شكينا وكتر الشكوى لغير الله ذل.. كتبنا وحروف كلماتنا جبال صخورها حرمان وبؤس وفقر وذل.. حرافيش وبنصرخ يا حكومة الرحمة ونظرة إلينا ده التقل صحيح صنعة ودلال يهوس بس يوم ما يزيد هيصيبنا أكيد بإحباط وملل. أكتب هذه المقدمة بعد قراءتى تلك الرسالة التي جاءتنى ضمن رسائل كثيرة وصلتنى هذا الأسبوع والتي سأنشرها لكم في السطور القادمة دون حذف أو إضافة: عزيزى الحرفوش الكبير.. تحية طيبة وبعد،،، أنا يا سيدي، واحد من حرافيش هذا الوطن الذي كان حريصًا منذ زمن قريب على قراءة كل كلمة تنشرها على لسان أمثالي من الحرافيش فوق هذه المساحة التي لا يحق لنا تُملك أي شىء غيرها في هذه الحياة. ورغم أن ما كنت أقرأه يا حرفوشنا الكبير، من كلمات ترد إليك في رسائل الحرافيش كانت تصيبني بمزيد من الإحباط وتذكرني بمقولة الزعيم سعد زغلول "ما فيش فايدة"، إلا أنني كنت حريصًا على قراءتها ربما من قبيل "اللي يشوف بلوة غيره تهون عليه بلوته". ويبدو أن الوقت ياسيدي، قد حان لأكتب إليك رسالتي الأولى بعد فراق أجبرتني خلاله - الحاجة والفقر - على هجر قرأة هذه المساحة التي كنت حتى وقت قريب أحد مالكيها، ولكم وددت وأنا أكتب إليك هذه الرسالة أن يكون بين طياتها أحد المأسي التي أعيشها كل يوم لعل مسئولينا حين يقرأونها ترق قلوبهم وينظرون بجدية إلى حالي وينتفضون لإغاثتي، ولكني بدلت إرادتي وعدلت عما كنت أنتويه بمجرد أن أمسكت بالقلم. نعم يا عزيزي الحرفوش الكبير، قررت في اللحظة الأخيرة أن تكون رسالتي إليك خالية من المأسي والمشكلات والمعوقات، أردتها أن تكون "وردية وزي الفل" بما يتماشي مع هوي وزراء حكومتنا المبجلين الذين يرفضون قراءة أي رسائل "تعكنن" على مزاج معاليهم، وتتطاير قلوبهم فرحًا حين يسألون عن أحوال الغلابة؟، ويأتيهم الجواب ب"كله تمام يا فندم"، رغم أنهم يدركون أنه "ما فيش ولا حاجة تمام". كنت أنوي يا سيدي، أن أكتب لك عن ابني الوحيد الذي هاجر متوجهًا إلى ليبيا بطريق غير شرعي منذ عامين بعد أن يأس من إيجاد فرصة عمل وحتى الآن لا أعلم إن كان حيًا أو ميتًا بعد أن انقطعت أخباره عني ومللت من ردود مسئولي وزارة الخارجية التي لا يجيدون فيها سوي قول "مانعرفش عنه حاجة".. ولكني تراجعت عما كنت أنتويه حرصًا على أن تكون رسالتي "وردية وزي الفل". كنت أنوي يا حرفوشنا الكبير، أن أكتب لك عن زوجتي التي أصيبت بعدة أمراض أخطرها القلب والشلل الرباعي من شدة حزنها على إبنها الوحيد، وعن عجزي وأنا أسمع صرخاتها من شدة آلام المرض عن فعل شئ لها بعد أن أنفقت كل ما أملك على مدى عام من علاجها وأصبحت "يا مولاي كما خلقتني" ورفضت جميع المستشفيات استقبالها بحجة "ما فيش فايدة من العلاج".. ولكني تراجعت عما كنت أنتويه حرصًا على أن تكون رسالتي "وردية وزي الفل". كنت أنوي يا عزيزي، أن أكتب لك عن وقت بلغت فيه حوجتي للمال ذروتها وأضطررت لاقتراض 1000 جنيه من إحدي الجمعيات الموجودة في قريتنا وحين عجزت عن السداد لعدم قدرتي على العمل - لأني مريض بالضغط والسكر والفشل الكلوي - صدر ضدي حكمًا بالسجن، وصرت وأنا في عامي الثاني والستين "سوابق".. ولكني تراجعت عما كنت أنتويه حرصًا على أن تكون رسالتي "وردية وزي الفل". كنت أنوي يا حرفوشنا الكبير، أن أكتب لك عن إحساس رجل يقضي اليوم ليلته الأخيرة في منزله وسيمسي الشارع منذ الغد له ولزوجته القعيدة سكنًا بعد أن فقد مالك البيت الأمل في قدرتي على دفع الإيجار المتأخر منذ عام ونصف فما كان منه بعد طول صبر سوي أن يمهلني حتى الغد فإما أن أسدد المبلغ المستحق له والبالغ 3 آلاف و600 جنيه أو أن أغادر إلى الشارع والخيار الثاني بالتأكيد هو المتاح أمامي.. ولكني تراجعت عما كنت أنتويه حرصًا على أن تكون رسالتي "وردية وزي الفل". كنت أنوي يا عزيزي، أن أكتب لك عن لحظات عجز تمر على رجل حاصره المرض والشيخوخة وبات فاقد القدرة على فعل أي شىء حتى البكاء ولم تعد له سوى أمنية وحيدة وهي أن يقضي أيام عمره القليلة المتبقية مستورًا.. ولكني تراجعت عما كنت أنتويه حرصًا على أن تكون رسالتي "وردية وزي الفل". كنت أنوي أيها الحرفوش الكبير، أن أكتب إليك الكثير والكثير ولكني تراجعت عما كنت أنتويه حرصًا على أن تكون رسالتي "وردية وزي الفل"، فقررت أن أكتب اليك خطابًا خاليًا من الشكوى والتذمر لعل كلماته تروق لك فتقرر نشره موجهًا إلى الحكومة بعنوان: "الحياة بقى لونها وردى".