«الإسكندرية» تخسر موقعها على الخريطة السلفية.. وكفر الشيخ عاصمة الدعوة الجديدة الأسطورة السياسية تقول "لا تبحث عن الوجود السلفي في السياسة قبل 25 يناير".. وأسطورة ثانية تشير إلى أن "السلفيين لا يتعدون سوى كونهم الامتداد الطبيعي لجماعة الإخوان التي أزيحت عن الحكم في 30 يونيو".. أما ثالث الأساطير، فتؤكد أن الدعوة السلفية لا يمكن أن تمارس السياسة إلا ب"فتوى من شيوخها".. أقدامها لا تطأ أرض المعارك السياسية إلا بعدما تتمسح فوق "سجادة مولانا الشيخ".. ويدها لا تمتد للموافقة على الصفقة، إلا بعد أن تكون قد توضأت من ماء سبق أن مر بين شعيرات ذقن أحد الشيوخ. أما الأسطورة الثورية فتقول إن الدعوة برجالها ونسائها وأطفالها، لا يحتوي معجمهم اللغوي على تعريف لها، وإن كان في بعض الأحيان يكتفون بالإشارة إليها؛ كونها "رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه". وما بين الأسطورة السياسية وشقيقتها الثورية، جاءت الأيام القليلة الماضية لتؤكد – بما لا يدع مجالا للظن - أن الأيام المقبلة ستشهد ما يمكن وصفه ب"أسطورة الانقلاب"، تلك الأسطورة التي مهدت لها نتائج المرحلة الانتخابية الأولى الطريق، وجعلت أبطالها يستعدون للصعود على خشبة المسرح السلفي، وتقديم رواية جديدة تختلف تمام الاختلاف عن الرواية التي التزمت بها الدعوة طوال السنوات الأربعة الماضية. أسطورة الانقلاب.. بطلها الأول الشيخ أبو إسحاق الحويني، الذي جاءت إخفاقات قيادات الدعوة الحالية لتكون بمثابة "مسمار جحا" الذي غرسه في حائط الدعوة، وبه سيتمكن من دخول البيت السلفي من أوسع أبوابه، وشراء البيت، ومن الممكن أن يطالب ب"طرد سكانه" أيضا. "الحويني" الذي كشفت "فيتو" منذ أسابيع عدة، أنه اشترط على القيادات السلفية التي ذهبت إليه طالبة "بركته"؛ لحفظ ماء وجه الدعوة في المرحلة الثانية من الانتخابات، أن يتم إجراء تعديلات سريعة على القوائم بإخلائها من الأقباط والعنصر النسائي، يبدو أنه كان "يناور" القيادات؛ تمهيدا للمعركة الكبرى، التي كان يمهد لها ب"الشروط التعجيزية"، التي لا تتناسب مع القوانين المنظمة للعملية الانتخابية. "قطع الرءوس" عنوان عريض يمكن تحته الحديث عن معركة "الحويني" الكبرى، التي يريد من خلالها إجراء تعديلات خطيرة على "الخريطة السلفية"، من شأنها قلب الطاولة على رأس القيادات الحالية، وإبعادها عن المشهد بشكل نهائي. مصدر داخل الدعوة السلفية، كشف ل"فيتو" تفاصيل خطة "الحويني"؛ ل"دك" معقل الدعوة في الإسكندرية، ونقل مركزها إلى محافظته "كفر الشيخ"، مستندا في هذا الأمر لسلاح "الفشل" الذي انغرس في خاصرة قيادات الدعوة الحالية، التي لم تنجح سوى في اقتناص عدد من المقاعد في البرلمان لا يتجاوز أصابع الكفين. المصدر ذاته، أكد أن "الحويني" اشترط مقابل دعمه للحزب الإطاحة بالقيادات الحالية التي تدير حزب النور، وفي مقدمة القيادات التي طالب "شيخ الدعوة" لالإطاحة بها رئيس الحزب يونس مخيون، وينتوي "الحويني" استبداله ب"السيد خليفة"، الذي يرى أنه الأنسب لقيادة الحزب في هذه المرحلة، وأنه يمتلك المقدرة على مخاطبة القواعد السلفية وإعادتها مرة أخرى إلى حظيرة الحزب، عقب هجرتها بعد أيام قليلة من 30 يونيو 2013. الغريب في الأمر، أن قيادات الدعوة السلفية في الإسكندرية، تعاملت مع الأمر بمرونة فائقة؛ حيث أعلنت موافقتها على إبعاد "مخيون" من قيادة الحزب، وتجليس "خليفة" على مقعد الرئاسة، خاصة أن الأخير من أكثر الشخصيات ذات الثقل داخل الحزب، التي تم النقاش عليها في اجتماع الهيئة العليا للحزب، باعتباره الرجل الأكثر قوة وتحكما، كما أن اسمه طرح بشدة عقب الإطاحة بالدكتور عماد عبد الغفور من رئاسة حزب النور، إلا أن ظروفا معينة حالت دون حدوث ذلك. تجدر الإشارة هنا، إلى أنه على هامش مناقشة "الإطاحة بمخيون"، أكدت أصوات داخل "هيئة النور"، أن رحيل "مخيون" من شأنه تهدئة القواعد الشعبية، وتقليل معدلات الخسارة التي تتوقعها الدعوة على خلفية النتائج المخزية التي منيت بها بعد نتائج المرحلة الانتخابية الأولى، غير أن أصواتا أخرى خرجت لتطالب بتأجيل الأمر لما بعد الانتخابات البرلمانية، مستندين في رأيهم هذا إلى أن التوقيت الحالي لا يمكن خلاله الدعوة لعقد جمعية عمومية لانتخاب رئيس جديد، ومن الأفضل الانتظار حتى انتهاء المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب. المثير في الأمر، أن كل الأطراف خاصة الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة ورجلها القوى، أعلنت مباركتها تصعيد "خليفة" لرئاسة "النور"، عقب توصية الحويني، الذي بات يدعم خليفة، على أن يتم إرجاء الأمر حتى الانتهاء من المرحلة الثانية، ومن ثم عقد اجتماع طارئ للهيئة العليا؛ لمناقشة نتائج الانتخابات وسبل تهدئة قواعدهم الشعبية، وعزل مخيون وانتخاب مجلس رئاسي جديد للحزب. وتوقعت المصادر أيضا، أن تشمل التغييرات عددا كبيرا من قيادات الحزب، مثل الدكتور عبد الله بدران أمين الحزب الإسكندرية، الذي كان يشغل منصب رئيس الكتلة البرلمانية للنور بمجلس الشعب السابق، وتصعيد الدكتور محمد منصور ابن محافظة كفر الشيخ، الأمر الذي يعني أن مركز ثقل الدعوة السلفية سيغادر في القريب العاجل محافظة الإسكندرية، ويحط رحاله في محافظة كفر الشيخ حيث "الحويني ورجاله". "نقلا عن العدد الورقي..."