الحصر العددي لأصوات الناخبين بالدائرة الرابعة مركز إدفو في أسوان    مستوطنون إسرائيليون يهاجمون قريتين فلسطينيتين في الضفة الغربية    دقائق أنقذت السكان من الموت، انهيار عقار مكون من 8 طوابق بمنطقة الجمرك بالإسكندرية    زفاف الموسم يشعل السوشيال ميديا.. نجوم الفن يتسابقون لتهنئة مي عز الدين بزواجها من أحمد تيمور    «زي النهارده».. وفاة الفنان محمود عبدالعزيز 12 نوفمبر 2016    «زى النهارده».. استخدام «البنج» لأول مرة في الجراحة 12 نوفمبر 1847    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    وزير خارجية فرنسا: العمليات العسكرية في الكاريبي انتهاك للقانون الدولي    رئيس الوزراء: استثمارات قطرية تقترب من 30 مليار دولار في مشروع "علم الروم" لتنمية الساحل الشمالي    عيار 21 يسجل رقمًا قياسيًا.. سعر الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    تحقيق عاجل من التعليم في واقعة احتجاز تلميذة داخل مدرسة خاصة بسبب المصروفات    مي سليم تطرح أغنية «تراكمات» على طريقة الفيديو كليب    أمطار وانخفاض درجات الحرارة.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس اليوم وغدًا    موعد بداية ونهاية امتحانات الترم الأول للعام الدراسي الجديد 2025-2026.. متى تبدأ إجازة نصف السنة؟    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم توك توك وتروسيكل بالخانكة    انقطاع التيار الكهربائي بشكل الكامل في جمهورية الدومينيكان    الزراعة: السيطرة على حريق محدود ب "مخلفات تقليم الأشجار" في المتحف الزراعي دون خسائر    سبب استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان وحقيقة تدخل حسام حسن في إقصاء اللاعب    رسميًا.. موعد إعلان نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025 المرحلة الأولى    استقرار نسبي في أسعار العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه المصري مع تراجع طفيف للدولار    تسع ل10 آلاف فرد.. الجيش الأمريكي يدرس إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من غزة    قلبهم جامد.. 5 أبراج مش بتخاف من المرتفعات    موسكو تحذر من عودة النازية في ألمانيا وتؤكد تمسكها بالمبادئ    نيوسوم يهاجم ترامب في قمة المناخ ويؤكد التزام كاليفورنيا بالتكنولوجيا الخضراء    لتجنب زيادة الدهون.. 6 نصائح ضرورية للحفاظ على وزنك في الشتاء    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    «الجبهة الوطنية» يُشيد بسير العملية الانتخابية: المصريون سطروا ملحمة تاريخية    قبل غلق اللجان الانتخابية.. محافظ الأقصر يتفقد غرفة العمليات بالشبكة الوطنية    اتهام رجل أعمال مقرب من زيلينسكي باختلاس 100 مليون دولار في قطاع الطاقة    الحسيني أمينا لصندوق اتحاد المهن الطبية وسالم وحمدي أعضاء بالمجلس    مختصون: القراءة تُنمّي الخيال والشاشات تُربك التركيز.. والأطفال بحاجة إلى توازن جديد بين الورق والتقنية    جناح لجنة مصر للأفلام يجذب اهتماما عالميا فى السوق الأمريكية للأفلام بلوس أنجلوس    مواجهة قوية تنتظر منتخب مصر للناشئين ضد سويسرا في دور ال32 بكأس العالم تحت 17 سنة    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل استعداداته لمواجهتي الجزائر (صور)    النيابة تطلب تحريات سقوط شخص من الطابق ال17 بميامي في الإسكندرية    علشان تنام مرتاح.. 