الإعاقة السمعية «هي تباين في مستويات السمع التي تتراوح بين الضعف البسيط فالشديد جدا، تصيب الإنسان خلال مراحل نموه المختلفة».. وهي إعاقة تحرم الفرد من سماع الكلام المنطوق مع أو بدون استخدام المعينات السمعية وتشتمل الأفراد ضعيفي السمع والأطفال الصم. يشير عبد الرحمن سليمان (1995) ومحمد علي كامل (1996) مع غيرهما ممن سبقوهما في تحديد مفهوم الإعاقة السمعية عندما أكدا على أن "الأصم هو ذلك الفرد الذي يعاني من اختلال في الجهاز السمعي يحول بينه وبين اكتساب اللغة بالطرق العادية وأن مثل هذا الفرد يكون قد فقد القدرة السمعية قبل تعلم الكلام أو الذي فقدها بمجرد تعلم الكلام نتيجة لحدوث عطل فيها".
وهناك من يضع في اعتباره العمر الزمني حالة تحديده لمفهوم الإعاقة السمعية، ومن بين هؤلاء زينب شقير (1999) حيث ترى أن الأصم هو ذلك الطفل الذي فقد قدرته السمعية في السنوات الثلاث الأولى من عمره، الأمر الذي أدى إلى عدم قدرته على اكتساب اللغة. وقد عرض المتخصصون في مجال الإعاقة السمعية لعدد من التصنيفات، ويمكن عرضها حسب التالي:
- العمر عند الإصابة. – موقع الإصابة.
أولا: من حيث العمر عند الإصابة: وتنقسم إلى ما يلي:
- إعاقة سمعية ولادية Congenital: أي أن الفرد قد ولد وهو ضعيف السمع منذ لحظة ولادته الأولى. - إعاقة سمعية ما قبل تعلم اللغة Prelingnal: أي الإعاقة التي تحدث عند الفرد قبل تعلم اللغة واكتسابها أي ما قبل سن الثالثة من العمر، ويتميز أفراد هذه الفئة بعدم القدرة على الكلام لأنهم لم يتمكنوا من سماع اللغة. - إعاقة سمعية بعد اللغة: وهي تشمل الأفراد الذين أصيبوا بها بعد تطور الكلام واللغة لديهم. - إعاقة سمعية مكتسبة: وتشمل الأفراد الذين فقدوا حاسة السمع بعد الولادة وفقدوا قدراتهم اللغوية التي كانت قد تطورت لديهم إذا لم تقدم لهم خدمات تأهيلية خاصة.
ثانيا: من حيث موقع الإصابة: وتقسم إلى ما يلي: - إعاقة سمعية توصيلية Conductive: تكمن المشكلة في هذه الحالة في عملية توصيل الصوت إلى الأذن الداخلية بسبب مشكلات في الأذن الخارجية أو الأذن الوسطى، ومن هذه المشكلات وجود : الصملاخ، المادة السمعية في الأذن وتراكمه، الأمر الذي يحتاج إلى إزالته أو بسبب الالتهابات المسببة عن الفطريات أو البكتيريا، ومن الأدوية المستخدمة لهذه الغاية قطرات للأذن منها قطرة تسمى Cocatrime view form ، وذلك للقضاء على الفطريات في الأذن وعادة ما يشكو المريض من حكة مصاحبة لوجود الفطريات وقد يحتاج الفرد بعد إجراء فحص تخطيط السمع إلى بعض المعينات السمعية (سماعة الأذن).
