تجارة أسيوط تكرم عمالها تقديرًا لعطائهم وجهودهم المخلصة    خلال لقائه مع مبعوثة الاتحاد الأوروبى.. وزير الخارجية يؤكد على ضرورة الحفاظ على استقرار الممرات الملاحية الدولية    الخميس 12 يونيو 2025.. أسعار الذهب ترتفع 15 جنيها وعيار 21 يسجل 4675 جنيها    بورصة الدواجن.. أسعار الفراخ البيضاء اليوم الخميس 12-6-2025 في قنا    12 يونيو 2025.. الدولار يقفز 37 قرشا في بداية التعاملات.. ويقترب من ال50 جنيهًا مرة أخرى    من 110 إلى 76 جنيها.. انفراجة بيضاء في أسواق الدواجن بكفر الشيخ    مسئول إيراني: طهران لن تتنازل عن حقها في تخصيب اليورانيوم    دبلوماسيون: الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلصت إلى أن إيران لا تمتثل لالتزاماتها النووية    سوريا: مقتل شاب واعتقال 7 آخرين في توغل إسرائيلي بريف دمشق    فيرمينو يتلقى عرضا من الدوري القطري    النيابة العامة بسوهاج تُعاين مسرح الجريمة في منزل الأب الذي شنق نفسه بعد ذبح أبنائه الثلاثة    النيابة تسلم عروس الشرقية القاصر لوالدتها في واقعة الزواج من مصاب بمتلازمة داون    تفاصيل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير.. فيديو    مجانًا.. قصور الثقافة تقدم العرض المسرحي هيموفيليا بالزقازيق    يحتل المركز الثاني.. فيلم ريستارت يحقق 3 ملايين جنيه في شباك التذاكر أمس    ننشر قائمة أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية للمكفوفين في الشرقية    أسماء مصابي حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    تأييد السجن المشدد والغرامة لتاجر مخدرات بمصر القديمة    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى إنبي للفوز بالميدالية البرونزية    تقرير يكشف حقيقة مفاوضات النصر السعودي مع إيمري    وزير الشباب يصل محافظة دمياط لتفقد عدد من المنشآت الرياضية    شوبير يكشف مركز بن شرقي الجديد مع الأهلي في وجود تريزيجيه    تعليم مطروح: الانتهاء من الاستعدادات لانطلاق امتحانات الثانوية العامة صباح الأحد المقبل    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    قرار جمهوري بالموافقة على محضر تشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصرى السعودى    «المالية»: تخصيص أرض بمحافظة البحر الأحمر للوزارة لا يعني بيعها    كانسيلو: المشاركة في كأس العالم للأندية مصدر فخر لجماهيرنا.. ومواجهة ريال مدريد صعبة    احذر منهم.. 5 أبراج أكثر غدرًا وخيانة في العلاقات    منظمة الصحة العالمية: رصد متحور كورونا جديد بصورة متقطعة في ألمانيا    برئاسة السيسي وولي العهد.. تعرف على أهداف مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي    «إسكان بجامعة القاهرة» تسابق الزمن لاستكمال مشروع سكن أعضاء هيئة التدريس    صينية تحاول اقتحام منزل جونجكوك بعد ساعات على تسريحه من الخدمة العسكرية    وزير الخارجية والهجرة يلتقي الرئيس التنفيذى لشركة سكاتك النرويجية    خطة ال1000 يوم.. الصحة تُطلق مبادرة التنمية السكانية تحت شعار بداية جديدة    بعد واقعة عريس متلازمة داون.. طبيب نفسي يوضح الحالات التي يُمنع فيها الزواج    الغفوة الصباحية بين الراحة الوهمية وتشويش دورة النوم.. ماذا يقول العلم؟    أقرب رفيق.. برقية تهنئة من زعيم كوريا الشمالية لبوتين بمناسبة يوم روسيا    لهذا السبب.. مصطفى شعبان يتصدر تريند "جوجل"    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 12 يونيو 2025    مصرع فني تكييف أثناء عمله في قنا    كمال الدين رضا يكتب: بطولة المليار دولار    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    الكنيست الإسرائيلي يصوت على حل نفسه.. ونتنياهو يضغط على الحريديم    السيطرة على حريق شب داخل عقار سكني بمصر القديمة    أثار البلبلة بمنشور غامض، أول قرار من الزمالك ضد أحمد حمدي    الآن حان دوركم لتدافعوا عن أمريكا حتى أقاصي الأرض، ترامب يقرع طبول الحرب بفيديو للجيش الأمريكي    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2024/2025    نقيب المحامين يدعو مجلس النقابة العامة و النقباء الفرعيين لاجتماع السبت    صور| أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية في قنا    محافظ الدقهلية في زيارة ليليلة مفاجئة لمدينة جمصة    "هيكون نار".. تركي آل الشيخ يشوق متابعيه لفيلم الفيل الأزرق 3    «الري»: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود تُهدد الاستقرار    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    الطب البيطري: نجاح عملية ولادة قيصرية لقطة بالغربية -صور    روسيا.. هجوم بمسيرات أوكرانية يستهدف مقاطعتي خيرسون وزابوريجيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا ينكر المثقفون «الإسراء والمعراج»
نشر في فيتو يوم 12 - 12 - 2015

في زماننا صار الدين كلأ مباحا، يطأه بقدمه كل عابث يسعى إلى الشهرة، مريدا بذلك أن يصبح حديث وسائل الإعلام، حتى لو شكك في ثوابت الإسلام، وأنكر معلوما من الدين بالضرورة.
