مؤمن بقيمة الوحدة الوطنية تلك القيمة التى يتنسمها الجميع برائحة الورد من حبر قلمه انه الكاتب عبد التواب يوسف صاحب العدد الوفير من الكتب الإسلامية للأطفال وكتاب «لكل المصريين» الداعى للتمسك بالوحدة الوطنية التقته « فيتو» فحكى لها حكايات عن سماحة المصريين مسلمين ومسيحيين فإلى التفاصيل. الوحدة الوطنية قيمة راسخة ومهمة تعلمتها منذ نعومة اظافرى فانا من قرية ببنى سويف كان يعيش اهلها فى الماضى تحت خط الفقر هكذا قال الكاتب عبد التواب يوسف مضيفا : عشت فى حى معظمه مسيحيون واسمه «حى مقبل» ولم أشعر أبدا بأى فروق لأنهم مصريون وطنيون محبون لوطنهم مصر ومتسامحون لدرجة أن أحدهم بنى مسجدا يحمل اسمه الى الآن وهو مسجد عوض عريان وكلنا نحبه ونترحم عليه. بيت عبد التواب كان فى مواجهة الكنيسة ولكنه لم يشعر أبدا بانها تقل فى قدسيتها عن الجامع الذى يوجد بنفس الشارع وعندما انتقل وعاش فى حى آخر - وحسبما قال – كانت غرفته ملاصقة للكنيسة وبعد دخوله الجامعة كان معه صديقه ورفيق عمره فوميل لبيب ولم يتناقشا مرة واحدة فى قضايا دينية لاحترام كل منهما لمشاعر الآخر وإيمانهما بأن الإسلام والمسيحية أديان سماوية من عند الله. عبد التواب ساق أدلة كثيرة على قيمة التسامح التى تجمع بينه وبين العشرات من أصدقائه المسيحيين منها أن صديقه وحبيبه لويس جريس هو الذى نشر له كتاب « قصص الأطفال من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم» مؤكدا انه واجه صعوبات كثيرة فى نشر كتاب لكل المصريين منها ان مسئولا كبيرا قال له انه كتاب لصالح المسيحيين ورد هو عليه بان كتاب لصالح مصر لانه يدعو لترسيخ قيمة الوحدة الوطنية باعتبارها عصب الامن القومى المصرى والدرع الواقى من الفتنة. الكاتب عبد التواب يوسف قال : والدى كان شيخا معمما ولكنه ربانى على التسامح الدينى والحب لكل الناس وعلم احد القساوسة القرآن والقس اعطاه هديه بعد حفظه لكتاب الله وكان لى اصدقاء مسيحيون احبهم ويحبوننى ولا زلنا نحب بعضنا البعض للآن وكانوا ينادونى ب «عبده» وهذا دليل محبة ولم أجد أى غضاضة فى الانضمام إلى جمعية أصدقاء الكتاب المقدس إلى جانب ثلاث جمعيات إسلامية مؤكدا أن جارة قبطية ارضعته فى صغره وصار شقيقا فى الرضاعة لابنها فوزى جبرائيل. فى ذات السياق يحكى عبد التواب من مخزون ذاكرته ذكريات جسدت فيه قيمة الوحدة الوطنية أبرزها دعوة القمص سرجيوس فى ثورة 1919 بتكاتف المسلمين والمسيحيين ضد الانجليز كعدو مشترك لكل المصريين مؤكدا ان المسلمين كانوا يبنون الكنائس والمسيحيين يبنون المساجد قبل الاستعمار البريطانى الذى مارس سياسة «فرق تسد» ولعب على وتر إحداث الوقيعة بين طرفى الأمة المصرية. فى أول مسرحية قدمت لى على خشبة الاوبرا القديمة عام 1953 كان عنوانها نهضة المشلول وربطت فيها بين ثورة 1952 و بين الثورة العرابية واهم مشاهدها التى قوبلت بالتصفيق الحار وهتافات عاش الهلال مع الصليب هو مشهد زيارة بطرس للاطمئنان على أسرة صابر وعلمه بعد ذهابه إلى منزله بأن صابر قد فعل نفس الشىء وكان الاثنان جنديين فى جيش عرابى أثناء معركة التل الكبير. عبد التواب محفور فى ذاكرته بحروف من نور كل الشواهد التاريخية على الوحدة الوطنية التى تربط المسلمين والمسيحيين بحبل حب الوطن المتين حيث حكى عن وقوف قساوسة مسيحيين على منابر المساجد للخطابة فى ثورة 19 وفى مقدمتها الجامع الازهر ووقوف مشايخ المسلمين على هياكل الكنائس فى ذات الظرف التاريخ ولذات الهدف وفى مقدمتها الكنيسة المرقسية و اجتماع عدد من رموز الوحدة الوطنية فى الكنيسة المرقسية برئاسة القمص باسيلوس وارسالهم خطابا الى على يوسف وهبة يحثونه فيه على عدم قبول تولى تشكيل الوزارة حرصا منهم على اهداف ثورة 1919. وعن تفاصيل حكاية كان قد حكاها ومفادها أن أحد مشايخ الأزهر كان من أبوين مسيحيين قال عبد التواب : فى حى الصيادلة بالاسكندرية ايام على بك الكبير كان يوجد صراف قبطى اسمه ابيفانوس تزوج ورزق بطفل وقد اسلم الطفل فى مرحلة الطفولة وشهد الشهادتين بين يدى الشيخ الحنفى فاحتضنه الشيخ ورباه فى بيته مع اولاده وصار الطفل بعد ذلك عالما وفقيها فى الدين الإسلامى وصار اسمه الشيخ المهدى ونال احترام الجميع بعد خروج الفرنسيين من مصر وكان يتلقى الهدايا من المسلمين والمسيحيين حينما يزوج اولاده وهذا الكلام قاله الجبرتى وانتهى به الأمر بأن تولى مشيخة الأزهر فكان أول شيخ للأزهر الشريف من أب وأم مسيحيين.