[email protected] الضغط على المسئولين أصبح لعبة يمارسها الجميع، كل حسب موقعه. وأسوأ هذه الضغوط ما يمارسه الغوغاء على الكبار كل الكبار دون استثناء. والاستجابة للضغوط أو الخضوع لها هو أول ما يحُول دون الخروج مما نحن فيه. وما دامت هذه الضغوط مستمرة وما دام هناك من يستجيب لها أو يخضع لأصحابها فلن يتحقق شيء من الوعود الرئاسية، لا فى مائة يوم ولا فى مائة سنة. لقد ظهرت مطالب تحرض على رفض الأحكام القضائية بدعوى أن الشرعية هي شرعية الشارع التى ترفض الاعتراف بشرعية المؤسسات، وهو ما يعنى عدم الاعتراف بالسلطة القضائية، ويُعرقل أية محاولات لوضع حد للفوضى السياسية. وظهرت مطالب فئوية تتصف بالغوغائية وتقطع الطرق وتعرقل حركة المرور بدعوى أن هذا مما يدخل فى حق التظاهر السلمى، رغم أن قطع الطرق لم يكن يوما عملا سلميا. ومما يدعو الى اليأس ان ذلك يحدث فى الوقت الذى نسمع فيه وعودا عن حل مشاكل المرور فى حين ان التحركات الغوغائية تزيد من حجم المشكلة يوما بعد يوم. وإذا اعتبرنا ذلك تحركا جماعيا منظما، فإن الغوغائية الفردية فرضت نفسها فى كل مكان ومن أمثلتها استهتار سائقى الميكروباص بكل القواعد النظامية والأخلاقية، ومنهم من يمارس الارهاب العلنى بالتلويح بالسيوف والخناجر التى أصبحت من أدوات معظم سائقى سيارات الميكروباص، ومنهم أطفال فى العاشرة من عمرهم. ويواجه هؤلاء كل محاولات تصحيح هذه الأعمال بتصرفات أكثر غوغائية منها التهديد بالاضراب والامتناع عن نقل المواطنين وفرض زيادة فى الأجر بتقسيم الطريق الى مراحل، ولكل مرحلة أجر جديد. ورأينا وقفات يطالب أصحابها بزيادة مرتباتهم وصرف مكافآت وحوافز ثم يتبين ان مصانعهم متوقفة وتعانى من نزيف الخسائر. والعجيب انهم يطلبون نسبة من الأرباح وبمقابل ساعات إضافية، والأعجب انهم يجدون من يستجيب لهم، ويعلن انهم أصحاب مطالب مشروعة. ولم تعد الغوغائية مقصورة على العامة وأطفال الشوارع والباعة الجائلين الذين يمثلون قطاعا من الثوار تم الاعتراف به، ولكن الغوغائية امتدت الى بعض المثقفين والمهنيين بصورة تضع عراقيل جديدة أمام محاولات الخروج مما نحن فيه. والأمثلة كثيرة ومتعددة ومتكررة بصورة تعرقل التحرك نحو تنفيذ الوعود التى ازدحمت بها الدعايات الانتخابية بمختلف أشكالها ودرجاتها. وبرفض الضغوط الغوغائية وعدم الاستجابة لها قد يعود إلينا الأمل فى الخروج مما نحن فيه. ونسأل الله العافية..