هل تعرض نائب رئيس الجمهورية السابق اللواء عمر سليمان للاغتيال ،أم أن وفاته جاءت طبيعية بحسب التقارير الطبية الرسمية؟ هل قتل سليمان «77عاما» فى سوريا؟ وهل هناك علاقة بين اغتياله واغتيال رئيسى المخابرات التركية والسورية وإقالة نظيرهما السعودى؟ ومن هم المستفيدون من رحيله الآن؟ تساؤلات كثيرة، طرحها الرحيل المفاجئ، بعضها منطقى،والبعض الآخر يكشف عن ثقافة عربية مرتبكة ،تؤمن بنظرية المؤامرة فى كل موقف،وتلهث وراء اللا معقول وتصدقه،وتعتبره الحقيقة التى لا يخالطها شك. البداية من الولاياتالمتحدةالأمريكية ، حيث لفظ «سليمان» أنفاسه الأخيرة فى مستشفى كليفلاند ، ب«اوهايو»، وهو المستشفى الذى شهد وفاة مشاهير أمثال ملك الاردن ،والبرلمانى الراحل كمال الشاذلى ،و الامير نايف بن عبد العزيز ،ولى العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية السعودى . فبحسب شاهد عيان، هو طبيب التحاليل الدكتور يعقوب آريوس «المقيم بكاليفورنيا» ،فإن الجنرال عمر سليمان ، دخل المستشفى يوم الاثنين الماضى، وكان شاحب الوجه ، وبصحبته سيدتان، «ابنتاه»، وكان يرتدى بدلة كاملة وظهر منهكا ، وهو ما يكذب رواية قتله فى سوريا ويدحضها من الأساس. «أريوس» ،رجح بحسب المعلومات التى دفعه فضوله إلى الحصول عليها ،ورؤيته ل«سليمان» عن قرب ،أن يكون تعرض لتسمم من النوع طويل المدى، مثل الزعيم الفلسطينى «ياسر عرفات»،قبل نقله إلى الولاياتالمتحدة ،مبررا ذلك بأن المرض الذى أعلن وفاته به وهو «النشوانى» ،لا يسبب الوفاة بهذه السرعة ،مطالبا من يهمهم أمره بتشريح جثته. وطبقا لمعلومات حصلت عليها «فيتو» من أسرة عمر سليمان فإن الراحل رفض المبيت فى مستشفي «كليفلاند» بعدما انتهى من اجراء الفحوصات الطبية اللازمة وغادر المستشفى إلى منزل زوج ابنته رئيس هيئة الاستعلامات السابق ايمن القفاص وفى ساعة متأخرة من مساء الخميس داهمته أزمة حادة نقل على إثرها الى المستشفي مرة آخرى إلا أن ادارة «كليفلاند» أكدت أنه مات قبل أن يصل إلى المستشفي. فى المقابل ..أفادت إدارة المستشفى ،فى رسالة اليكترونية ،ل«فيتو» ، بأن «سليمان» دخل المستشفى لإجراء فحوصات على « عضلة القلب « ،وأنه كان يعانى من متاعب بالكلى،وأنه توفى متأثرا بالمرض سابق الذكر،وهو مرض نادر،بحسب الدكتور أيمن سيحة، وهو طبيب مصرى يمتلك معمل تحاليل طبية بالولاياتالمتحدة. وبعد إنهاء الإجراءات الإدارية المعتادة فى مثل هذه الحالات، تم نقل جثمان «سليمان» إلى القاهرة، على طائرة أحد رجال الاعمال المصريين ،بعدما رفضت الرئاسة المصرية إرسال طائرة خاصة لنقله ! الاعلامى الأمريكى،والمتابع لشئون الشرق الأوسط جيرى ألان ،قال ل«فيتو» إن قتل «سليمان» فى سوريا ، ونقله لأمريكا ،سيناريو مستحيل حدوثه فى دولة قانون، كالولاياتالمتحدة ،ساخرا من تقارير إخبارية وبيان منسوب إلى ما يسمى ب«الجيش السورى الحر» تؤكد تصفية الجنرال المصرى فى أتون المعارك الدمشقية! وتابع: من المستبعد أن يتورط مستشفى معروف فى أمريكا فى مثل هذه اللعبة القذرة، مقللا فى الوقت نفسه من الأهمية المبالغ فيها لشخص الراحل ،باعتباره «الصندوق الأسود»للنظام السابق ،لافتا