ومنذ أيام خرج علينا المفكر الكبير الدكتور يوسف زيدان، مشككا في معجزة الإسراء والمعراج، زاعما أن مكان وجود المسجد الأقصى ليس في فلسطين، قائلا: إن اتجاه القبلة كان جهة الشمال في يثرب، ثم تم تغييرها إلى الجنوب تجاه الكعبة، مؤكدًا على أن المسجد الأقصى ليس أولى القبلتين الشريفتين، فضلا عن إنكاره وجود الديانة المسيحية قبل عام 70 ميلادية وأن الأناجيل كتبت في الفترة من 70 إلى 120 ميلادية، ومؤكدًا أن كلمة القدس "مفردة عبرانية لا تمت للمسيحية بصلة".
الواقع أن "زيدان" ليس أول من أنكر معجزة الإسراء، على الرغم من من وردوها في القرآن الكريم في قوله تعالى « سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ » فهناك كتاب عديدون أنكروا هذه الرحلة المباركة، متذرعين بحجج عديدة، لا تصمد أمام أي بحث علمي محايد.
من بين هؤلاء الكتاب الكاتب الكبير محمد حسين هيكل في كتابه (حياة محمد صلى الله عليه وسلم) الذي طنطن كثيرا حول ما سماه بالطريقة العلمية الحديثة في كتابة السيرة النبوية، وكان من جملة ما دفعه إلى هذه الطريقة زعمه تأخر تدوين كتب الحديث والسيرة النبوية إلى ما بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم بمائة عام أو أكثر، وذلك في ظروف المنازعات السياسية والتي كان اختلاق الروايات والأحاديث.
وحين صدور هذا الكتاب انبرى الشيخ مصطفى المراغي للثناء عليه والإشادة بالطريقة العلمية التي سار عليها هذه الطريقة التي تستبعد كل ما أوردته كتب الحديث والسيرة من معجزات، وإنما هو القرآن والقرآن فقط.
ومما جاء في تقديم المراغي قوله: ولم تكن معجزة محمد القاهرة إلا في القرآن وهي معجزة عقلية، وما أبدع قول البوصيري:
لم يمتحنا بما تعيا العقول به.
حرصا علينا فلم نرتب ولم نهم.
ونسى الشيخ أو تناسى أن يقف عند كثير من المعجزات التي أشار إليها البوصيري في القصيدة نفسها مثل قوله:
جاءت لدعوته الأشجار ساجدة..
تمشى إليه على ساق بلا قدم
وممن وقف مدافعا عن هيكل أيضا الشيخ رشيد رضا الذي يقول: (أهم ما ينكره الأزهريون والطرقيون على هيكل أو أكثره مسألة المعجزات أو خوارق العادات، وقد حررتها في كتاب الوحي المحمدي من جميع مناحيها ومطاويها في الفصل الثاني وفى المقصد الثاني من الفصل الخامس بما أثبت به أن القرآن وحده هو حجة الله على ثبوت نبوة محمد بالذات ونبوة غيره من الأنبياء، وآياتهم بشهادته لا يمكن في عصرنا إثبات آية إلا بها، وأن الخوارق الكونية شبهة عند علمائه لا حجة،؛ لأنها موجودة في زماننا ككل زمان مضى وأن المفتونين بها هم الخرافيون من جميع الملل !).
والعجيب حقا هذا الفصل الذي يقيمه المراغي ورشيد رضا وهيكل وغيرهم بين معجزة القرآن والمعجزات الأخرى (إذ لم تبلغنا معجزات رسول الله المختلفة إلا من حيث بلغتنا منه معجزة القرآن والإقدام على تأويل هذا وتسليم ذاك طبق ما يستهوى النفس ويتفق مع الغرض إسفاف غريب في تصنع البحث والفهم لا يقدم عليه من كان كريما على نفسه معتزا بعقله).
والحق أن الإسراء والمعراج معجزة ثابتة بنص القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة وفى هذا السياق يقول القاضي عياض:" والحق من هذا والصحيح إن شاء الله تعالى أنه إسراء بالجسد والروح في القصة كلها، وعليه تدل الآية وصحيح الأخبار والاعتبار، ولا يعدل عن الظاهر والحقيقة إلى التأويل إلا عند الاستحالة، وليس في الإسراء بجسده وحال يقظته استحالة، إذ لو كان مناما لقال (بروح عبده)ولم يقل (بعبده) وقوله تعالى ( ما زاغ البصر وما طغى ).
