فى مصر قامت ثورة وتغيرت ملامح الخريطة السياسية , فتحول المساجين الى حكام والحكام إلى مساجين , غير انه لم يبرح مكانه فى مقاعد المعارضين, وكأنها كتبت عليه, فالدكتور سعد الدين إبراهيم, الذى وصف بأنه أشرس معارضى نظام الرئيس المخلوع مبارك, واصل دوره معارضا حكم جماعة الإخوان المسلمين التى وصلت لسدة الحكم عبر الدكتور محمد مرسى, وكان احد أهم من روجوا للفريق أحمد شفيق رئيسا رغم انه احد رجالات نظام مبارك.. إبراهيم فى حواره مع «فيتو» تحدث عن مستقبل مصر ودولة الإخوان وضغوط واشنطن فى الانتخابات الرئاسية وقضايا أخرى فإلى التفاصيل. دكتور إبراهيم , بداية لماذا أيدت الفريق شفيق رغم أنه يمثل النظام السابق الذى كنت تعارضه؟ يجب ان تعى جيدا اننا فى الانتخابات كنا نختار بين بدائل, ففى المرحلة الاولى اخترت حمدين صباحى, وفى الجولة الثانية كان لزاما على الاختيار بين بديلين, اولهما الاخوان المسلمين ممثلة فى مرسى, والثانية المؤسسة العسكرية ممثلة فى شفيق, ولان الاخوان لا مرجعية وطنية لهم فمرجعيتهم دينية اممية تعتمد على الاسلام بمفهومه الذى يتجاوز المفهوم الجغرافى, فإننى رأيت فى المؤسسة العسكرية ودورها الوطنى البديل الافضل, وهنا انا لا اختار الدولة العسكرية بالمدنية التى كان شفيق هو الاقرب لها من مرسى زميلى الاسبق فى طرة! تردد أن واشنطن مارست ضغوطا من أجل إنجاح مرسى.. ما تعليقك؟ شخصيا ليس لدى معلومات فى هذا الشأن, لكن عندما سمعت بذلك مثل الاخرين اتصلت بالسفيرة الامريكية فنفت الامر وقالت انها ستزور شفيق فى بيته , كما اننى اجريت اتصالا ثانيا بالسيد سيما تاور مستشار الرئيس الامريكى باراك اوباما ونفى هو الاخر ذلك الامر, والمعروف ان الاخوان هم من بادروا بالاتصال بامريكا وطمئنتها بانهم لن يقتربوا من المعاهدات والاتفاقات الدولية خاصة اتفاقية السلام مع اسرائيل. وكيف ترى مستقبل مصر تحت حكم الإخوان؟ هناك أربعة سيناريوهات لا غير, اولها النموذج التركى فى ظل حكومة حزب الحرية والعدالة وهو نموذج عاقل بعد ان تعلموا من دروس الماضى فبدا الاحتشام ظاهرا فى خطابهم, والثانى هو الماليزى ويؤمن بالتعددية السياسية والعرقية وهو منفتح ويتبنى الفلسفة الرأسمالية, اما الثالث فهو الاندونيسى وهو اقرب لنظام مبارك, والرابع هو النموذج الطالبانى المتخلف لانه اعتمد على اجندة الشريعة الاسلامية فقط. النموذج التركى هو الأقرب للإخوان من وجهة نظرى, ومع ذلك عندما قدم رجب طيب أردوجان إلى مصر لم يودعه الاخوان وهو عائد لبلاده لأنه طالبهم بعدم خلط الدين بالسياسة! تقصد أنهم يرفضون من يختلف معهم؟ بالتأكيد, وهو ما دفع بعض اسر ضاحية المعادى العريقة للتفكير فى الهجرة, لكنى اقلل من خطورة الامر، فالاخوان لن يستطيعوا تغيير اسلوب حياة المصريين, كما ان فرضية تقسيم مصر غير واردة, لان قيمة مصر فى وحدتها وامريكا واسرائيل تعرفان ذلك جيدا. وماذا عن الدولة المدنية؟ الجماعة تعرف ان هناك اجماعا مصريا على مدنية الدولة واذا ارادوا هم شيئا اخر فلن يكون هناك خاسر سواهم, واعتقد ان لقاءات الرئيس مرسى مع القوى الوطنية والتيارات المختلفة تؤكد انهم يعون جيدا ذلك الامر. كيف تقيم نسبة نجاح العسكرى فى إدارة المرحلة الانتقالية؟ لو جاز لى فانا امنحهم 65%, لانه كان ينقصهم التشاور مع باقى القوى المدنية , ويبدو ان لديهم عقيدة بانهم الأكثر وعيا ووطنية, رغم انى لمست فى كلام معظم اعضاء المجلس العسكرى تواضعا واعترافاً بالاخطاء, على العكس من الاخوان الذين لا يرون انهم وقعوا ولو فى خطأ واحد لاكثر من 80 عاما هى عمر جماعتهم. ما رأيك فى حل مجلس الشعب والاعلان الدستورى المكمل والضبطية القضائية ؟ الاعلان الدستورى المكمل كان ضروريًا لسد الفراغ الدستورى بالبلاد قبل اعلان اسم الرئيس, بينما حل مجلس الشعب لم يكن قرارا للمجلس العسكرى انما هو نتاج لحكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون الانتخابات خاصة فيما يتعلق بمقاعد الفردى, وبالمناسبة ارى ان منح الضبطية القضائية للشرطة العسكرية والمخابرات الحربية كان القشة التى قصمت ظهر البعير كما يقال, فكان نتيجته تقليل حظوظ الفريق شفيق فى الفوز برئاسة الجمهورية حيث خشى البعض من ان تكون الضبطية بابا جديدا لعودة قانون الطوارئ اذا ما اصبح شفيق رئيسا. برأيك, هل تعرض شفيق للخديعة على يدى المجلس العسكرى؟ فى الحقيقة ليست لدى معلومات قاطعة, لكن ما اعرفه انه لم يكن هناك وفاق بين المشير طنطاوى وشفيق وقت كان الاخير رئيسا للوزراء والذى كان له ملاحظات ومآخذ على تواجد الجيش فى الميدان وامور تتعلق بموقعة الجمل, وبالتالى فالمؤكد ان المؤسسة العسكرية اضرت بالفريق شفيق ولو بشكل غير مباشر. هل ترى فى إدارة مرسى قدرة على تحقيق نهضة الإخوان المزعومة, وهل تتوقع ثورة للمثقفين ضده؟ ذلك يتوقف على شكل الحكومة من رئيسها حتى وزرائها ومدى قدرتها على تعبئة الرأى العام لمساندتها, اما عن الثورات فالمثقفون يلهمون الاخرين للقيام بها لكنهم لا يثورون, وحتى ثورة يناير صنعها جيل شاب ينتمى لطبقة متوسطة , ولان حائط الخوف قد انكسر فأتوقع ثورة ضد الاخوان خلال المائتى يوم الاولى للرئيس مرسى حال فشله فى تحقيق ما وعد به او اذا حاولت الجماعة فرض رأيها على المجتمع.