"كونشرتو" مصطلح موسيقي بامتياز، ويعني أن تلعب آله أو آلتان موسيقيتان دور القائد للفرقة الموسيقية، وهو المعنى الذي أراد الكاتب الفلسطيني ربعي المدهون إيصاله من خلال روايته "مصائر.. كونشرتو الهولوكوست والنكبة"، والمرشحة ضمن القائمة القصيرة للفوز بجائزة الرواية العربية "البوكر" لعام 2016، والمقرر إعلانها اليوم بمدينة أبو ظبي الإماراتية. وينشغل الروائي الفلسطيني ربعي المدهون خلال روايته برصد جانبا من التغيرات التي تطرأ على حياة الفلسطينيين وتفكيرهم ونظرتهم لواقعهم وتاريخهم بين الداخل والشتات، ويعتقد أن الحالة الفلسطينية فريدة، ومنفى الفلسطيني مغاير، لذلك تراه يحرص على مقاربة قضايا الهوية والانتماء والولاء بعد أكثر من ستة عقود على وقوع النكبة الفلسطينية. ويقول الكاتب خلال حوار أجراه في وقت سابق: "لا أرى تناقضا بين العائد والمقيم في وطنه، فاختلاف الظروف المعيشية والاغتراب حتى لو امتد إلى أكثر من خمسين عاما كما في حالتي قد يفقد الفلسطيني تواصله الجغرافي، حيث تخضع بلاده لتغييرات كثيرة في غيابه"، لكن هذا لا يمس التاريخ ومخزونه في الذاكرة وتراكماته اليومية، حتى من مسافات تمتد في عمق الحنين وقد قبل الفلسطينيون منذ زمن طويل تقاسم حصصهم من النضال كل وفق ظروفه وكل حسب طاقته، بينما تولد قوة الانتماء رفضا للواقع الجديد الاستعماري يتجسد في اجتياح العائد موجات تسونامية من مشاعر وطنية، إن الشعور بأنني في بلدي لا يفارق العائد أبدا". ويتحدث الكاتب عن وصول روايته للقائمة القصيرة قائلا: "من دون شك، خلقت الجوائز خصوصا الجائزة العالمية للرواية العربية المعروفة بالبوكر العربية وضعا غير مسبوق في عالم الكتابة والنشر، فقد أوجدت للمرة الأولى حوافز مادية وأخرى معنوية، ورفعت معدلات القراءة، وحرضت على تشكيل نواد ثقافية ومجالس للقراءة ونشطت حركة النقد والمراجعات والجدل في الأوساط الأدبية، وصارت طقسا يحرص الناس على متابعته والاحتفال به. كل هذا يجري في ظل انتشار واسع لوسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت أداة إعلام وإعلان للكاتب والناشر، وأكثر وسيلة تواصل فعالة بين الروائي وجمهوره من القراء. في ظروف كهذه يتجاوز اختيار روايتي مصائر للقائمة القصيرة الاعتراف بأهميتها بين الروايات الصادرة أخيرا، ليمثل أيضا تثبيتا لقدمي في عالم الرواية الذي دخلته قبل ذلك برواية أولى هي "السيدة من تل أبيب" التي شكل وصولها إلى القائمة القصيرة عام 2010 حدثا أدبيا وتحديا كان عليَّ أن أواجهه، وأتجاوزه". وربعي المدهون ولد في المجدل بعسقلان سنة 1945 وهاجرت عائلته إلى قطاع غزة عام 1948 واستقرت في مخيم خان يونس للاجئين، درس التاريخ في جامعة الإسكندرية ولم يحصل على الشهادة الجامعية لأنه أبعد عن البلاد عام 1970 لأسباب سياسية، وهو يعمل حاليا في جريدة الشرق الأوسط التي تصدر في لندن حيث يقيم ويحمل الجنسية البريطانية، من أعماله (الانتفاضة الفلسطينية الهيكل التنظيمي وأساليب العمل) و(طعم الفراق.. ثلاثة أجيال فلسطينية في ذاكرة) و(السيدة من تل أبيب).