- الإعاقة السمعية الحسية العصبية: تكمن المشكلة في الأذن الداخلية والعصب السمعي وإخفاق هذه الأذن في استقبال الصوت أو نقل السيالات العصبية عبر العصب السمعي إلى الدماغ ولا تكون الإعاقة فقط في تخفيف شدة الصوت بل في تشويهه لذلك يدرك الفرد أصواتا مشوشة وهذا النوع من الخلل ليس قابلا لتصحيح بالإجراءات الطبية والجراحية ولا فائدة وتضخيم الصوت عن طريق السماعة. - الإعاقة السمعية المركزية:
تكمن المشكلة في هذه الحالة في التفسير الخاطئ لما يسمعه الإنسان بالرغم من أن حاسة سمعه قد تكون طبيعية والمشكلة تكون في توصيل السيالات العصبية من جذع الدماغ إلى القشرة السمعية الموجودة في الفص الصدغي في الدماغ، وذلك نتيجة وجود أورام أو تلف دماغي والمعينات السمعية في هذا النوع تكون ذات فائدة محدودة.
ثالثا: من حيث شدة فقدان السمع: وتقسم إلى ما يلي:
- الإعاقة السمعية البسيطة جدا: يتراوح الفقدان السمعي ما بين (27- 40) ديسبيل، وأهم ما يميز هذه الإعاقة لدى صاحبها صعوبة سماعه للكلام الخافت أو عن بعد أو تمييز بعض الأصوات ولا يواجه الفرد صعوبات تذكر في المدرية وقد يستفيد من المعينات السمعية والبرامج العلاجية.
- الإعاقة السمعية البسيطة: يتراوح فقدان السمع في هذه الحالة ما بين (41- 55) ديسبيل، ويفهم صاحب هذه الإعاقة كلام المحادثة عن بعد (3- 5) أمتار وجها لوجه ويفسر الطالب 50% من المناقشة الصفية، إذا كانت الأصوات خافتة أو بعيدة ويكون ذلك مصحوبا بانحرافات في اللفظ أو الكلام ويحتاج الفرد إلى خدمات التربية الخاصة.
- الإعاقة السمعية المتوسطة: يتراوح فقدان السمع في هذه الحالة ما بين (56- 70) ديسبيل وصاحب هذه الإعاقة لا يفهم المحادثة، إلا إذا كانت بصوت عال ويواجه الطالب صعوبة في المناقشات الصعبة الجماعية، ويكون ذلك مصحوبا باضطرابات في اللغة ويكون قاموسه اللفظي محدودا ويحتاج هذا الفرد إلى الالتحاق بصف خاص واستعمال المعينات السمعية.
- الإعاقة السمعية الشديدة: يتراوح فقدان السمع في هذه الحالة ما بين (71- 90) ديسبيل وصاحب هذه الإعاقة لا يستطيع سماع حتى الأصوات العالية ويعاني من اضطرابات في الكلام واللغة، ويحول دون تطور اللغة لدى الطفل إذا كان عنده منذ السنة الأولى ويحتاج الطفل إلى مدرسة خاصة بالمعاقين سمعيا ليتعلم ويتدرب على السمع وقراءة الشفاه ويكون بحاجة إلى سماعة طبية، إن صاحب هذه الإعاقة يعتمد على حاسة البصر.
