لا أدري .. لماذا كلّما رأيت وزيرة الخارجيّة الأمريكية الست هيلاري داين رودهام أشعر أنّها مبلولة ، أو أنها ترتدي ملابس أختها الكبيرة !! هل لأنّها جاءت بعد ثلاثة وزراء خارجيّة أمريكان من ذوي الحضور الطاغي الذي يسمّيه أهلُ الفرنجة " الكاريزما " ؟ وأعني بهم مادلين أولبرايت وكولن باول وكونداليزا رايس السمراء الفاتنة قاتلة القلوب وساحرة العقول والأفهام ! عندما كانت مادلين أولبرايت وزيرة لخارجية أمريكا في الفترة من 23 يناير 1997 / 20 يناير 2001 ، كانت الست هيلاري تتخبّط في دموع الندم والحسرةِ جرّاء فضائح زوجها أبو تشيلسي السيّد ويليام جيفرسون كلينتون (بيل كلنتون باللغةِ العربيّة الفصحى) الذي كان يمارسُ التحرّش في عشش فراخ البيت الأبيض ، وتناسى أنه رئيس أمريكا ومُرعِب العالم ، وجعل قدوته مُراهقي أتوبيسات النقل العام وقطار أبو قير بالإسكندرية طرفنا ! لم يكن السيّد الرئيس حديث العهد بالتحرّش ، بل والحقّ يقال كان يحمل على عاتقه تاريخا كبيرًا من البلاوي والفضائح والعلاقات الجنسية المتعددة مع موظّفات ومتدرّبات ( ومتعاونات ) منذ أن كان حاكمًا لولاية أركنساس ، ومنها علاقته بالمغنية / الموظفة جنيفر فلاورز ، وعلاقته بالموظفة بولا جونز ، لكنّه وقعَ في شرّ أعماله عندما نصبت ليندا تريب (كبيرة موظفات البيت الأسود) كمينا وجرّت مونيكا لوينسكي الثرثارة في الكلام ، وعندما وجدت ليندا أن الموضوع وصل للبراميل راحت تسجّل محادثاتها التليفونية مع الدبابة مونيكا التي اندلقت في الرغي وحكت أدقّ التفاصيل عن علاقتها بحبيب القلب بيل ، وعندما وصلت مونيكا إلى قصة الفستان الأزرق والآثار الكلنتونيّة الملتصقة به قالت لها ليندا: لا تغسلي الفستان واحفظيه بالبقع الرئاسية حتى يقع الفيل ونلفّه في المنديل ! ووقع الفيل بسبب بقعة الفستان ، ولم يستطع أن يخفي غلّه ونقمته على الغلبانة ليندا التي ربّما كانت تقوم بتربية يتامى ، فقام بنقلها من البيت الأسود إلى البنتاجون ( وزارة الدفاع ) وظلّ متربّصًا بها لآخر يوم في رئاسته وقام بفصلها من العمل قبل أن ينصرف بدقائق ،أصرّ على الانتقام من السيّدة القوية التي رفضت أن تشهد زورا في قضيته مع بولا جونز ، ولكي تحمي نفسها من ابتزازاته سجّلت لصديقتها الجميلة مونيكا التي تصغرها بما يقرب من ربع القرن ، وكانت الفضيحة بجلاجيل (على رأي الراحلة مديحة كامل) . هذا التاريخ المديد من التحرّش ببنات الناس الذي ينفرد به بيل كلينتون رئيس أمريكا الأسبق (الثاني والأربعون) وزوج وزيرة خارجيّة أمريكا الحالية ، كان من نتيجته أن أورثها أحمالا من العُقَدِ والاكتئاباتِ والأمراض النفسية والطبيعة العدوانيّة التحرّشيّة المشتركة ، أي حوّلها إلى بُقجة من الشكّ والارتيابِ والهلاوس والتوهّمات المستعصية ، وبدلا من وضعها في مصحّة نفسية تستمتع فيها بالهدوء والاستماع إلى شرائط شعبان عبد الرحيم وعماد بعرور جعلوها وزيرة خارجيّة لأمريكا ، ومن شروط هذا المنصب أن يكون صاحبه ضليعا في التحرّش موهوبًا في حشر مناخيره في الشئون الداخلية للدول ، وفي الملابس الداخلية لدول أخرى ، وإن كان كولن باول قد استقال من ذلك المنصب بنوع من الشياكة والارتفاع ، فإن كونداليزا قد أكملت المسيرة بعده حتى انتهت الفترة الرئاسية الثانية لجورج دبليو سي الذي تحرّش بأفغانستان فحوّلها إلى "أفغ " فقط ، ثم استدارَ إلى العراق فحوّلها إلى" العراك " وزرع فيها اليتم والخراب والدمار وملأ أرضها الخصبة ببذور الشقاق والانقسام و..... عليه العوض ! مع مولانا فضيلة الإمام أوبامة وِلد حسين بو عمامة جاءت هيلاري كلينتون