الزمان.. مصر 2016 المكان.. عربة قطار تحتوي على أربع كراسي مزدوجة متقابلة «يجلس موسى أبو شنب ممسكًا بجريدة، بعد قليل يطوحها جانبًا» موسى «للجالس بجواره»: كله فاقد الرؤية، محدش عارف البلد دي رايحة على فين، مفيش غير تخبط ودايما بنرجع لنقطة الصفر وكأنك يا أبو زيد ما غزيت.. «الجالس بجواره يبدو عليه التأفف»: ليه بس يا أستاذنا ما إحنا عايشين عال العال والحمد لله إحنا أحسن من غيرنا.. موسى: متعرفتش بيك أنا موسى أبو شنب فنان تشكيلي.. الجالس بجواره: يا أهلا وسهلا بيك يا أستاذنا أنا صابر متولي موظف.. «تنتشر حمى التعارف بين الموجودين» شخص1: وأنا محسوبكم سيد إسماعيل فلاح ودايخ بين بنك الائتمان الزراعي اللي في بلدنا والبنك اللي في مصر علشان يخفضولي المديونية.. والله يا إخونا تصدقوا جايبين على مديونية تقطم الضهر.. موسى «مقاطعًا»: طب استنى يا عم سيد نتعرف بس بالموجودين وبعدين هنسمعك كلنا.. لسه السكة طويلة. شخص 2: أنا أحمد لسه مخلص جامعة وبدور على شغل.. وشكلي كدا ههج من البلد دي خالص.. الفلاح: وليه بس يا سي الشاب يعني أنت هتلاقي أحسن من البلد دي فين دي بلدنا حلوة والله هما بس لو يخفضولي المديونية بتاعة البنك.. موسى «ضاحكا»: يا عم سيد سيب الراجل يكمل.. الشاب: واقعد فيها ليه إذا كنت حاسس إن بموت كل يوم.. العيشة على الهامش مرار في الحلق.. شخص 4 «للشاب»: وليه ميكونش العييب فيك.. الشاب من دول بيتخرج وعايز يبقى مدير هتعملكوا إيه الدولة يعني.. الفلاح: والله هي من جهة تعمل هي ممكن تعمل كتير.. هما مش برضه يا حضرة الأفندي مش ممكن يخفضولي المديونية بتاعة البنك.. شخص 4 «للفلاح»: ويخفضوهالك ليه هي مش حق الدولة ولا إحنا حلوين بس ساعة ما بناخد لكن يوم ما ندي بتبقى إيدينا تقيلة شوية.. الفلاح «لشخص4»: أنت مال كلامك ناشف ليه يا سيدنا الأفندي إحنا بناخد وندي مع الشاب.. موسى «لشخص 4»: الأول ما اتعرفناش بحضرتك مع إني حاسس إني أعرفك كويس بس الاسم بس مش حاضر في دماغي دلوقتي.. شخص 4: أنا عازف الفلاح: مزيكاتي يعني.. موسى: لأ أنا بسأل عن الاسم مش عن الصنعة.. العازف: لأ تقدر تقول إن دا اسمي وصنعتي برضه! الموظف «للعازف»: بس أنا شفتك في التليفزيون قبل كدا.. الفلاح: ما أهو بيقلك مزيكاتي.. يعني تلاقيك شفته ورا رقاصة من اللي بيطلعوا علينا في التليفزيون كل يوم زي البلاعة اللي بتطفح.. موسى «ينتبه له»: لا يا عم موسى هو مش بيطلع ورا رقاصة.. دا هو اللي بيرقص بلسانه.. الموظف: أيوة افتكرت شفتك يوم ما خصخصوا الشركة اللي أنا شغال فيها وفضلت تدافع موت عن الخصخصة دي.. العازف: دا اتجاه دولة وكان لازم حد يدافع عنه.. خدنا إيه من الاشتراكية إحنا ومن بطاقة التموين.. الشعب دا يموت في الكسل والأنتخة وعايز حد يزغطه في بقه.. الفلاح: أنا مش عارف يا سيدنا الأفندي أنت على طول كا مك ناشف ليه دا الجماعة المزيكاتية دول بيبقوا ناعمين كدا وكلامهم طري.. الشاب: ما هو لسانه ناعم بس أنت مش واخد بالك يا عم سيد.. «للعازف» يعني أنت دافعت عن الرأسمالية والخصخصة وقلت إنها اتجاه دولة.. بس أنا لحد النهاردة محتفظ بكتبك اللي كنت بتدافع فيها عن الاشتراكية باستماتة وكنت بتتباهى إنك دخلت السجن في سبيل الفكرة دي.. الفلاح «بتأفف»: خريج سجون يعني.. موسى: لأ متقلقش يا عم سيد دا مش من النوع الخطر.. دي مدة السجن في الحالات اللي زي دي بتتحط في «السي في» علشان يعرفوا يتاجروا بيها كويس. الموظف: لأ كدا يبقى نوع خطر جدا.. العازف: أنا مش مهم عندي الناس بتفكر إزاي دا إن كان بيفكروا أصلا، أو