أسباب الإعاقة السمعية: تحدث الإعاقة السمعية إما قبل الولادة أو ثنائها أو بعدها، ويمكن حصر أسباب هذه الإعاقة فيما يلي: الوراثة. الحصبة الألمانية والالتهابات المختلفة. اختلاف العامل الريزيسي H. factor. التهاب الأذن الوسطى. النداج. تسمم العقاقير. الضجيج. مرض (منيرز). تصلب الأذن. الحوادث. الخصائص النفسية والسلوكية للأطفال المعوقين سمعيا:
إن أصحاب الإعاقات السمعية لا يمثلون فئة متجانسة حيث أن لكل فرد خصائصه الفردية، وترجع مصادر الاختلاف إلى نوع الإعاقة وعمر الفرد عند حدوثها وشدة الإعاقة وسرعة حدوثها ومقدار العجز السمعي وكيف يمكن الاستفادة منه ووضع الوالدين السمعي وسبب الإعاقة والفئة الاجتماعية والاقتصادية التي تتصف بها الأسرة وغير ذلك ولهذه الإعاقة تأثير ملحوظ على الخصائص النمائية المختلفة لدى الفرد لأن مراحل النمو مترابطة ومتداخلة. أولا: الخصائص اللغوية: تأثير الإعاقة السمعية على لغة الأطفال: تؤثر الإعاقة السمعية سلبا على جميع جوانب النمو اللغوي لدى الأطفال، فالشخص المعوق سمعيا سيصبح أبكما إذا لم تتوافر له فرص التدريب الفاعلة ويرجع ذلك بسبب عدم توفر التغذية الراجعة السمعية وعدم الحصول على تعزيز لغوي كاف من الآخرين. إن لغة هؤلاء الأطفال تتصف بفقرها البالغ قياسيا بلغة الآخرين ممن لا يعانون من هذه الإعاقة وتكون ذخيرتهم اللغوية محدودة وتكون ألفاظهم تدور حول الملموس وتتصف جملهم بالقصر والتعقيد علاوة على بطء كلامهم واتصافه بالنبرة غير العادية.
إن هذه الإعاقة تتناسب طرديا مع مظاهر النمو اللغوي من جهة أخرى ، وانخفاض أداء المعوقين سمعيا على اختبارات الذكاء اللفظية أكبر دليل على تعبيرهم اللغوي، في حين أن أدائهم على اختبارات الذكاء الأدائية أفضل وأن الفرق بين الطفل العادي والأصم من حيث اللغة هو أن الطفل العادي يتعرف على ردود فعل الآخرين نحو الأصوات التي يصدرها وأن الطفل المعوق سمعيا لم يحصل على اللفظ السمعي وتزداد المشكلات اللغوية بازدياد شدة الإعاقة والعكس صحيح، إن الإعاقة السمعية البسيطة على سبيل المثال يوجهون مشكلات في سماع الأصوات المنخفضة والبعيدة أو في فهم موضوعات الحديث المختلطة، ويواجهون مشاكل فهم 50% من المناقشات الصفية وتكوين المفردات اللغوية، في حين أن الإعاقة السمعية المتوسطة يواجهون مشكلات في فهم المحادثات والمناقشات الجماعية وبقلة وتناقص مفرداتهم اللغوية وصعوبات في اللغة التعبيرية، أما ذوي الإعاقات السمعية الشديدة فيواجهون مشكلات في سماع الأصوات العالية وتمييزها ومشكلات في اللغة التعبيرية. ثانيا: الخصائص المعرفية: إن ذكاء الأشخاص المعوقين سمعيا كفئة لا يتأثر بهذه الإعاقة، كما لا تتأثر قابليتهم للتعلم والتكفير التجريدي ما لم يكن لديهم مشاكل في الدماغ مرافقة لهذه الإعاقة، إن المفاهيم المتصلة باللغة عادة ما تكون ضعيفة لدى هذه الفئة، إن أداء أفراد هذه الفئة المتدني على اختبارات الذكاء لا يعتبر مؤشرا على وجود إعاقة عقلية بل على وجود إعاقة لغوية لذلك يجب تكييف اختبارات الذكاء لتكون أكثر دقة في قياس ذكاء أفراد هذه الفئة، ويجب أن تخصص لهم اختبارات ذكاء غير لفظية إذا ما أريد أن يقاس ذكائهم بشكل دقيق. ثالثا: الخصائص