب الأميين الذين بلا موهبة ودراسة، وسيطروا على الشاشة منذ خمس سنوات تقريبا، وهذا هو السبب الرئيسى لتدهور مستوى الدراما، وهنا أنا لست ضد شباب الكتاب المبدعين من أمثال محمد أمين راضى وعبد الرحيم كمال. وهل الإنتاج المشترك بين الدولة وشركات الإنتاج الخاص يحل الأزمة؟ إلى حد كبير، ولكن الأصل في الأزمة هم كتاب السيناريو أنفسهم، ونجد كارثة هذا العام بأن أحد كتاب السيناريو قام بنقل مسلسل بأكمله «جراند أوتيل» مشهد مشهد وكلمة كلمة عن مسلسل إسبانى ويعترف بذلك، وهذا الكاتب استولى على إنتاج غيره ثم وضع اسمه على العمل وقبض الثمن، ومع ذلك نجد في نفس الوقت الصحافة ب«تهلله» وهذا يجعلنا ندرك أننا أمام أزمة نقد حقيقية ولا يوجد لدينا نقاد حقيقيون في البلد. الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية ل "فيتو"