لتتقيّأ أمراضها النفسية وميولها التحرشيّة الفطريّة والمُكتَسَبة في وجوهنا جميعا فلم تكف عن التحرّش بإيران من أجل عيون إسرائيل وقالت أثناء حملتها الرئاسية وقبل أن تكون وزيرة للبتاعة دي : " إذا فكّرت إيران في مهاجمة إسرائيل فسوف نمحوها من على وجه الأرض " ومسلسل التحرّش بإيران وغيرها عرض مستمر على مدار الساعة وعلى جميع القنوات ، أي لا يضحك أحدٌ عليكم ويوهمكم بأن العرض " حصري" هنا أو هناك ، وعندما قامت الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير 2011م وقعت الإدارة الأمريكية في حالة من التخبّط غير المسبوق فراحت تميل حيث تميل الرياح ، مرّة مع المخلوع ومرّة مع الثورة ، و" ارقصي ياللي مانتيش غرمانة " ، وعندما اقتربت ساعة الحسم ظهرت الشجاعة الأمريكاني و" طلع لهم صوت " ، وراحوا ينادون بضرورة تخلّي الأخ المخلوع ( الذي كان في نظرهم أحكم الحكماء ) عن منصبه وتحقيق مطالب الشعب و... الله الموفّق والمُستعان ! من بعد سقوط طوبة واحدة من النظام السابق ( فالنظام كما هو ) تعددت الرقصات الأمريكية على مسارح شئوننا الداخلية بمناسبة وبلا مناسبة ، مرة أوباما ، مرة المتحدث باسم البيت بتاعهم ، مرة الأخ المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكانية التي يسمونها البنتاجون ، ويسميها إخواننا أهل الشام البنتاغون ، ومرّات عدّة كانت البطولة للسفيرة طرفنا آن باترسون ، لكن نصيب الأسد كان من نصيب السيّدة هيلاري كلينتون ، ذلك الكائن الهلامي الذي يشغل حيّزا من الفراغ ، ويتدحرجُ مثل العُملة الممسوحة ! تعددت تدخّلات وزيرة الخارجية الأمريكانية لدرجة أنّك لو وضعتها في مواجهة بعضها لوجدتها تتناقض وتتناطح ، ولكن لأننا ننسى بسرعة فإننا نثور مع كلّ جديد ونهدأ لتبيض السيّدة الوزيرة في آذاننا بهدوء ، وهذا من صفات الثائر الحقّ ! كانت أطرف نكتة أمريكانية عابرة للقارات هو هذا التدخل السمج قبيل إعلان نتيجة جولة الإعادة بين الأخوين محمد مرسي وأحمد شفيق ، إذ تحرّشت خالتك أم تشيلسي بالمجلس العسكري شخصيّا ووصفته بما لا يليق وليس من حقّها ، وطالبته بما لا ينبغي لها ولا لمن وراءها في واشنطن وتل أبيب . لقد حوّلنا نظام المخلوع العيّان الآن إلى فردة شراب متهالكة، لا قيمة لها ولا وزن ، وانبطحت مصر العظيمة، بفعل الخونة وكلاب السلطة لتصبح في حجم الليمونة، ويتلاشى دورها ووجودها من أجل عيون بني آدم طلب من أبيه أن يجعله رئيسا للجمهورية من بعده ، وكأنه يطلب منه أن يشتري له بسكلتّة ! تناست أمريكا أن هناك دماءً أريقت، وأرواحًا قُطِفَت وبيوتا ملأها الحزن إلى الأبد من أجل أن ترفع مصر رأسها مرة أخرى ، وإذا كان المجلس العسكري قد تغاضى عن تحرّشات كثيرة فليس عن ضعفٍ ولكن لكي لا يفتح جبهات أخرى هي أصغر من أن تشغل البال ، وإذا كان الإخوان بارك الله فيهم قد فتحوا قنوات الاتصال مع الأمريكان فهذا غيرُ مستبعدٍ منهما ، ولكن ليس معناه أن تتطاول أمريكا وتظنّ أنها في 2010 وليس في 2012 !! أو أن تظنّ مصرَ كلها إخوانا ، نحن ننتقد المجلس العسكري ، وننتقد الإخوان ، ولم يعد هناك مَن يخاف أو يرحم ، لكن التدخّل الخارجي لا وألف لا ، لا أمريكا ولا غير أمريكا ، عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء ، فإن كانت هيلاري موجوعة من مونيكا وتنتقم منها في الآخرين فلن ندفع الثمن ، فعلى تلك الأمريكانية أن تكف عن حشر مناخيرها في أمورنا ، أو أن ترتدي الحجاب وتنضم إلى معتصمي ميدان التحرير وترفع راية سوداء وترقع بالصوت الحيّاني : " الشعب .. يريد ... رجوع البرلمان " و.... أهو دا اللي ناقص !