منذ اللحظة الاولى قبل هبوط الطائرة مطار هيثرو، بالعاصمة البريطانية لندن، تولد عندي شعور بالغيرة والاستغراب، وذهبت شفتاي تمصمص بعضها، دون أن أدري .. شعرت وقتها بأن التخلف له ناسه، والتقدم والرقي له ناسه أيضا .. هذه الزيارة الاولى لى إلى لندن، وأتمنى أن تكون الأخيرة , حتى لا اصاب بمزيد من الإحباط .. كل شيء صغير وكبير مختلف تماما عما نحن نعيش فيه بمصر، ولذلك سألت أحد أصدقائي عن السبب الذي يجعل هؤلاء البشر الذين يعيشون في مثل هذه الاماكن أن يأتوا الى مصر، فرد عليا قائلا : نحن لدينا الآثار والفوضي في كل شيء، والزحمة، وعدم النظام، والشمس، والباعة الجائلون، و.. و.. و.. الخ ، وهؤلاء يريدون ان يخرجوا من هذه الحياة المنظمة جدا والنظيفة للغاية بعض الوقت ليشاهدوا العالم المتخلف الذي نمثله نحن بالإضافة الى اهتمامهم غير العادي بالآثار التي لا نهتم بها نحن رغم أنها في بلادنا .. لندن خلال هذه الفترة تستضيف اكبر حدث رياضي لا يتكرر إلا كل اربع سنوات، وهو الاولمبياد، ولكن وجدت ما لم اكن اتوقعه بالمرة، حيث ان الحياة تسير وفق بندول الساعة .. لا تشعر بأن هناك اولمبياد في لندن، ولا تشاهد ما يمكن ان تشاهده في اي مكان متخلف في العالم، اذا اقيمت بطولة محلية وليس دولية .. ما يمكن ان يشعرني كمصري بالحسرة والحيرة على بلدي هو انني قضيت عدة ايام في لندن، وفي كل دقيقة اقارن بين ما اشاهده وبين ما هو موجود في بلدي .. لدرجة انني اكتشفت بكل دقة وبدون اي مبالغة بانه لا يوجد متر وربما شبر واحد في لندن غير مستغل بالشكل الأمثل .. نعم كل متر على ارض لندن مستغل بطريقة مثلي، وحتى ما نسميه نحن في مصر مترو الانفاق يعمل في العديد من الخطوط بدون قيادة من البشر، حيث ان كل شيء يسير وفق نظام دقيق يقوم به المستفيد من الخدمة مباشرة .. حتى الشوارع ضيقة للغاية، ولكنها منظمة للغاية، وهو ما يجعلك لا تشعر بأن هناك ازمة في المرور .. كم تمنيت ان اشاهد القاهرة عاصمة مصر في يوم من الايام بها 10% من النظام والهدوء والنظافة الموجودة في لندن .. فهل تتحقق احلامي في يوم من الأيام ام أننا لن نعيش أبدا بعيدا عن جلباب التخلف ..!!