احترت فيما أقدم لأمى، فلم أكن أملك ما يشترى حتى حزمة فجل. فكرت طويلا، وماله! حزمة فجل أحسن من لا شىء. استغربت أمى لقبلاتى الكثيرة، ولم تفهم سببا لهذا الاحتفاء، ولماذا لم أشتر سندوتشا، وما زلت على لحم بطنى، وأضعت ثمن غدائى فى حزمة الفجل، فشرحت لها فكرة عيد الأم كما حدثتنا عنها المدرسة، فقبلت هديتى بامتنان، واعتبرت أن بصلة المحب خروف. وفى عيدها الثانى ادخرت مصروفى أسبوعا وأهديتها منديلا مطرزا بالورد، ولم يزل اندهاشها بعد. وزادت قروشى فى المرة الثالثة بعد ادخار مصروف شهر بحاله، أتاح لى شراء عقد لولى "بالتأكيد فالصو". بتتابع السنوات ألزمتنى بالهدية كالعادة تتمنى وأتمنى ألا أقطعها حتى لا تكون فألا سيئا لإحدانا. منذ زمن لم تعد ترضيها هداياى الصغيرة، فقد وضعت شرطا لنوع وقيمة الهدية، لأنى صرت موظفة "قد الدنيا"، فلابد أن تكون ذهبا "يا إما بلاش". هى لا تعلم أن قروشى القليلة ما زالت جنيهات قليلة أيضا لا تكفى لشراء أى ذهب، فأصبحت أكتفى بخجلى أهديه لها.