قال حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان: إن الأمراض الجلدية والتنفسية تعتبر الأكثر انتشارًا في الأقسام والسجون المصرية، مشيرًا إلى عدم وجود وسائل للتهوية الجيدة واحتجاز أعداد كبيرة في غرف صغيرة. وأضاف أبو سعدة في حوار مع «فيتو»، أن حل هذه الأزمة يتمثل في إجراء الكشف على المحتجزين قبل وضعهم في السجون، بالإضافة إلى إجراء كشوفات طبيعة دورية عليهم، حتى يتم منع انتشار هذه الأمراض، مشيرة إلى أن مصر ليست بحاجة إلى إنشاء سجون جديدة للحد من أزمة تكدس المسجونين في الزنازين، مشددًا على ضرورة اللجوء إلى الغرامة كبديل عن الحبس في الجرائم الصغيرة، بالإضافة إلى ضرورة إلغاء الحبس الاحتياطي.. والى نص الحوار * في البداية، ما تعليقك على واقعة إصابة ثلاثة مساجين بمرض الإيدز محتجزين بقسم شرطة الهرم؟ إصابة ثلاثة مساجين بهذا المرض أو احتجاز متهمين بالشذوذ داخل حجز يضم 175 متهمًا مؤشر خطير؛ فأماكن الاحتجاز في معظم الاقسام المصرية تحوى ما يزيد على 170 محتجزا، وهو ما يعنى انتشار مثل هذه الأمراض باختلاف درجة خطورتها بسرعة كبيرة. * إذا اعترفنا بانتشار الأمراض بين المحتجزين، ما أكثر الأمراض انتشارًا في السجون ومقار الحجز المصرية؟ بطبيعة الحال، الأمراض الجلدية والتنفسية، هي الأكثر انتشارًا في الاقسام والسجون المصرية؛ فلا توجد وسائل للتهوية الجيدة، بالإضافة إلى وضع ما يزيد على مائة شخص في حجرة صغيرة من المفترض أن تتحمل بالكاد عشرة أشخاص، مما يضطر المحتجزين إلى تقسيم أنفسهم إلى مجموعات ويتناوبون على النوم. * كيف يمكن التغلب سريعًا على انتشار الأمراض الجلدية بين المحتجزين؟ يجب أن يكون هناك كشف على المحتجزين قبل إيداعهم في أقسام الشرطة أو السجون، إلى جانب إجراء كشف طبى دوري، حتى يتم استيعاب الأزمة وعلاج المصابين قبل أن تنتشر العدوى. * هل هناك أزمة في توفير أماكن احتجاز المساجين؟ من المفترض أن أماكن الاحتجاز متوافرة، لكن في الفترة الأخيرة تزايدت أعداد المشتبه بهم والمجرمين، مما اضطر بعض أقسام الشرطة لاحتجاز أعداد أكبر من اللازم ومن هنا بدأت تظهر الأمراض وتنتشر فيما بينهم. * إذن هل نحن في حاجة إلى إنشاء سجون جديدة لاستيعاب هذه الأعداد؟ بالطبع لا، ولكن هناك حلولا أخرى وتتمثل في إلغاء العقوبات من الجرائم الصغيرة فيمكن استبدال الحبس 6 أشهر مثلا بالغرامة، وهكذا كما يجب إلغاء ما يسمى بالحبس الاحتياطي، وهو يكون داخل أقسام الشرطة، وهو ما يعنى عدم توافر إمكانيات معيشة أو رعاية صحية جيدة، وتزداد الأزمة تفاقمًا مع تحويل المساجين إلى السجون أيضا وهم في الحبس الاحتياطي. * كيف يتم وصف الأوضاع داخل أقسام الشرطة والسجون؟ الوضع مرعب داخل أقسام الشرطة ويجب أن تكون هناك إجراءات عاجلة تجاه الانتهاكات التي تحدث هناك. وأثناء زيارات، المجلس القومى لحقوق الإنسان، للسجون المصرية رصدنا العديد من الانتهاكات الخطيرة هناك، كما رصدنا أماكن غير آدمية يُحتجز فيها المساجين، مع العلم بأن معظم زيارات المجلس للسجون تكون بناءً على شكاوى الأهالي التي قاموا بإرسالها إلى المجلس سواء بشكل مباشر أو عن طريق المنظمات الحقوقية الخاصة. كما كشفت أن أمناء الشرطة يسيطرون بشكل كامل على الأقسام حتى بات هناك دولة تسمى «دولة أمناء الشرطة» داخل الأقسام، وهو ما يجعلهم يقومون بانتهاكات صارخة ضد المساجين. * ووفقًا للتقارير المعنية بحقوق الإنسان، ما هو أسوأ السجون المصرية؟ معظم التقارير تشير إلى أن سجن العقرب، هو أسوأ السجون المصرية، فهو أكثر السجون انتهاكًا لحقوق الإنسان، بخاصة مع انتشار الفطريات داخل الزنازين كنتيجة لغياب التهوية، وزيادة الرطوبة، كما لا يوفر للنزلاء السجن أكوابا للشرب، ما يجعلهم يستخدمون أنصاف الزجاجات البلاستيكية، التي تنكمش مع السخونة، فتصير مسرطنة. وتطول هذه المعاملة غير الآدمية أهالي المساجين؛ حيث تمنع الزيارات بالشهور، وعندما يتم فتحها تخصص إدارة السجن من20 إلى 40 زيارة فقط، ما يؤدى بالزائرين إلى المبيت أمام السجن؛ حتى يتمكنون من التسجيل مبكرا في الزيارة. * هل هناك مواثيق دولية، تناولت قضية السلامة الجسدية للسجناء والمحتجزين؟ أقرت المواثيق الدولية الحق في سلامة الجسد حيث أكد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان هذا المعنى في المادة 5 بألا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة للكرامة. وهو ما أكدت عليه المادة 7 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية. كما أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان والمكلفة بمراقبة تطبيق العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، أن الأشخاص المحرومين من الحرية لا يجوز تعرضهم لأية صعاب أو فرض أية قيود عليهم سوى ما ترتب منها على حرمانهم من الحرية. ويتمتع الأشخاص المحرومون من الحرية بجميع الحقوق المنصوص عليها في العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية إلا ما تعارض منها مع ما لا يمكن تجنبه من القيود المحتومة بحكم وجودهم في بيئة مغلقة. كذلك قالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان: «يجب معاملة المحتجزين باحترام للكرامة المتأصلة في شخص كل إنسان منهم هو معيار أساسى عالمى التطبيق، ولا يمكن للدول أن تبرر معاملتهم على نحو لا إنسانى بحجة نقص الموارد المادية، أو الصعوبات المالية. وهى ملزمة بتزويد جميع المحتجزين، والسجناء بالخدمات اللازمة لتلبية جميع احتياجاتهم الأساسية». * ما هي الاحتياجات الأساسية الواجب توافرها للمساجين، وفقًا لهذه المواثيق؟ توفير الطعام، ومرافق الاستحمام والصرف الصحي، والفراش والملابس والرعاية الصحية والتعرض للضوء الطبيعي، والترويح عن النفس والتمرينات الرياضية، وتخصيص أماكن لممارسة الشعائر الدينية، والسماح للمحتجزين بالاتصال فيما بينهم، على أن يشمل ذلك إمكانيات الاتصال بالعالم الخارجي.