إلى أن «سليمان» كان مجرد فرد فى مؤسسة المخابرات المصرية،حتى لو كان رئيسها ،وما يعلمه من الأسرار،قد يعلمه كثيرون من المقربين منه،ومن المؤكد أن جهاز المخابرات يمتلك الوثائق والأسرار التى كانت فى رأس «سليمان». واتفق معه السيناتور الأمريكى «أندرسون ألان»، الذى أكد فى تصريحات ل«فيتو» : «أنه من السخف الشديد ،الاعتقاد بان الجنرال المصرى نقل مقتولا إلى أمريكا ،فالمستشفى ،الذى توفى به، من أفضل المؤسسات الطبية على مستوى العالم ، ولا يمكن أن يورط نفسه فى مثل هذه الأمور» ،مشددا على أن «سليمان» أنتهى بسقوط نظام مبارك ،ومن المستبعد أن تخطط جهات معينة لتصفيته ،إلا إذا كانت جهات داخلية أرادت تصفية حساباتها معه ،على خلفية أحداث قديمة. وفى القاهرة ،رفض اللواء محمد على بلال ،رئيس القوات المصرية فى حرب الخليج، الربط بين وفاة «سليمان « ، ورحيل رئيسى المخابرات السورية والتركية ، وكذلك إقالة رئيس جهاز المخابرات السعودى. لافتا إلى أن الأخير تم استبعاده من منصبه ، بسبب اضطرابات داخلية بالمملكة , فضلا عن هروب الأميرة فوزية، إلى جانب تقدمه فى العمر . بلال-ا لذى أكد أن «سليمان» كان صديقا مقربا له- قال ل«فيتو» :إن الراحل كان قبيل وفاته فى دبى ،ونُقل لامريكا للعلاج، بعد أزمة صحية مفاجئة ,مشددا على أن الوفاة طبيعية وأنه يرفض أية تكهنات أخرى. ويرى بلال أن خلاف «سليمان» مع جماعة الإخوان كان خلافا سياسيا ، وأنه لم يكن يكرههم بدليل علاقاته الطيبة بحماس, كما استبعد أن يكون لدى رئيس جهاز المخابرات السابق أى نية للإفصاح عما لديه من معلومات ضد أى من الأطراف لادراكه أن فى ذلك خطورة على الأمن القومى . واعتبر اللواء طلعت مسلم ،الخبير الاستراتيجى، أن جماعة الإخوان المسلمين هى أقرب المستفيدين من وفاة «سليمان» ،خوفا مما لديه من معلومات مهمة قد تحرج الجماعة التى اصبح أحد أبنائها رئيسا للبلاد. مضيفا فى تصريحات ل«فيتو» أن الاحتمال الأقرب هو وفاة «سليمان» وفاة طبيعية غير ان احتمال اغتياله أمر وارد ،مرجحا أن الفاعل فى هذه الحالة لن يكون أمريكا أو المجلس العسكرى. وبرر ذلك بان امريكا كانت تربطها بسليمان علاقات قوية ، ولا يعتقد أنها كانت تخشى كشف ما لديه من معلومات ، ولو أرادت اغتياله لفعلت ذلك فى وقت سابق , أما المجلس العسكرى فإن «سليمان» لم يكن يمثل عليه أى تهديد حتى يقوم بذلك . لكن الدكتور محمد قدرى سعيد ،رئيس وحدة الشئون العسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ، يرى أن احتمال اغتيال «سليمان» أمر وارد بقوة ، لا سيما أنه تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة ، بعد ثورة يناير. وأضاف رئيس وحدة الشئون العسكرية بالأهرام أنه لم يكن هناك ثأر بين «سليمان» والمجلس العسكرى يجعلهم يطلبون من امريكا اغتياله , خاصة أنهم اقاموا له جنازة عسكرية حضرها عدد كبير منهم . الخبير الاستراتيجى اللواء حسام سويلم ،الذي كان مقربا من الراحل فى إحدى مراحله العملية , لا يعتقد أن يكون سليمان قد تعرض للاغتيال ،مؤكدا أنه كان بالفعل مريضا بالقلب، ودخل المستشفي الأمريكى بصحبة ابنتيه . وعن المستفيدين من رحيل الجنرال ،أفاد «سويلم» بأنهم من حرموا الصلاة علي جثمانه، وجميع تيارات الإسلام السياسى المتطرفة . ويرجح الدكتور كمال الهلباوي القيادى البارز السابق بجماعة الإخوان المسلمين ، تعرض الجنرال للتصفية الجسدية ،بسبب السيناريو المريب الذى انتهت به حياته. مشددا فى تصريحات ل«فيتو» علي أن المستفيد من رحيل «سليمان» ،ليس الإخوان ولا التيار الإسلامي برمته، مضيفا :أن المستفيد الأكبر من ذلك هو إسرائيل وأمريكا ،لأن «سليمان» كان يحمل العديد من الأسرار التي تتعلق بملفات ساخنة ، ولو كان سليمان أقدم علي كتابة مذكراته لفضح إسرائيل وأمريكا ومخططاتها تجاه مصر وتقسيمها وكشف أسرار الضغط علي مصر ، ويرى أن الذي يتحمل مسئولية قتل « عمر سليمان» ،هو نفسه وأسرته والمجلس العسكري وجهاز المخابرات الذين تركوه يسافر وحده دون حماية أو حراسة ،حتى ان السفارة المصرية فى الولاياتالمتحدة لم تكن تعلم بوجوده هناك، مطالبا بضرورة تشريح جثته قبل دفنه حتي لا نصبر ثمانى سنوات أخري كما حدث مع ياسر عرفات من قبل . كان الزعيم الفلسطينى –بحسب تقارير إخبارية حديثة- توفى إثرعملية إسرائيلية محكمة ،حيث تم تسميمه عبر «فلاش كاميرا» ،بمادة سامة تعمل ببطء علي تدمير أجهزة الإنسان الداخلية كالكبد والكلي والرئة والمخ،وتستغرق العملية بين شهرين وثمانية أشهر،والأعراض التى انتابت عرفات فى أيامه الأخيرة تشبه ما تعرض له سليمان ،مثل :الشعور بالغثيان، وشحوب الوجه، وضعف الجسد، وسبقت عملية تصفية «عرفات» محاولة مشابهة للتخلص من «خالد مشعل» الذي استهدفه الموساد الإسرائيلي في عام 1997،عندما دخل 10 من عناصر الموساد الأردن بجوازات سفر كندية مزورة ، وكان مشعل وقتها مقيما في الأردن، وتم تتبعه، وحقنه بمادة سامة أثناء سيره في أحد شوارع عمان ،لتكتشف السلطات الأردنية محاولة الاغتيال ،ويطلب العاهل الأردني وقتها، الملك حسين بن طلال، من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو المصل المضاد للمادة السامة وتم حقن مشعل بها ليفلت من موت محقق. وعموما فإن الموساد يمتلك تاريخا طويلا من تنفيذ عمليات الاغتيالات والتصفيات الجسدية للقادة السياسيين يستخدم العديد من الأساليب بما في ذلك السم ،وفي كتاب «جواسيس جدعون: التاريخ السري للموساد»، شرح «جوردون توماس» الطريقة التي يستخدمها علماء الكيمياء الحيوية لتطوير عناصر قاتلة , لتنفيذ عمليات اغتيال عن بُعد. من ناحية أخرى ،علمت «فيتو» أن لقاءات عديدة جمعت بين المرشح الرئاسى الخاسر الفريق أحمد شفيق ،وبين الجنرال الراحل، فى إمارة «دبى» ،كشف الأخير فيها عن ملفات مهمة خاصة بجماعة الإخوان المسلمين. وأفاد مصدر مقرب من «شفيق» بأنه تم عقد صفقة بين الجماعة وبين الفريق ، تقوم على عدم ملاحقته قضائيا فى قضايا مرفوعة ضده ،مقابل إغلاق الملفات القديمة لجماعة الإخوان المسلمين التى حصل عليها شفيق من سليمان قبيل وفاته . وكان سليمان اعتذر لشفيق خلال هذه اللقاءات عن عدم الانضمام لحزبه لدواعى مرضه ،قبل أن تتدهور حالته وينقل إلى المستشفى الأمريكى ،ويلفظ أنفاسه ،فى وقت دقيق ،تاركا خلفه عديدا من علامات الاستفهام والملفات التى لن تطوى بسهولة!!