7 أعشاب طبيعية للتخلص من الكحة أثناء النوم    ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار فونج-وونج بالفلبين ل 25 قتيلا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. روسيا تمنع 30 مواطنا يابانيا من دخول البلاد.. اشتباكات بين قوات الاحتلال وفلسطينيين فى طوباس.. وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلة يقدم استقالته لنتنياهو    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء عمليات الفرز في لجان محافظة الجيزة    انتخابات مجلس النواب 2025.. محافظ الفيوم يتابع أعمال غلق لجان التصويت في ختام اليوم الثاني    بيان رسمي من خوان بيزيرا بشأن تجاهل مصافحة وزير الرياضة بنهائي السوبر    «ميقدرش يعمل معايا كده».. ميدو يفتح النار على زيزو بعد تصرفه الأخير    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    منتخب مصر يستعد لأوزبكستان وديا بتدريبات مكثفة في استاد العين    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    السفير التركي: العلاقات مع مصر تدخل مرحلة تعاون استراتيجي شامل    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025    السياحة تصدر ضوابط ترخيص نمط جديد لشقق الإجازات Holiday Home    وفد السياحة يبحث استعدادات موسم الحج وخدمات الضيافة    نقيب الإعلاميين: الإعلام الرقمي شريك أساسي في التطوير.. والذكاء الاصطناعي فرصة لا تهديد.    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    استجابة من محافظ القليوبية لتمهيد شارع القسم استعدادًا لتطوير مستشفى النيل    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بشارة عيسى».. الإنجيل احتفى ب«نبي آخر الزمان».. وبيّن صفاته وتحدث عن فضائله.. محمد أم أحمد.. النبيّ الذي بشر به المسيح؟.. إنجيل يوحنا عن الرسول: «متى جاء أرشدكم إلى الحق كله لأنه لا يتكلم من عنده»
نشر في فيتو يوم 24 - 12 - 2015

بشارة مقدسة، تناقلها الأنبياء منذ قديم الزمان، وانتظرت تحققها أجيال وأجيال من القساوسة والرهبان، ومع مرور السنوات والقرون تعاقبت الشعوب وتبدلت أحوال البلاد والعباد وفسدت الدنيا بسكانها، وعبث الظلم والطغيان بنفوس بني آدم، وساد الجهل والجاهلية الأوطان وتحولت قبلة البشرية إلى عبادة الأوثان ونسيان ذكر الرحمن، فتهيأت الأرض والسماء وعالم الإنس والجان لاستقبال حبيب الرحمن نبراس النور الذي قضى برسالته على الظلم والظلمات، وتمم ب"الإسلام" رسالات من سبقه من رسل وأنبياء، وتحققت فيه نبوءات الأولين، وأصبح محمد بن عبد الله هو خير خلق الله وخاتم الأنبياء والمرسلين.
انتقلت البشارة بالنبي الأمي خير الأنام وخاتم الأنبياء والمرسلين عبر قرون من الزمان، تناقلها الأنبياء وانتظرها القساوسة والرهبان، ومن أبرز النبوءات تلك التي تمثل نواة لعهد يعقوب لأبنائه، الذي ورد ذكره في سورة البقرة التي قال فيها المولى عز وجل: (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق إلهًا واحدًا ونحن له مسلمون)، ولقد ورد في (سفر التكوين 49/10) هذه النبوءة ذات العلاقة بعهد يعقوب، التي قال فيها (لا يزول الصولجان من يهوذا أو التشريع من بين قدميه حتى يأتي شايلوه ويكون له خضوع الأمم)، وقد احتفظت كل تراجم العهد القديم بكلمة (شايلوه) كما هي دون ترجمة أو شرح، عدا الترجمة السيريانية المسماة البشيتا Peshitta، فقد ترجمت الكلمة إلى (الشخص الذي يخصه) الصولجان والتشريع، وبموجب هذه الترجمة يتضح معنى النبوة، بأن صفات السلطان والنبوة لن تنقطع من يهوذا وسلالته إلى أن يجيء الشخص الذي تخصه هذه الصفات، ويكون له خضوع الأمم.
