هو نيكولاى ابن برناردو دى ميكافيلى المولود في فلورنسا، فى الثالث من مايو عام 1469 م ،والمتوفى فى الواحد والعشرين من يونيه عام 1527 م ،أي أنه عاش 85 عاما فقط، استطاع خلالها أن يضع اللبنات الأولى لنظرية النفعية، والواقعية السياسية، ويعد أشهر مؤلفاته كتاب «الأمير» . وإذا كان ميكافيلى الإيطالى يرى أن القوى المحركة للتاريخ، هي المصلحة المادية والسلطة، وانه يجب خلق دولة قادرة علي قمع الاضطرابات الشعبية، فإن ميكافيلى المصرى يرى أن الخروج على الحاكم - حاكم من جماعتهم - أمر ترفضه السماء، وكل خارج عليه -أي حاكمهم- هو باغ، والبغاة مصيرهم مصير قطاع الطرق، تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف . وميكافيلي الأوروبى كان يرى أن استخدام كل الوسائل فى الصراع السياسى أمر مشروع, وهو ماعرف بمبدأ « الغاية تبرر الوسيلة «بينما ميكافيلى المصرى تخطى ذلك بكثير، إذ لم يتصور أن ميكافيلى الأوروبى قد دعا إلى شرعية التحالف مع عدو ضد مصلحة الوطن، بينما باع ميكافيلي المصري كل شيء مقابل كرسي واحد ..فقد منح إسرائيل الأمن والأمان، وأعلن نفسه حارسا للمشروع الأمريكي فى المنطقة كما وافق مبدئيا علي إقامة قاعدة عسكرية أمريكية على أرض مصر .. كل هذا مقابل كرسى عفن، لم يحم صاحبه، عندما أراد شعبه أن يسقطه . وتبدو سذاجة ميكافيلي الإيطالى أنه كان واحدا ممن رأوا الدولة بعين إنسانية، وطالب باستنباط قوانينها من العقل والخبرة، وليس من اللاهوت، بينما ميكافيلي المصرى جاءنا بكتاب مبين، فمن لا ينتخب مرشحه، فإن مكانه في الجحيم ،ومن تقاعس عن الدفاع عن جماعته، فإن قلبه آثم ، يحرم من الجنة، التي وعد بها المتقون . وإذا كان ميكافيلي قد منح الأنانية مساحة فى كتاباته السياسية باعتبارها أداة سياسية قذرة، فإن ميكافيلى المصرى يري أن الأنانية اتحاد الفئة الناجية ولايتوانى في مواجهتك لو خالفته في الامر، بترديد حديث الرسول الكريم الذي رواه الترمذي عن عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍو قَالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لَيَأْتِيَنّ عَلَى أُمّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النّعْلِ بِالنّعْلِ، حَتّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمّهُ عَلاَنِيَةً لَكَانَ فِي أُمّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ، وَإِنّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلّةً كُلّهُمْ فِي النّارِ إِلاّ مِلّةً وَاحِدَةً، قَالَ ومَنْ هِيَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي». وطبعا ميكافيلى المصري يري نفسه واحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وميكافيلى الإيطالى مبدع أنتج فكرا إنسانيا تختلف معه أو عليه، غير أنه أراد أن يكون واقعيا ، فكان الأقرب إلى الواقعية السياسية، غير أنه لم يسط علي كتاب سماوى، ليتحدث باسمه، وإنما تنصل من الكتب السماوية ،عند الحديث عن الدولة أو السياسة، بينما ميكافيلى المصرى يرى فى نفسه الوحيد المستحق لقيادة البلاد والعباد، فإن لم يحالفه الحظ، ليكون قائدا فعليا، نصب غيره ضعيف الشخصية، واهن الفكر، ليقوده فيصبح هو الحاكم الفعلى . ميكافيلى المصري يمتلك مالم يمتلكه ميكافيلى إيطاليا .. ميكافيلي المصري يمتلك كتائب إليكترونية، وشركات، وأموال، وميليشيات، ويمتلك ما هو أكبر وأخطر من عقل ميكافيلى .. يمتلك توكيلا باسم الله، يدير به جماعته الناجية من النار!!