تمرد في الصفوف الوسطى للكتائب بعد الاستيلاء على صفقة أموال «الإخوان» حرب خفية تعصف بحركة حماس، دق أول طبولها، بيان مقتضب صدر عن «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية للحركة في قطاع غزة، قبل أيام، بعد تأكيد سطور هذا البيان، إعدام أحد القيادات العسكرية في اللواء الجنوبى بقطاع غزة، وهو «محمود ريشد اشتيوي». كتائب القسام، زعمت أن إعدام العنصر العسكري البارز، جاء لمعاقبته على تجاوزات سلوكية وأخلاقية لم تفسرها، وتعمدت بعدها تسريب معلومات متعلقة بتورطه في العمالة لجهاز المخابرات الإسرائيلى «الموساد»، في تسهيل عملية اغتيال محمد أبو ضيف أحد أبرز قيادات القسام الموضوع على قائمة الاغتيالات المستهدفة. الإعلان عن إعدام «اشتيوي»، الذي ظل قابعا في سجن مجهول تابع للكتائب بقطاع غزة، رفع الغطاء عن الخلافات التي تنخر في عظام «حماس»، وكشف حجم الخلافات الهائلة بين القيادات العسكرية والسياسية، وحجم الهوة بين المكتب السياسي برئاسة خالد مشعل، والجناح العسكري الذي يعمل بعيدًا عن التصريحات العنترية التي تصدر عن القيادات في الدوحة وإسطنبول. أولى القنابل فجرتها عائلة «اشتيوي»، التي كشفت براءة نجلها من الاتهامات المنسوبة له، ونشرت بيانًا أزاح الستار عن كنز معلومات حول حرب تقسيم غنائم الأنفاق بين قيادات القسام، خصوصًا أن مهمة «المعدوم» كانت الإشراف على الأنفاق المستخدمة لتخزين الأسلحة المهربة من وإلى سيناء، واستقبال الصفقات التجارية التي كانت تتم في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، بما فيها البضائع المهربة والسولار والبنزين. عائلة «اشتيوي» أكدت أن نجلها دخل في خلاف حاد مع «محمد السنوار - رئيس ما يسمى بلواء الجنوب والملقب ب(مهندس الأنفاق بكتائب القسام)»، مشيرة إلى أن هذه الخلافات لم تكشف العائلة عنها صراحة في بيان التنديد الكاشف لأكاذيب «القسام»، لكنها ألمحت إلى وجود تضارب في وجهات النظر، حيث تم الاستيلاء على مبالغ مالية هائلة دخلت للحركة عبر الأنفاق بهدف التسليح، وتم الاستيلاء عليها لصالح القيادات الكبرى، ما نتج عنه تصدع في العلاقات بين القيادات الوسطى الموالية لمحمود الزهار الذي يميل بدوره للعمل العسكري ضد الاحتلال الإسرائيلى، وتسهيل الصفقات التجارية والمالية مع «إخوان مصر» عبر الأنفاق بهدف تطوير أداء القسام تسليحيًا لتصبح رافدا للعناصر الإرهابية في سيناء. وتبنت «بثينة اشتيوى - شقيقة المعدوم»، حملة على صفحتها الشخصية ب«فيس بوك»؛ للكشف عن كواليس اعتقال شقيقها لمدة عام، بعد خلافاته مع «السنور»، وقيام عناصر القسام بتعذيبه بشكل ممنهج وحرمانه من الطعام والصلاة والاستحمام ومع تدهور حالته الصحية قامت عناصر الحركة بإطلاق النار عليه، وأعلنت إعدامه للتعتيم على واقعة التصفية، خصوصًا مع انفجار الفضائح المالية التي كشفت عنها العائلة وقيامها بالتواصل مع خالد مشعل وإسماعيل هنية، وحصولها على وعود فارغة كما وصفتها، وفشل «الزهار» في التوسط للإفراج عنه. أما الجانب الخفى حتى الآن في ملف إعدام قيادى القسام، خوفًا من تسببه في «إعدام حماس»، فيفضح بقوة