ويُحتمل أن تكون كلمة (شايلوه) مشتقة من الفعل (شله Shalah)، وفي هذه الحالة فهي تعني العالم الهادئ الموثوق، كما تعني أيضًا "أرسل" و"فوض"، من اسم المصدر (شلوه Shaluh) أي المُرسل أو الرسول، وعندئذ فإن الكلمة تأخذ معنى (شيلواح Shiluah)، وهي ترادف (رسول ياه Apostle of Yah) أي اللقب المُعطى لمحمد (رسول الله)، وكلمة رسول لم تذكر في العهد القديم إلا مرة واحدة في عهد يعقوب، ويمكن التأكد من تحقق نبوءة يعقوب في محمد صلى الله عليه وسلم، من خلال أنه جمع بين (الصولجان) و(التشريع) أي (السلطة الدنيوية) و(النبوءة)، وهذه الصفات لم تنطبق على موسى ولا داوود ولا المسيح عيسى، الذي أعلن بنفسه أن المسيح الذي تنتظره إسرائيل لن يكون من نسل داوود، وذلك وفقًا لأناجيل (متى 22/44 – 45، مرقص 12/35 – 37، لوقا 20/41- 44)، كما أن عيسى لم يترك تشريعًا مكتوبًا، ولم يفكر بسلطان دنيوي قط، فضلًا عن أن صفات الهادئ المسالم الأمين الوديع تنطبق على محمد صلى الله عليه وسلم، كما كان معروفًا عنه قبل البعثة.
نبوءة النبي دانيال
ولعل نبوءة النبي دانيال التي ظهرت في الفصل السابع من (سفر دانيال 7/14) من أوضح النبوءات عن البعثة النبوية للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهي تصف صورًا رمزية وأحداثًا مهمة في تاريخ البشرية، تلت بعضها البعض على فترات تزيد على الألف عام، ورُمز لها بوحوش هائلة أربعة، تصف هذه الرؤية عواصف أربعة من السماء تزأر بمواجهة بحر عظيم يخرج منه على التوالي أربعة وحوش هائلة، الأول على شكل أسد مجنح، والثاني دب يحمل ثلاثة أضلع بين أسنانه، والثالث على هيئة نمر ذي أربعة أجنحة وأربعة رءوس، والأخير وحش ذو قرون عشرة وأسنان حديدية، ثم يبرز له قرن حادي عشر فتتحطم أمامه ثلاثة قرون وتظهر على القرن الحادي عشر أعين بشرية وفم بشري، يتفوه بعبارات الكفر والإلحاد، وفجأة تظهر صورة الحي القيوم وسط ضوء متلألئ في السماء على عرش ذي لهب نوراني، ويتدفق أمامه نهر من النور تقف بين يديه ملايين الكائنات السماوية، كما لو كانت محكمة القضاء منعقدة في جلسة غير عادية؛ حيث تُفتح الكتب فيحترق الوحش الرابع بالنار، لكن القرن الذي يتفوه بالكفر يظل حيًا حتى يؤتى بالبرناشا (ابن الإنسان) محمولًا على السحاب ويمثل أمام رب العالمين، فيتلقى منه سلطانًا ومجدًا وملكوتًا لتخضع له الشعوب والأمم للأبد، "وتكون أمته هي الأمة التي تقدس الله العلي القدير" (سفر دانيال 7/27)، ويقترب النبي المبهور دانيال من أحد الملائكة راجيًا أن يفسر له ما يرى، فيجيبه أن كلا من الوحوش الأربعة يمثل إمبراطورية، فالأسد المجنح بأجنحة النسر يمثل الإمبراطورية الكلدانية التي كانت كالنسر المنقض على عدوه، والدب هي الإمبراطورية الفارسية التي اتسعت فتوحاتها، وهكذا تحمل بين أسنانها ضلعًا من جسم كل من القارات الثلاثة، وأما النمر ذو الأجنحة والرءوس الأربعة فيرمز إلى إمبراطورية الإسكندر الأكبر التي انقسمت بعد موته إلى أربعة ممالك، والوحش الرابع هو الإمبراطورية الرومانية وقرونها هي أباطرة روما العشرة الذين اضطهدوا المسيحيين الأوائل، والقرن الصغير هو قسطنطين الذي تتوافق أفعاله مع ما جاء في الرؤية، والبرناشا هو محمد صلى الله عليه وسلم، وقد توافقت رؤية دانيال التي تنبأت بالبرناشا العظيم مع نبوءة داوود ورؤية النبي أيوب (أيوب 19/25)، الذي تنبأ بالمخلص الذي ينقذ الناس من سلطة الشيطان.
