قال الباحث المتخصص في شئون حركات الإسلام السياسي سامح عيد: إن جماعة الإخوان تحلم بالعودة إلى مربع دولة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، مشيرًا إلى أن طرح فكرة المراجعات تكتيك سياسي هدفه العودة للمشهد من جديد. عيد أكد في حواره مع «فيتو» أن أعضاء الإخوان لن يتخلوا عن معتقداتهم تحت أي ظرف من الظروف، مشيرًا إلى أن الأوضاع الراهنة أجبرتهم على تقديم تنازلات لاستعادة المجد الضائع.. وإلى نص الحوار: ما تقييمك للمبادرات التي تدعو الإخوان إلى القيام بمراجعات فكرية على غرار الجماعة الإسلامية في التسعينيات من القرن الماضى ؟ من متابعتى لتاريخ قيادات الجماعة بعد ثورة 30 يونيو 2013 أتوقع قبولهم فكرة المراجعات، فرغم العنف الشديد مع الإخوان يدخلون في صفقات، فكان الرئيس الراحل محمد نجيب قلبا وقالبا مع الإخوان، وأكبر دليل على ذلك أنه بعد أن عزله جمال عبد الناصر نظم الإخوان تظاهرات، وفى عهد جمال عبد الناصر وبعد حادثة المنشية والتي راح ضحيتها 54 شخصا، تم القبض على 2200 إخوانى وعلى الرغم من ذلك استوزر جمال عبد الناصر منهم وزيرين هما عبد العزيز كامل والباقوري، فضلا عن عبد الرحيم السيد، والسادات دخل معهم في مفاوضات بالاستعانة بالاتحاد الاشتراكى وعدد من كبار رجال الدولة، وعرف عهد مبارك بزمن خروج الإخوان من السجون، فبعد حادث أسيوط وقتل 118 شخصًا، لم يحكم على أحدهم بالإعدام. ولم يختلف عهد السيسي عن سابقه، فتم الإفراج عن العديد من القيادات مجدى حسين ومجدى قرقر ومحمد الظواهري، في الوقت الذي كان يمكن اتهامهم في قضايا أخرى، فبعضهم معترف والآخر متورط في قضايا لها تصريحات بالفيديو، كما أنه وعلى مستوى الأقاليم تم الحكم على 650 بالبراءة في الشهر الأخير بالبحيرة، وبالتالى فعهد السيسي لم يختلف كثيرًا عن سابقه، ولا يوجد به ما يمنع المصالحة، وهناك تفاهمات لا مركزية وضغوط داخلية وخارجية لحل أزمة الجماعة. ما الفرق بين الجماعات الإسلامية وجماعة الإخوان فيما يتعلق بهذه المبادرة؟ ليس هناك فرق، فالأفكار كلها من منبع واحد، من جمال الدين الأفغاني، ورشيد رضا وصولا لحسن البنا، والمتمثلة في أن الخلافة سقطت ونحن بحاجة إلى خلافة إسلامية جديدة، وتقوم على رد الحدود والتوسع الإمبراطورى لعودة الدولة الإسلامية الكبرى من تركيا إلى أقصى الغرب الأفريقي، كما تقوم هذه الجماعات على فكرة أن تأسيس مشروع الرسالة لم يكتمل، ولابد أن تصل للعالم كله، فضلا عن السيطرة الاقتصادية والاجتماعية على دول العالم بأكمله، مشروع يحوى الكثير من العنف لإقامة دولة إسلامية تحكم باسم الله، ثم التوسع بشكل عسكري، ويتولى الولاية مجموعة من الكهنة يتحدثون بأمر الله، كآيات الله في إيران، موكل إليهم أمر الحكم باسم الله، فلا تبادل للسلطة ولا تنوع سياسي، فضلا عن الاعتداء على الدول المجاورة، حرب مستمرة لا تنتهى ودماء كثيرة وكثيفة، فهو مشروع عنف بكامل أرجائه. هل من الممكن أن تتراجع الإخوان عن المراجعات الفكرية بعد الموافقة عليها؟ فكرة المراجعات مجرد مواقف لحظية ووقتية لجماعة الإخوان، ولن يتخلوا عن مشروعهم الأصلي، جماعة جاءت من ويلات أقرب إلى السجون، فلابد للكهنة أن يصطدموا بالدولة وأجهزتها الشرطية والعسكرية، فهذه المبادرة مجرد نصيحة، والوقت ليس مناسبًا لاستكمال مسيرتها، وأنها تستعد خلال هذه الفترة لجولة لاحقة، فمشروع الإخوان في السبعينيات قائم على وضع خطة ل50 سنة، وكانت خطتهم الحصول على الحكم في 2020 بشكل سلس ويستطيعون السيطرة على الدول المجاورة لتطبيق مشروعهم، ولكن ثورة يناير ملكتهم من الحكم قبل الوقت المحددة ما القيادات المتوقع اعتراضها على هذه المبادرة؟ من المتوقع أن تكون جماعة محمد كمال من المعارضين، ولكن تركيا استطاعت فرض سيطرتها عليهم وتحجيمهم، فالجماعات التي تحاول التصعيد تراجعت بشكل كبير داخليا وخارجيا. من وجهة نظرك ما المعوقات التي من الممكن أن تحول الإخوان عن هذه المبادرة؟ الإخوان شبه موافقين على مبدأ المراجعات، ولكن الإشكال في علانية التصريح، وكيفية مواجهة شباب الجماعة، وتسويق الفكرة، والتي تسعى إليها الجماعة الآن بتقليل العنف داخل الدولة، فهناك توافق خليجى إخوانى يقوم بتهدئة الأوضاع داخل الجماعة تمهيدا لقبول الفكرة. ما العقائد الإخوانية التي من الممكن أن ترضخ للمراجعات الفكرية.. وما العقائد التي من الصعب الاقتراب منها؟ بعد خضوع الجماعة للمراجعات الفكرية ستظل الأفكار كما هي، وسيظل المنهج المتبع من قبل حسن البنا، ولكن الهدف من المراجعات العودة لمربع مبارك والعمل مرة أخرى بهدوء، والتوافق مع السلطة السياسية وتدعيمها، كما أن فكرة مرسي والشرعية أصبحت طى النسيان، فربما يتعاملون مع الأجهزة الأمنية في الدولة في أي أعمال، فالجماعة على أتم الاستعداد لتقديم كل هذه التنازلات ولكنها لن تتنازل عن التنظيم خلال فترة الهدنة والسلام. ما العواقب إذا سارت المراجعات الفكرية بهذا الشكل؟ بعد مرور 10 سنوات سنفاجأ بأن الإخوان يطمعون في الحكم لما يمتلكونه من قدرات مالية ومهارات سياسية، وخاصة في ظل الانهيار الاقتصادى والسياسي الذي تعانى منه البلاد. من وجهة نظرك كيف يتم التصدى لذلك؟ لابد من فض التنظيم نهائيا، والاهتمام بالتفاهم مع الأفراد المقدمين للتوبة ولم يتواطأوا في العنف، فأنا أرفض تمامًا استمرار التنظيم وأشجعهم على المشاركة في جمعيات خيرية أو أحزاب سياسية ليس على أساس ديني، فالتنظيم ما زال يعمل بالفعل الآن والأسر والشعب مازالت مستمرة، كما أن الاجتماعات يتم عقدها بشمل منتظم وستظل مستمرة حتى بعد المراجعات الفكرية. من وجهة نظرك ما الأمر الذي سيدفع الدولة للتصالح مع الإخوان بعد المراجعات الفكرية؟ الدولة لا تستطيع تحمل عبء الحبس لفترة طويلة، فضلا عن عجز الأجهزة الشرطية في تحقيق قضايا مكتملة، والدليل على ذلك خروج الظواهري، كما أن على حبارة لم يتم محاكمته حتى الآن، فضلا عن التخلص من التنظيمات الإرهابية، والاستعانة بمهارات الإخوان السياسية. هل بدأت الحكومة بالفعل تحركاتها تجاه المصالحة مع الإخوان؟ وما هي؟ نعم، خففت الأجهزة الأمنية من قبضتها على الجماعة الإرهابية، كما أنها لم تقدم لهم اتهامات جديدة، وربما لم تطعن في حكم المحكمة الأول، فضلا عن أنها لم تقدم أدلة أو إحرازا، وكما تهدئ المحافظات من حدة تظاهراتهم، كما أنها تحاول تسويق فكرة المبادرة للمجتمع المصرى في محاولة لإخلاء السبيل أمام المراجعات الفكرية، لذلك قال الرئيس السيسي: الموضوع متعلق بالشعب، فالدولة في مهمه لتهيئة الشعب لقبول مثل هذه المبادرة، وخاصة أن هناك عدة براءات متلاحقة خلال الفترة المقبلة لأن قضاياهم غير محكمة. هل دخلت الجماعة مرحلة الخمول التنظيمي؟ ليس خمولًا تنظيميًا ولكنه كُمون بمعنى أن الجماعة فقدت جزءًا من قوتها تتماثل في 10إلى 15٪، ولكن صلب الجماعة موجود وبدأ يعود مرة أخرى للعمل السري، من خلال الأسر والشعب وممارسة بعض الأنشطة الدعوية ونظام الأوامر الصادر عن القيادات للقواعد، فضلا عن المطالبة بالثبات والصبر والدعاة، ومتابعة أسر المسجونين، ولكن لا توجد معسكرات أو أنشطة صاخبة أو مؤتمرات.