شايفني إزاي المهم أنا بؤمن بفكرة وبدافع عنها.. الشاب: تقصد الفكرة السائدة في أي حكم كان، إذا ما جاء حكم اشتراكي فأهلا بالاشتراكية.. الفلاح: ومالها الاشتراكية يا سي الشاب أنا خدت خمس فدادين من الإصلاح الزراعي وقالولي هي دي الاشتراكية.. الشاب «للعازف»: وأول ما التجربة باظت في مصر وفي العالم كله ورحنا للمعسكر الغربي كنت أول واحد راكب الطيارة وقولت مرحب بالرأسمالية وبقيت صاحب أملاك.. الفلاح: ومالها الرأسمالية يا سي الشاب دا أنا كان بيطلع روحي علشان ألاقي السماد والكيماوي في الجمعية الزراعية لكن أول ما بقى يتباع في الدكاكين وفي المحال زي بواكي الشاي قالولي هي دي الرأسمالية.. بس لو البنك بس يخفض المديونية.. الموظف: لعنة الله عليها خصخصوا الشركة وذلونا وكنت سامع صوتك زي الدبابيس وهو جاي من التليفزيون وبتقول إن حالنا هيبقى أحلى مع الخصخصة تعالى بقى أكلي عيالي أنت.. موسى: ويأكلهم ليه ما كفاية هو يأكل على كل الموائد.. دا عليه طبيخ ولا الشيف حسن.. الفلاح «بيأس»: ما ترسوني على بر يا جماعة هو مزيكاتي ولا كاتب ولا طباخ.. الشاب: ما أهو قالك يا عم سيد إنه عازف.. موسى: آه واللي بيكتب له النوتة هي الحكومة.. أي حكومة.. يظبط هو اللحن ويشنف آذاننا إحنا بعزفه.. الشاب: الشاذ طبعًا الفلاح «صائحا»: شاذ أعوذ بالله يا بتوع قوم لوط.. دا إمام الجامع قال إنكم هتكونوا حطب جهنم.. موسى «ضاحكًا»: يا عم سيد الشذوذ أنواع كتير مش اللي في بالك بس.. دا في أوضاع شاذة أصعب بكتير.. الفلاح «بتأكيد»: برضه هيكونوا حطب جهنم.. العازف: سخريتكم دي مش هتنال من عزيمتي ولا هتوقف المسيرة والإصلاح قادم وروشتة إنقاذ مصر في إيدينا إحنا. الشاب: العزف المرة دي رديء قوي مين اللي كتب النوتة دي.. الموسيقار لازم يستبعد الأصوات الشاذة علشان اللحن يوصل لقلب الناس.. الفلاح: يا سي الشاب بلاش سيرة الشذوذ دي دمي بيفور.. دا إمام الجامع قال... موسى «مقاطعًا»: هو إمام الجامع بتاع بلدكم دا ملوش سيرة غير جهنم وحطبها يا عم سيد.. الفلاح: لأ له.. موسى: إيه بقى.. الفلاح: الجنة والحور العين.. آه وقال اللي يصبر على البلاوي هتكون الحوريات من نصيبه.. موسى: ومقالش حاجة عن مديونية البنك! الفلاح: هو أنت بتتريق على يا سي الأفندي هو كان محاسب ولا كان محاسب.. دا إمام جامع كلامه بس عن الجنة والنار.. موسى: طب والدنيا ملوش رأي فيها يصلح الحال، وإن الدين المعاملة، مش ترهيب بس من الجنة والنار، وإن تطوير الخطاب الديني ممكن يصلح حال البلد.. الفلاح «بورع»: اللي بيصلح الحال رب العباد هو اللي في إيده الإصلاح.. الشاب: عازف آخر! الموظف: إمام الجامع بتاعنا قالنا إن الخصخصة دي ابتلاء من ربنا ولازم نصبر على ابتلائه.. العازف: روشتة الإصلاح في جيبي أنا وتطوير الخطاب الديني من مطالبي.. الفلاح: روشتة.. هو سيادتك دكتور.. أصل دكتور الوحدة الصحية اللي في بلدنا مش بيجي غير أول الشهر علشان يقبض بس وبنتبهدل علشان نلاقي دكتور يكشف على عيالنا وغلبنا نشتكي لوزارة الصحة وودن من طين وودن من عجين.. موسى «ضاحكًا»: يا عم سيد دكتور إيه دا عازف.. الفلاح: مزيكاتي يعني.. الشاب: بيقولوا إن الموت في الغربة عادي زي الموت هنا الروح بتطلع لبارئها وخلاص مفيش ألم.. الموظف: هي الخصخصة أحسن ولا الخدمة المدنية أحسن.. أنا بس عايز أأكل عيالي.. موسى: الموسيقار لازم يكتب لحن عبقري.. علشان الناس كلها تسمعه ويستبعد كل عازف الناس ملت عزفه.. الفلاح: هو البنك ممكن يخفضلي المديونية.. «إظلام على المشهد» «صوت القطار متجه إلى المجهول»