ولا يُعد لقب (برناشا) أو (ابن الإنسان) كلقب المسيح الذي كان يُطلق على كل نبي وكاهن وملك، وإنما هو اسم علم يختص بخاتم الأنبياء والرسل فقط، وقد وصف كتاب أسفار الرؤى (ابن الإنسان) على أنه الرسول الذي سيأتي في الوقت المناسب لينقذ القدس وبني إسرائيل من الوثنية والاضطهاد وينشئ المملكة الدائمة لعباد الله المخلصين، ولم يسبق لأي نبي أو متصوف أن ادعى أنه (ابن الإنسان)، وقد تكرر استخدام هذا اللقب على لسان المبشرين الأوائل، ما يدل على معرفتهم الأكيدة بالرؤى اليهودية واعتقادهم الراسخ بمصداقيتها وقداستها.
رسالة حجي
تعرض بنو إسرائيل لنكبات وأحداث متعاقبة عبر القرون المتتالية بعد سقوط مملكة إسرائيل في يد الآشوريين عام (721 ق.م)، ولكن في الأخير أكرمهم الله بالعودة إلى فلسطين في عهد قورش ملك الفرس، الذي سمح لهم بإعادة بناء القدس وهيكل سليمان، وأثناء تلك المناسبة بعث الله النبي (حجي) ليعزي بني إسرائيل بهذه الرسالة المذكورة في (سفر حجى 9/7-9) (وسوف أزلزل كل الأمم، وسوف يأتي (حمده) لكل الأمم وسوف أملأ هذا البيت بالمجد، كذلك قال رب الجموع، لى الفضة ولى الذهب هكذا قال رب الجموع، وإن مجد ذلك البيت الأخير يكون أعظم من مجد الأول، هكذا قال رب الجموع، وفى هذا المكان أعطى ال(شالوم) هكذا قال رب الجموع)، ولقد تُرجمت الكلمة العبرية (شالوم) إلى السلام، وهي كلمات مشتقة من أصل واحد وتؤدي معنى السلام والاستسلام، أما كلمة (حمده) فتترجم إلى الأمنية الكبيرة أو المُشتهى، وفي اللغة العربية يأتي الفعل (حمد) من جذر الكلمة ذاتها بمعنى الإطراء والمديح، وكلمة (أحمد) هي الصيغة العربية لكلمة (حمده)، وفى ذلك اتساق مع قول الله تعالى في الآية 6 من سورة الصف (وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إنّي رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين)، وذكر القرطبي في تفسيره لهذه الآية، أن (أحمد) هو اسم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو اسم علم منقول من صفة لا من فعل، فتلك الصفة أفعل التي يراد بها التفضيل، ويعني أحمد الحامدين لربه، والأنبياء كلهم حامدون لله، ونبينا أحمد أكثرهم حمدًا.
أما محمد فمنقول من صفة أيضًا، وهي تعني محمود، ولكن فيه معنى المبالغة والتكرار، فالمحمد هو الذي حمد مرة بعد مرة، ثم أنه لم يكن محمدًا حتى كان أحمدا، حمد ربه فنبأه وشرفه؛ لأن حمده لربه كان قبل حمد الناس له، لذا تقدم اسم أحمد على الاسم الذي هو محمد، فذكره عيسى عليه السلام فقال اسمه أحمد، وذكره موسى عليه السلام قائلًا لربه (تلك أمة أحمد)، وقال محمد صلى الله عليه وسلم (اسمي في التوراة أحيد، لأني أحيد أمتي عن النار، واسمي في الزابور الماحي، محا الله بي عبدة الأوثان، واسمي في الإنجيل أحمد، واسمي في القرآن محمد؛ لأني محمود في أهل السماء والأرض). وقد ورد بإنجيل يوحنا الذي كُتب باليونانية اسم (باراقليطوس Paracletos)، وهو صيغة غير معروفة في الأدب الإغريقي، ولكن تتوافق كلمة (برقليطوس Periqlytos) مع اسم أحمد في معناه ومغزاه، وهي كانت الترجمة اليونانية الأصلية لكلمة (حمده) الآرامية كما لفظها المسيح عيسى، ويُعد اسم محمد صيغة أخرى لاسم أحمد ومن المصدر والجذر ذاته.