الجسمية والحركية: تأثير الإعاقة السمعية على حركة الأطفال، يعاني أفراد هذه الإعاقة من مشكلات في الاتصال وتحول دون اكتشافهم للبيئة والتفاعل معها لذلك يجب تزويد أفراد هذه الإعاقة بالتدريب اللازم للتواصل فإن الإعاقة السمعية قد تفرض قيودا على النمو الحركي لديهم، إن هؤلاء الأفراد محرومون من الحصول على التغذية الراجعة السمعية الأمر الذي يطور لديهم أوضاعا جسمية خاطئة كما أن نموهم الحركي يعتبر متأخرا قياسيا مع الأسوياء وذلك لأنهم لا يسمعون الحركة وأنهم يشعرون بالأمن بسبب التصاق أقدامهم بالأرض كما أن لياقتهم البدنية لا تكون بمستوى لياقة الأسوياء ويمتازون بحركة جسمية أقل. رابعا: التحصيل الأكاديمي: أثر الإعاقة السمعية على التحصيل الأكاديمي للأطفال، إن التحصيل الأكاديمي لأفراد هذه الفئة غالبا ما يكون متدن بالرغم من عدم انخفاض نسبة ذكائهم، إن تحصيلهم القرائي هو الأكثر تأثرا بهذه الإعاقة لذلك يأتي تحصيلهم الأكاديمي ضعيفا ويتناسب ضعف التحصيل الأكاديمي لدى أطفال هذه الفئة طرديا مع ازدياد المتطلبات اللغوية ومستوى تعقيدها ويزداد الطين بلة بازدياد عدم فاعلية أساليب التدريس ولقد أشارت بعض الدراسات بأن 50% من أفراد هذه الفئة ممن هم في سن العشرين كان مستوى قدراتهم تقاس بمستوى طلاب الصف الرابع الأساسي أو أقل من ذلك وأن 10% كانوا بمستوى الصف الثامن الأساسي، أما في مادة الرياضيات فكان مستوى أدائهم كان بمستوى الصف الثامن وأن 10% منهم كانوا بمستوى أداء الأشخاص غير الصم.
وأشارت دراسات أخرى بأن لديهم صعوبات في مادة العلوم لأن لها علاقة باللغة، إن التحصيل الأكاديمي لدى أفراد هذه الفئة يتأثر بشدة الإعاقة السمعية وقدراتهم العقلية والشخصية ودعم الوالدين والعمر عند حدوث الإصابة ووضع الوالدان السمعي والاقتصادي والاجتماعي وطرق التدريس التي يتلقاها أفرادها.
خامسا: الخصائص الاجتماعية- والنفسية: أثر الإعاقة السمعية على الخصائص الاجتماعية والانفعالية لدى الأطفال، إن أساليب التنشئة الأسرية الخاطئة والمتمثلة تقديم الحماية الزائدة للمعوق سمعيا تلعب دورا في مستوى نموه الاجتماعي بحيث يصبح اعتماديا على الآخرين. إن هؤلاء الأطفال لديهم فقرا في طرق الاتصال الاجتماعي ويعانون من الخجل والانسحاب الاجتماعي ويتصفون بتجاهل مشاعر الآخرين ويسيئون فهم تصرفاتهم وستصفون بالأنانية، كما يتأثر مفهومهم عن ذواتهم بهذه الإعاقة ومن أهم خصائصهم النفسية عدم توافقهم النفسي وعدم الاستقرار العاطفي، ويتصف هؤلاء بالإذعان والاكتئاب والقلق والتهور وقلة توكيد الذات والشك بالآخرين والسلوك العدواني والسلبية والتناقض.
سادسا: التكيف المهني: تؤثر الإعاقة السمعية على التكيف المهني لدى الأطفال.. فللغة وظائف كثيرة فهي تعبر عن ذات الفرد وقدرته على التواصل وفهم الآخرين وتعتبر من أهم وسائل النمو المعرفي والعقلي والانفعالي والنمو المهني يعتمد على تطور اللغة ونموها لدى الفرد، لذلك فالمعاقون سمعيا يعانون من ضعف قدراتهم اللغوية، إنهم يواجهون مشكلات تكيفية في محيط الأسرة والعمل ويظهر أفراد هذه الإعاقة ميلا نحو المهن التي لا تتطلب تواصلا كالرسم والخياطة والنجارة والحدادة لذلك فهم بحاجة إلى برامج تربوية .