شهدت عشرينيات القرن الماضي محاولات كثيرة لتعلم الطيران.. وشهدت أيضًا المحاولات الأولى لإنشاء شركات الطيران في الوطن العربي.. فشلت محاولة حسن أنيس باشا في عام 1925؛ لأن السلطات البريطانية لم تكن تسمح بقيام شركة مصرية وطنية والحجة التي تتذرع بها هي عدم وجود تشريع ينظم الطيران في مصر.. ولكنَّ مصريًا آخر هو محمود خيري باشا لم ييأس وتقدم بعد ذلك بطلب إلى وزارة المواصلات للموافقة على مشروع لإنشاء خط جوي بين مصر وأثينا وتريستا وخطوط أخرى داخلية بين الإسكندرية ومصر والأقصر وأسوان.. في تلك الأيام كانوا يطلقون على القاهرة اسم مصر. افتتح المؤسسون مكتبًا سموه (مكتب مشروعات الطيران الأهلي) وقرروا لأول مرة في تاريخ الوطن العربي استخدام الطائرات في رش المبيدات لمقاومة الآفات الزراعية.. وكان خيري باشا متزوجًا من إحدى أميرات الأسرة المالكة، وأرسل في شراء طائرة من شركة يونكرز في ألمانيا أحضرها إلى مصر بالفعل وكانت أول طائرة مجهزة للرش الزراعي تصل إلى المنطقة.. وقد أحضرت على عجل لكي يشاهدها الناس في المعرض الزراعي الذي حل افتتاحه.. كانت الطائرة قد رسم عليها علم مصر وسميت ( القاهرة ) ولكن السلطات البريطانية لم يعجبها ذلك، فقال مستشار الطيران الإنجليزي لونج إن وصول الطائرة جاء مخالفًا للقانون ودون الحصول على تصريح وأمر بسحبها من الجيزة لتخزينها في الورش الأميرية ببولاق والبت في أمر إعادتها من حيث أتت أو مصادرتها.