كما ورد في (يوحنا 14/16) (وسوف أطلب من الأب وسوف يعطيكم برقليطوس آخر يبقى معكم إلى الأبد)، والبرقليطوس ليس الروح القدس ولا شخصًا إلهيًا ولا جبريل أو غيره من الملائكة، كما أنه ليس المعزى أو الوسيط، وهذه الكلمة تعنى من الناحية اللغوية البحتة (الأمجد والأشهر والمستحق للمديح)، وقد ورد ذلك في القاموس اليونانى – الفرنسى لمؤلفه ألكسندر، والاسم مركب من مقطعين، الأول Peri والثانى Kleitos، ومشتق من التمجيد والثناء، ويعنى تمامًا اسم أحمد باللغة العربية أي أكثر ثناء وحمدًا، ولم يُذكر اسم برقليطوس على أي يونانى قط، كما أن اسم أحمد لم يُطلق على أي عربى قبل النبي محمد، ومن علامات البرقليطوس أنه (سوف يوبخ العالم لأجل الخطيئة والاستقامة والعدالة) (يوحنا – 16/8)، والعلامة الأخيرة للبرقليطوس هي أنه (لا يتكلم من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بما سوف يأتي) (يوحنا 16/13)، وهكذا كان محمد صلى الله عليه وسلم، ينطلق بالوحى تمامًا كما سمعه من جبريل، ثم كان الوحى يدون على يد الكتبة المختارين فور نزوله حتى تم تجميع القرآن.
وهناك نبوءة أخرى من سفر ملاخي، وهو الكتاب الأخير في العهد القديم، بشرت بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم وهي (سوف أرسل رسولي فيمهد الطريق أمامي، وفجأة سوف يأتي إلى هيكله السيد الذي تطلبونه، رسول العهد الذي تُسرون به، إنه سوف يأتي، هكذا قال رب الجموع) (سفر ملاخي 3/1)، وهي ما تتطابق مع الآية الأولى من سورة الإسراء (سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير)، فقد أسرى الله بمحمد من مكة إلى بيت المقدس وزار البقعة المقدسة عند بقايا المسجد.
بشارة موسى
ورد في (20 – 15: 18 التثنية) أن هناك نبيًا مثل موسى (أُقيم لهم نبيًا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامى في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به، ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامى الذي يتكلم به باسمى فإنى أحاسبه، وأما النبى الذي يطغى فيتكلم باسمى كلامًا لم أوصه أن يتكلم به، أو الذي يتكلم باسم آلهة أخرى فيموت ذلك النبي)، ولقد تطلعت أجيال المؤمنين من أهل الكتاب على مر الزمان لتحقق هذه النبوءة التي تتحدث عن مجيء نبى عظيم في مقام موسى عليه السلام من إخوة بنى إسرائيل سيجعل الله كتابه إليه كلاما يحفظه، ويتلوه على الناس من فمه، أي أنه لن يعطى كتابا مكتوبا في ألواح أو غيرها، وسينصره الله على أعدائه ويقتص منهم، وعلى نقيض هذا النبى أولئك الأدعياء لنبوته المفترين على الله، فإن الله عز وجل سيهلكهم، وهذه بشارة ظل الناس ينتظرون تحققها من بعد عصر موسى عليه السلام حتى عصر عيسى عليه السلام، ولم يدعِ أحد من الأنبياء من بنى إسرائيل تحققها فيه، فقد تشابه محمد صلى الله عليه وسلم مع موسى عليه السلام في عدة مواقع؛ حيث قوبل محمد بالرفض من قومه بادئ الأمر، ثم أصبح مثل موسى قائدهم الذي أخرج منهم أمة عظيمة الشأن بعد أن كانوا هملًا لا ذكر لهم، وذلك لم يكن شأن المسيح عليه السلام مع قومه، كما أن هذا النبى المثيل لموسى عليه السلام يجب ألا يكون يهوديا فليس في بنى إسرائيل نبى كموسى، كما نصت على ذلك التوراة، بما يترجم حرفيا إلى "ليس هناك نبى يهودى كموسى" التثنية 