«اشقاء فى الدين شركاء فى الوطن» تلك هى نظرة ورؤية الدكتور عبد الستار فتح الله استاذ التفسير بجامعة الازهر للاقباط فى مصر التى بدأ بها حديثه ل «فيتو» وهى رؤية تعكس قناعة راسخة بان الدين لله والوطن للجميع، وتؤكد ان علماء الأزهر بوسطيتهم واعتدالهم هم الضمانة الأساسية لمصر العتيقة بحضاراتها وسماحتها فإلى تفاصيل آراء العالم الجليل. فتح الله قال ل«فيتو» :المسلمون والمسيحيون فى مصر اشقاء وشركاء فى وطن واحد، شربوا من نيله الخالد، وعاشوا سويا على ارضه منذ اكثر من الف عام فى كنف الدولة الاسلامية، وكلاهما كان يدا واحدة ودما واحدا فى مواجهة محن الوطن ، مؤكدا ان وجوه المصريين لاتعرف من الديانة، وانما من الجنسية لأن السمات المشتركة بين المسلمين والمسيحيين فى مصر كثيرة ومتطابقة ، وأشار إلي ان الشدائد جمعت المسلمين والمسيحيين ولم تستطع فتن الشياطين كاسرائيل والاستعمار ان تفرقهم ولم تنل منهم على مر التاريخ لأنهم نسيج واحد ولأن شعب مصر معصوم بسماحته وايمانه بوطنه، وهو ما يجعله قادرا على فهم ألاعيب ادعياء الفتنة وأعداء الوطن وومواجهة مخططاتهم لتمزيق الأمة بالوحدة والتلاعب فى سبيل نصرة مصر ومصالحها العليا . المسلمون والمسيحيون روح واحدة متحابة وفق رؤية فتح الله والدليل ان طعام كليهما محلل للآخر وكلا منهما يشارك الآخر فى افراحه واحزانه، مشيرا فى هذا الصدد الى قول الرسول صلى الله عليه وسلم «عيسى اخى وليس بينى وبينه نبى» منبها الى ان المسلمين يؤمنون بنبى الله عيسى بن مريم ويعظمون والدته مريم العذراء موضحا مدى تعظيم القران لها بانه لم يسم سورة باسم واحدة الا باسمها هى ودافع فيها عن شرفها وكرامتها ونفت الكذب عنها ووصف الكذابين فى امرها من اليهود بالتعالى والكفر وذلك فى سورة النساء . فى ذات السياق قال فتح الله : إن الله سبحانه وتعالى اكد على براءة مريم وطهرها فى السورة التى تحمل اسمها، واظهر انها عابدة قامت لله رب العالمين وخلقها الله لتكون آية من عنده ولتنجب سيدنا عيسى بدون اب ليكون رسولا ينزل عليه الوحى الالهى، ويصحح مفاسد اليهود ويبشر برسول الاسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما جاء فى القران الكريم . «القواسم المشتركة بين المسلمين والمسيحيين فى مصر لا تقتصر على الدين فقط وانما تمتد لكل مناحى الحياة» هكذا قال الدكتور عبد الستارفتح الله مستدلا على ذلك بأن المسلمين والمسيحيين فى مصر شركاء فى العمل والسكن والوظائف والتجارة والصناعة ومختلف درجات السلم الادارى للدولة، موضحا انها مشاركة قائمة على اساس المواطنة وبعيدة عن الديانة، وهى السمة التى جعلت كل محاولات المغرضين للتفرقة بين الطرفين، من خلال العبث بخانة الديانة وغيره تبوء بالفشل الذريع، بما فيها محاولات اللعب احيانا على وتر الفتن الطائفية . فتح الله اوضح ان القرآن الكريم اوصى بحسن الجوار لأهل الكتاب مستشهدا فى ذلك بقول الله سبحانه وتعالى : «ولا تجادلوا اهل الكتاب إلا بالتى هى احسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذى انزل الينا وانزل اليكم» مؤكدا ان تلك الاية تحث المسلمين على ادب الحوار مع المسيحيين واليهود، وتعكس سماحة الاسلام التى تظهر فى اسمى معانيها من خلال قول الرسول صلى الله عليه وسلم :«من اذى ذميا فانا خصيمه يوم القيامة» ضاربا فى ذات السياق المثل على التسامح والعدل مع اهل الكتاب بقصة القبطى وابن عمرو بن العاص والفاروق عمر بن الخطاب . الدين واحد سواء الاسلامى او المسيحي او اليهودى ، وهو دين سيدنا ابراهيم خليل الله وهو الاسلام هذا ما اوضحه الدكتور فتح الله مستندا فى ذلك الى قول الله سبحانه وتعالى«ووصى به ابراهيم بنيه ويعقوب يا بنى ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وانتم مسلمون». عن علاقته هو بالمسيحيين قال الدكتور عبد الستار فتح الله إن علاقته بالمسيحيين علاقة طيبة للغاية وليس فيها تفرقة من الطرفين مؤكدا انه حضر قداس الصلاة بكنيسة طنطا على والدة زميلة القبطى المتوفاة وذلك عندما كان يدرس فى جامعة الازهر حاكيا انه كثيرا ما يفاجىء بان اخوة مسيحيين يدفعون له الاجرة فى سيارات الاجرة دون ان يعرفهم وعندما يسألهم يؤكدون له ان العلاقات حميمة ولا فرق بين كل المصريين وانها ثقافة تعلموها من ابائهم فى البيوت مؤكدا انه يحضر كل مناسبات الاقباط التى يدعى لها لأنها امور دعت اليها السماء كل البشر تأكيدا على الانسانية مشيرا الى ان المسلمين والمسيحيين يتبادلون الكعك والبسكويت فى الاعياد ويشاركون بعضهم الطعام فى المناسبات وخاصة موائد الافطار الرمضانية . فى ختام حديثه حذر الدكتور عبد الستار فتح الله من مفتعلى الفتن بإقحام السياسة فى قدسية الدين بهدف تاجيج المشاعر واستغلالها لاغراض سياسية تحت ستار الدين المعروف بحساسيته الشديدة لدى معتنقيه ناصحا المصريين بان ينأوا بانفسهم عن فخ الفتنة مؤكدا على ان تبعاتها لا تنتقى التى تضر به وانما تضر بالطرفين لانهم شعب واحد ووطن واحد ونسيج واحد .