انحراف حركة حماس عن هدفها الأساسى منذ تأسيسها، وهو مقاومة المحتل، وتحولت إلى ذراع لنشر الفوضى والدم في دول الجوار، ولم تسلم منه عاصمة عربية في المنطقة وعملها بالوكالة لصالح إيران وجماعة الإخوان، وهذا ما كشفه قيادى سياسي بارز في قطاع غزة ل«فيتو». القيادى نفسه، سرد معلومات أزاحت غلاف السرية عن ملف الإعدام، وأكد أن تفاصيل واقعة «اشتيوي» تعود إلى خلاف حول مبلغ مالى ضخم تم تهريبه عبر الأنفاق، وحصلت عليه «القسام» من قيادات إخوانية بالداخل المصري، عقب عزل مرسي، ولعب «الزهار» دور الوسيط فيها بهدف شراء أسلحة لصالح الحركة في ظل امتناع إيران عن إمدادها بالأسلحة والأموال على خلفية الخلافات، حول ملف الأزمة السورية، نتيجة تحول موقف حماس من دعم نظام بشار الأسد، إلى المطالبة برحيله ورفع علم الثورة السورية، تماشيا مع مطلب تركيا وقطر والإخوان. وكشف القيادى بقطاع غزة، أن الأموال التي دخلت عبر الأنفاق استولى عليها قيادات بكتائب القسام بالاتفاق مع أعضاء المكتب السياسي للحركة، ولم ينفذ جانب الاتفاق الأساسى لأكبر عملية تهريب شهدتها الأنفاق، وأشرفت عليها قيادات الصف الأولى بالقسام، وقيادات وسطى من بينهم محمود اشتيوي، ومع تراجع القسام عسكريًا، في ظل تكثيف الاحتلال الإسرائيلى عملياته العسكرية ضد الأنفاق، وقع تمرد في صفوف القيادات الوسطى تزعمه القيادى المعدوم للمطالبة بالإفراج عن الأموال التي تم التكتم عليها بهدف إمداد الكتائب بأسلحة وعتاد في ظل تراجع قدراتها العسكرية وعدم استطاعتها تنفيذ عمليات نوعية بالداخل الإسرائيلي، وشعور القيادات الوسطى بالحرج أمام الانتهاكات التي تمارس في القدس، وعجزها عن تنفيذ ما تطلقه من بيانات تتوعد فيها الاحتلال بضربات موجعة. وقام شباب الحركة المتمردون بتأسيس ما يسمى « لواء القساميِّين الأحرار»، وأصدروا بيانهم الأول الذي حمل عبارات التهديد والوعيد للقيادات، واضعين شروطا رهنوا عدم تنفيذها بوقوع انفجار الكبير داخل الذراع العسكرية لحركة حماس، تمثل الشرط الأول، في المطالبة بكشف حقيقة إعدام «اشتيوي» وتشكيل لجنة محايدة تطلع على التحقيقات التي أجريت معه قبل إعدامه..الثانى، محاسبة محمد السنوار على مقتل «اشتيوى» وتشهيره بعائلته التي تمد القسام بالمقاتلين واحتضنت الجهاديين والمقاتلين منذ ستينيات القرن الماضى وقدمت عددا من الشهداء في المعارك ضد الاحتلال. حالة الغضب التي تسيطر على جيل المقاتلين الجدد، على خلفية الواقعة، باتت أكبر تهديد وجودى لحركة حماس، بعد ارتفاع الأصوات المنددة بالممارسات المترهلة للمكتب السياسي والاتفاقات السرية التي تتم مع الاحتلال، دفعت شباب القطاع للتعاطف مع السلفى حسين الجعيثنى «أبو معاذ»، الذي سعى لضم الشباب ومقاتلى القسام إلى تنظيم «داعش» الإرهابى بخطابه عن تطبيق الشريعة، وتخلى الحركة عن الإسلام مقابل الصفقات مع الاحتلال. وجاء إعلان أمريكا بإدراج «الجعيثني» القابع في سجون حماس، على قوائمها السوداء بتهمة محاولته تجنيد شباب غزة لصالح «داعش»، مسمارا جديدا في نعش حماس، وتعالت أصوات اتهامها بالصفقات الخفية مع أمريكا وإسرائيل.