10:34، وذكرت البشارة أن كلام الله في فم هذا النبى المصطفى المثيل لموسى، لكن موسى عليه السلام أُعطى كلام الله تعالى مكتوبًا بالألواح، فتماثلا في أن كلا منهما سيعطى كتاب الله، إلا أن هذا النبي لن يُعطى كتابا مكتوبا على ألواح أو أوراق، بل سيحفظ الكتاب شفاهًا، ويتلوه بفمه على المؤمنين، وفى ذلك إشارة إلى أمية هذا النبى وعدم قدرته على القراءة، وأنه لم يُعط صحفًا أو ألواحًا مكتوبة بل أُعطى وحيا مسموعا ليحفظه ويعلمه للناس، وفى ذلك كذلك إشارة إلى أنه لن يتكلم من هواه بل سينطق بالوحى الذي نزل عليه من عند الله، أي أن الوحى سيكون مسموعًا، وهذا ما توفر برسول الله صلى الله عليه وسلم، وتضمنت البشارة أيضًا أن الله سيعاقب من يرفض الإيمان بهذا النبي، وأن نصره دليل صدقه؛ لأن الله سيهلك الأنبياء الكاذبين، وهو ما تحقق بنصر الله لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
بشارة عيسى
وقد ورد في إنجيل يوحنا 25:14 (بهذا كلمتكم وأنا عندكم، وأما المعزى الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم)، وأيضًا في إنجيل يوحنا 15:14 (وأنا أطلب من الأب فيعطيكم معزيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد)، وفى يوحنا 16:12 (لا يزال عندي أشياء كثيرة أقولها لكم، ولكنكم لا تطيقون الآن حملها، فمتى جاء هو أي روح الحق، أرشدكم إلى الحق كله؛ لأنه لن يتكلم من عنده بل يتكلم بما يسمع، ويخبركم بما سيحدث، سيمجدني لأنّه يأخذ مما لي ويخبركم به).. وهو ما تحقق على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
آيات البشارة في القرآن
تعددت الآيات التي تؤكد البشارات بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في الأقوام السابقة له، وأن القرآن الكريم مصدق للكتب السماوية السابقة له، كقوله تعالى في سورة الأعراف (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون)، كما أكدت الآية 89 في سورة البقرة على كُفر الكثيرين بالرسول وبكتابه بالرغم من علمهم المسبق به (ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، فلعنة الله على الكافرين)، فضلًا عن الآيات التي وصف الله فيها القساوسة النصارى إبان عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين، وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا مع القوم الصالحين)، كما ذكر الله تلك البشارة في كتابه الحكيم في سورة الشعراء (وإنه لفي زبر الأولين، أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل)، وفى سورة آل عمران (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معك من الشاهدين)، وأشار الله عز وجل أيضًا إلى من يملكون علم الكتاب ممن يشهدون بأن محمدا مرسل من الله في سورة الرعد (ويقول الذين كفروا لست مرسلًا، قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب)، وفي سورة الأحقاف (قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين).
المصادر:
نصر الله عبد الرحمن أبو طالب، تباشير الإنجيل والتوراة بالإسلام ورسوله محمد، دار الذخائر للنشر والتوزيع 2010.
عبد الأحد داوود، ترجمة: محمد فاروق الزين، محمد كما ورد في كتاب اليهود والنصارى، مكتبة العبيكان 1997.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.