عاطف الطيب أول مخرج تنبه لخطورة التطرف الدينى إهدار دم عادل إمام ووحيد حامد لم يوقفهما عن كشف ازدواجية الجماعة لم تتنبه السينما لخطورة العمل الإرهابي المبني علي أفكار دينية متطرفة إلا مؤخرا جدا، فبينما بدأت هذه العمليات منذ منتصف الأربعينيات من القرن العشرين علي يد جماعة الإخوان المسلمين إلا أن كانت السينما في ذلك الوقت كانت مشغولة بالأفلام الاستعراضية والغنائية، فعلي سبيل المثال في عام 8491 والذي وصلت فيه الأعمال الإرهابية إلي ذروتها نجد السينما تقدم في نفس العام أفلام من أمثلة «مغامرات عنتر وعبلة» و«عنبر» و«احب الرقص» و«شمشون الجبار» و«حب وجنون» و«الشاطر حسن » و«طلاق سعاد هانم» وغيرها من الأفلام التي يظهر مضمونها من اسم الفيلم، أما عام 9491 والذي شهد اغتيال حسن البنا فنجد أقوي أفلام الموسم «فاطمة وماريكا وراشيل» لمحمد فوزي، واسماعيل ياسين، ويليه الفيلم الذي حقق أعلي الايرادات «غزل البنات» آخر أفلام نجيب الريحاني «استاذ حمام»، هكذا واجهت السينما الأعمال الإهاربية في ذلك الوقت!. أما في فترة الخمسينيات والستينيات ورغم أن السينما عادت للكثير من أوجه الفساد التي كانت قائمة في فترة الملك إلا أنها أيضا وبغرابة شديدة لم تتناول أياً من هذه العمليات الإرهابية، كما أنها لم تتناول من قريب أو بعيد الصراع الدائر بين أجهزة الدولة في عهد عبدالناصر وجماعة الإخوان المسلمين والمحاولات المتعددة التي دبرتها لاغتيال عبدالناصر أو قلب نظام الحكم، وفي السبعينيات اعطي الرئيس السادات لصناع السينما الضوء الأخضر لكشف أوجه الفساد في عصر عبدالناصر، ولم تتناول السينما أيضا هذا الصراع العام ولم يكتب للعمليات الإرهابية أن تظهر علي الشاشة، بل كل ما ظهر علي الشاشة هو أعمال التعذيب التي كانت قائمة في عصر عبدالناصر في موجة الأفلام التي وصفت بالكرنكة نسبة لفيلم الكرنك الذي فتح الباب لهذه الأفلام ولأول مرة نسمع اسم الإخوان المسلمين علي الشاشة، وهم مستضعفون في المعتقلات يقاسون التعذيب.. إذن فالسينما في السبعينيات ساهمت وبشكل غير مباشر في الدعاية لهذه الجماعة في نفس الوقت الذي كان الرئيس السادات يخرج أعضاءها من السجون ويطلق لهم العنان في العمل السياسي، وفي مرحلة الثمانينيات نجد أن الظاهرة عرفت طريقها إلي أفلام السينما بشكل محدود علي يد المخرج الرائد عاطف الطيب، وتستطيع أن تقول إن كل أفلام عاطف الطيب «12 فيلما» لم تخل من اشارة للتطرف الديني الذي بدأ في ذلك الوقت يعرف جماعات أخري خرجت من رحم الإخوان المسلمين مثل التكفير والهجرة والجهاد والجماعة الإسلامية وكانت أهم الأفلام التي ظهرت فيها هذه الظاهرة فيلم «الهروب» للنجم أحمد زكي وإخراج عاطف الطيب، حيث تابعنا كيف استغلت أجهزة الأمن قضية الشاب الصعيدي الذي حولته لسفاح وجعلت من قضيته قضية رأي عام للتغطية علي قصور العمليات العسكرية التي كانت قائمة في نفس الوقت ضد الجماعات الإسلامية خاصة في الجامعات «عين شمس تحديدا»، وفي فيلم «كشف المستور» والذي كتبه وحيد حامد وأخرجه أيضا عاطف الطيب، كانت النجمة نبيلة عبيد وهي تجسد دور إحدي الفتيات التي جندها جهاز المخابرات في فترة الستينيات للعمل معه ويحاول إعادتها، فتكتشف في رحلة البحث عن الضابط