"لن يكون هناك اقتصاد فعّال دون استقرار أمني، في دولة يسودها العدل، لا يُحبس فيها الأطفال ولا يتسلط فيها البعض على المختلفين بقوانين «حسبة» سيئة التشريع، وثمة اقتراح عملى في مواجهة ما يسمى «الإرهاب» الذي لا أراه إلا إجرامًا، يتمثل في جهاز دعم شُرَطى يتشكل من متطوعين أنهوا خدمتهم العسكرية في القوات الخاصة والصاعقة ومنهم أصحاب مهارات دفاعية رفيعة أهّلت كثيرين منهم لأن يكونوا نماذج رائعة في مساهمات مصر في قوات حفظ السلام الدولية، مقابل أجور مجزية يستحقونها، خصوصا أن كثيرين منهم ممن كانوا يعملون في الأمن الخاص، صاروا يعانون البطالة بعد انهيار السياحة المُتعمد من قوى الشر الخارجى وعميان الحقد الداخلى"..نصا من مقال الكاتب الكبير الدكتور محمد المخزنجى "ما لم أتمكن من قوله في اللقاء مع الرئيس"، وكان الرجل ممن اصطفتهم الرئاسة من جمهرة المثقفين للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليستمع إلى وجهات نظرهم في واقع ومستقبل مصر، ولأن "المخزنجى"، لا يشبه كثيرا من المثقفين الذين يهرفون بما لا يعرفون، فضلا عن كونه رجلا جم التواضع والأدب، فإنه التزم الصمت في حضرة الرئيس، وكتب ما أراد أن يقوله في "مقال مهم"، بصحيفة "المصرى اليوم". "نحن دولة فقيرة في حالة عسر لا يُسر، ومن هنا وجب اتباع سياسات الترشيد في الإنفاق والموارد، ومنح الأولوية والحماية للمنتج المحلى، خاصة في الزراعة والتصنيع الغذائى"، هكذا وضع "المخزنجى" يده على "إحدى مواطن الألم"، قبل أن يضيف في موضع ثان: "إن دخولنا بإصرار في «عصر الطاقة الشمسية» الواعدة، التي تغمرنا بفيضها الضوئى والحرارى، هو أجدى اقتصاديا وأكثر استدامة، ومناسب تماما لبلد فقير كثيف السكان كبلدنا، وقدوتنا في ذلك الهند التي نشرت صحف العالم- في يوم اللقاء نفسه- نبأ نجاح أول مطار فيها يعتمد كُليًا على الطاقة الشمسية للحصول على ما يكفيه من كهرباء"، وفى قضية أخرى مهمة مثل: "تجديد الخطاب الدينى"، قال الكاتب الكبير: "بدلا من خفة الحديث في تجديد الخطاب الدينى بمائة ألف «تابلت» في الكتاتيب العصرية كما يبشرنا وزير الأوقاف، أو مقارعة شيوخنا الكبار لأوروبا بحقيقة إسلامنا الذي ينبذ العنف.. لماذا لا يضطلع الأزهر ووزارة الأوقاف بتفنيد جاد لأخطر كتاب يمثل أداة تجنيد منتسبى «داعش» ودليل تكتيك وإستراتيجية حروبها التكفيرية الدموية، كتاب «إدارة التوحش» المنسوب لمؤلفه اللغز «أبوبكر ناجى» والمتاح على 25 ألف رابط على الشبكة العنكبوتية؟!" ما أشار "المخزنجى" إليه في مقاله، غيض من فيض، مما يعج به الواقع، ويدركه القاصى والدانى، ممن يحبون هذا الوطن، ولا يزايدون عليه، ولكنهم كانوا يتطلعون، قبل عام أو عامين، إلى "واقع مختلف"، يبدد ركام الماضى بكل ما يحمله من أوجاع وآلام، كانوا يتطلعون إلى "مصر جديد"، كانوا يحلمون ب"مستقبل طيب"، تتراجع فيه معدلات الفقر والبطالة والتضييق الأمني، وترتفع معدلات التنمية وتتسع مساحات الحرية، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهى السفن، فالاقتصاد لا يزال في أدنى حالاته، والسياحة انهارت بفعل فاعل، والفقر لا يزال يتحرش بالفقراء ويمارس حماقته عليهم، والأسعار تواصل الارتفاع، والمرضى يتسولون العلاج، والحصول على فرصة عمل من رابع المستحيلات حتى لو كنت أول دفعتك، أو حاصلا على الماجستير أو الدكتوراه، لأن الأمر سوف ينتهى بك غالبا إلى الانضمام إلى المتظاهرين أمام مجلس النواب، وربما تجد قوة أمنية تقبض عليك وتدفعك إلى سيارة الترحيلات، وتمثل أمام جهات التحقيق بقائمة مطولة من الاتهامات التي لن تخلو بطبيعة الحال من تهمة: "التظاهر دون تصريح"، ولن تعود سالما إلا إذا قررت الأقدار أن تكون عطوفة بك و"تحنو عليك"، ولكنك لن تحصل على فرصة عمل، فلا يزال المجد، كل المجد، لصاحب "الواسطة" حتى لو كان من أواخر دفعته!! كثير من الملفات كانت في حاجة إلى اهتمام خاص وسياسات متقدمة، خاصة في ظل الرغبة الجامحة والوعود المتدفقة بصناعة نهضة حقيقية، ترتقى بالدولة التي عانت في السنوات الماضية من حالة متجذرة من الفوضى، حتى أنها كانت – بفضل حكم الإخوان – قاب قوسين أو أدنى، من معانقة مصائر دول مجاورة مثل: ليبيا والعراق وسوريا واليمن، ولكن الله سلم، وزال زمن الإخوان. نجت مصر من المؤامرة الخارجية البغيضة، ولكنها بقيت مكانها محلك سر، باستثناء أمور محدودة جدا، فلا يزال ملف التعليم من الملفات التي تتعاطى معها الحكومات المتعاقبة ب"سذاجة وتهور"، لتحتل مصر المركز قبل الأخير ضمن 140 دولة، في جودة التعليم، والأمر لا يختلف بالنسبة للصحة وغيرها، فالوعود، مهما كان صاحبها، لا تكفى لتحقيق الأحلام والطموحات المؤجلة، كما أن التبرعات لا تبنى أوطانا. الأمر الذي لا يختلف عليه اثنان هو أن الرئيس السيسي يريد أن يصل بمصر إلى مصاف الدول المتقدمة والمستقرة اقتصاديا وأمنيا، ويعمل بكل عزم وإخلاص لتحقيق ذلك، بل إنه قد ينوب عن رئيس حكومته ووزرائه في حل كثير من المعضلات والمشكلات، ولكن النوايا السليمة وحدها لا تجدى ولا تبنى دولا قوية، خاصة إذا كان اللئام يحاصرون البلاد من الداخل والخارج، ومن أجل ذلك تراكمت الأزمات وتصاعدت وتفاعلت، فتعالت نبرات غاضبة هنا وهناك، تطالب بتصويب المسار، وتدارك الأخطاء، ليتحقق حلم الرئيس وجميع المصريين المخلصين في وطن قوى ومتقدم، لا يخشى أحدا، ويخشاه الآخرون، لا ينتظر عونا من أحد، بل يعاون الآخرين. «فيتو» تستطلع في هذا الملف آراء عدد من السياسيين والإقتصاديين والمثقفين لتشخيص الداء وتحديد العلاج.. وتصحيح الأخطاء وتقديمها لمؤسسة الرئاسة لاتخاذ ما يلزم بمعرفتها!