وأضاف "ولو كان مناما لما كانت فيه آية ولا معجزة، ولما استبعده الكفار ولا كذبوه ولا ارتد به ضعفاء من أسلم وافتتنوا به، إذ مثل هذا من المنامات لا ينكر بل لم يكن ذلك منهم إلا وقد علموا أن خبره إنما كان عن جسمه وحال يقظته".
ثم إن ظاهر السياقات يدل على ذلك من ركوبه وصعوده في المعراج وغير ذلك، ولهذا قال عز وجل: « سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ »، والتسبيح إنما يكون عند الآيات العظيمة الخارقة فدل على أنه بالروح والجسد، والعبد عبارة عنهما.
ومن الشبهات التي ألقاها يوسف زيدان في لقائه التليفزيوني «المثير» للجدل، زعمه أن المسجد الأقصى ليس القائم في فلسطين الآن، ولا يمكن أن يكون كذلك، وليس إحدى القبلتين.
وهذه الشبهة أيضا لم يكن زيدان أول القائلين بها، ولكن سبقه إليها كثيرون أبرزهم مفسرو الشيعة إذ يقول العياشي، أحد أبرز علماء الشيعة، عن أبي عبد الله قال: سألت عن المساجد التي لها الفضل فقال: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، قلت: والمسجد الأقصى جعلت فداك ؟ قال: ذاك في السماء، إليه أسرى برسول الله عليه وسلم، فقلت: إن الناس يقولون إنه بيت المقدس فقال: "مسجد الكوفة أفصل منه" !
وعلى هذا الدرب سار المستشرقون اليهود أبرزهم " جولد تسيهر "، وكذلك البرفيسور "أمنون كوهين" في كتابه " القدس، دراسات في تاريخ المدينة " والذي يرأس مؤسسة للأبحاث والدراسات، تقدم دراسات متخصصة – للقراء العرب والباحثين - لتاريخ القدس.
وكذلك " لاتسروس يافة " الباحث في نظرة الإسلام للقدس، وكتابات كستر kister M.j، وهو من العاملين في معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية في الجامعة العبرية بالقدس المحتلة، والوثائق التي يعدها ويوزعها بشكل واسع مؤسس " جامعة الدفاع اليهودي " ويدعى "دانيال ياسين"، وبوهل F.Buhl الذي أسند إليه كتابة تاريخ القدس في الموسوعة الإسلامية وهو يهودي صهيوني.
والحق أن أبرز دليل على أن الإسراء كان للمسجد الأقصى الموجود في مدينة بيت المقدس الفلسطينية، الواقعة تحت احتلال الكيان الصهيوني وأنه أولى القبلتين هو استقبال اليهود لحادث تحويل القبلة بعد الهجرة، وفرحوا بدايةً باستقبال النبي، لقبلتهم ورأوا في ذلك مدخلا للحديث عنه، وزعموا أنه قلدهم في القبلة وسار على نهجهم مع أنه ينفذ ما أمره به ربه عز وجل، وأوحى إليه باستقبال القبلة نفذ ذلك بفرح وسرور، ولكن اليهود ظنوا أن ذلك لهوى في نفسه فحاولوا خداعه فقالوا: يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها، ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك، وإنما يريدون بذلك فتنته عن دينه.
ولنا عبرة في كتاب الله تعالى حيث أخبر أنه سيعترض السفهاء من الناس على تغيير القبلة وتحويلها من استقبال بيت المقدس إلى استقبال المسجد الحرام، وأخبر بذلك قبل أن يأمر نبيه محمد باستقبال المسجد الحرام في قوله سبحانه وتعالى: ( سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم ) فوصف ممن وقع منهم هذا القول بالسفه لأنهم اعترضوا على حكم الله وشرعه، وكان في قوله السفهاء ما يغنى عن رد قولهم وعدم المبالاة به ولكنه سبحانه مع هذا لم يترك هذه الشبهة حتى أزالها وكشفها مما سيعرض لبعض القلوب من الاعتراض فقال تعالى: ( قل لله المشرق والمغرب ) أي قال يا محمد لهم مجيبا لله المشرق والمغرب وكل الجهات ملك لله.
ومن الادلة أيضا ما ورد في الحديث عن أبى ذر رضى الله عنه قال: » تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل أمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بيت المقدس ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدى هذا أفضل من أربع صلوات فيه، ولنِعمَ المُصلَى هو، وليوشكن لأن يكون للرجل مثل شطن فرسه -حبلُ الفرس- من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس، خيرٌ له من الدنيا جميعًا«.
المصادر:
● الكتابة العربية المعاصرة في السيرة النبوية.. قضايا وملاحظات – تأليف / أحمد بن محمد فكير
● حياة محمد – تأليف / الدكتور محمد حسن هيكل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.