الذي جندها أن إحدي زميلاتها في الجهاز انضمت للجماعات الإسلامية وتقوم بدور مهم في التنسيق لجمع التبرعات من الخارج وشراء السلاح من عصابات دولية لصالح الجماعات، أما فيلم «ليلة ساخنة» فهو أول فيلم نسمع فيه عن سفر أفراد من الجماعات الإسلامية لأفغانستان والعمولات التي حصل عليها كبار المشايخ مقابل سفر هؤلاء الشباب إلي هناك، هذه بعض الإشارات المهمة التي قدمها المخرج عاطف الطيب الذي تنبه دون غيره من أبناء جيله لخطر التطرف الذي تتبناه هذه الجماعات. وفي ذروة المواجهات بين أجهزة الأمن والجماعات الإسلامية في الفترة من «9891 - 5991» أعطت الدولة الضوء الأخضر للسينما للدخول علي خط المواجهة فقدمت العديد من الأفلام لعل أهمها في ذلك الوقت فيلم «الإرهابي» الذي كتبه لينين الرملي وأخرجه نادر جلال وقام بالبطولة فيه النجم عادل إمام الذي قدم شخصية علي عبدالظاهر الذي جندته الجماعة الإسلامية وشارك في أعمال العنف والتي أصبحنا نراها علي الشاشة لأول مرة ومنها السطو علي محلات الذهب، وحرق محلات بيع وتأجير شرائط الفيديو، كما نري عملية الهجوم ونسف اتوبيس سياحي، كما نجد عملية اغتيال الكاتب الدكتور فرج فودة وينتهي الفيلم بعملية تصفية الإرهابي التائب علي عبدالظاهر «عادل إمام» بعد خروجه علي تعاليم الجماعة فيسقط صريعا برصاص أعضاء من الجماعة وبفتوي خاصة من أميرها!!. أما الكاتب الكبير وحيد حامد فكان له نصيب الأسد من هذه المواجهات وإن بدأت علي الشاشة الصغيرة بمسلسل «العائلة» للنجم الكبير محمود مرسي، وهوجم وحيد حامد بشدة وقسوة علي هذا المسلسل خاصة عندما جاء علي لسان بطله ما يعارض أحاديث عذاب القبر، وقال إن عذاب القبر اكذوبة يستغلها أصحاب اللحي لتخويف الناس والسيطرة عليهم، وعلي الرغم من عودة وحيد حامد عما قال وتصحيح ما جاء علي لسان بطله إلا أن الجماعات الإسلامية لم تتركه وأهدرت دمه، ولكنه دخل في مواجهات أخري بأفلامه مع المخرج شريف عرفة والنجم عادل إمام «الإهارب والكباب» و«طيور الظلام» ثم بعد ذلك «دم الغزال» مع النجم نور الشريف وفي هذه الأفلام استمرت المواجهة ضد أعمال العنف وكشف ازدواجية الجماعات الإسلامية وتكالبها علي السلطة خاصة صفقات العمل السياسي في فيلم «طيور الظلام» مع محامي الجماعات، وبعد هذه المواجهات السينمائية عاد وحيد حامد للشاشة الصغيرة بمسلسل «الجماعة» وهو هنا يأخذ زمام المبادرة للتأريخ لجماعة الإخوان المسلمين وأعمالها الإهاربية بالدراما، وهو العمل الذي أشاد به كل نقاد وكتاب الدراما والمهتمين بالشأن العام، وتحدث كل المؤرخين عن حيادية وحيد حامد في هذا المسلسل وأنه نقل إلي الشاشة ما قاله أعضاء الجماعة أنفسهم من خلال مذكراتهم الشخصية ومع ذلك هاجمت الجماعة كعادتها الكاتب الكبير وحاولت التشكيك في مصداقية ما قدمه خاصة وهو يكتب الآن الجزء الثاني من المسلسل والذي سيتناول فيه فترة الصراع مع نظام عبدالناصر هكذا كانت المواجهات بين السينما وصناع السينما والدراما، ما قدمناه هنا هو أهم الأعمال التي تناولت العنف وأعمال الكفاح المسلح وليس الأفلام التي ناقشت الفكر المتطرف للجماعات الإسلامية حتي لا يطول البحث ونخرج بعيدا عن الملف الذي نرصد فيه هذه الأعمال الإرهابية علي الشاشة.