«التضامن» تقر تعديل وقيد 6 جمعيات فى 4 محافظات    تداول 17 الف طن و946 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    تعرف على اسعار الفراخ اليوم الأربعاء 21 مايو 2025 فى أسواق الإسكندرية    محمود الخطيب يرد على تساؤلات من أين يأتي الأهلي بأمواله؟    قفزة في سعر الذهب اليوم في مصر ببداية تعاملات الأربعاء 21-5-2025    نهائي الدوري الأوروبي وكأس الرابطة.. مواعيد مباريات اليوم الأربعاء    صحيفة عكاظ: نيوم قدم عرضا بقيمة 5 ملايين دولار لضم إمام عاشور    خارجية أستراليا: نشعر بالأسف إزاء التقارير بشأن المخاطر على الرضع فى غزة    38 شهيدا في غارات إسرائيلية على غزة منذ فجر اليوم    "جيو تيان" تبدأ تجاربها 2025.. الصين تطلق أول حاملة طائرات مسيرة فى العالم    مصرع وإصابة 39 شخصا في هجوم استهدف حافلة مدرسية جنوب غربي باكستان    10.3 مليار جنيه دعم «الإسكان الاجتماعي» منذ بداية المشروع.. «البريد» يوضح موقفه من كراسات «سكن لكل المصريين»    سعر الريال السعودي أمام الجنيه اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    اليوم موسم الحصاد.. تعرف على مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي والمدينة الصناعية    موسم امتحانات الثانوية.. انطلاق اختبارات أولى وثانية إلكترونيا وورقيا    مصرع 3 أطفال غرقًا فى حادثين منفصلين بترع مركز المراغة سوهاج    مشاجرة وإطلاق نار فى الهواء دون إصابات بسوهاج.. والأمن يضبط المتهمين    قضية نوال الدجوي.. س: هل تتهمين أحدا بالسرقة ج: يرافقونني منذ عامين    أمريكا وتركيا تؤكدان التزامهما بوحدة سوريا وتعزيز الشراكة الثنائية    بوتين من كورسك: المسيرات تعد واحدة من المجالات الرئيسية التى نسعى لتطويرها    النسيان والذى منه!    الليلة.. صراع بين توتنهام ومانشستر يونايتد على بطل الدوري الأوروبي    إيهود أولمرت: ما تفعله إسرائيل بغزة يقترب من "جريمة حرب"    العملية استغرفت 5 ساعات.. استخراج مسمار اخترق رأس طفل في الفيوم- صور    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    بتكلفة 175 مليار دولار.. ترامب يختار تصميما لدرع القبة الذهبية    اليوم.. أولى جلسات طعن المخرج عمر زهران على حكم حبسه    لينك و موعد نتيجة الصف الأول الثانوي الأزهري الترم الثاني 2025 برقم الجلوس    إسرائيل تواصل هجومها على غزة رغم الانتقادات الدولية    ثلاثي الأهلي يجتاح قائمة الأفضل ب الدوري في تقييم «أبو الدهب».. ومدرب مفاجأة    المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية اجتهاد وليس كتابا مقدسا.. لا شيء في العالم عليه إجماع    هبوط كبير تجاوز 800 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 21-5-2025    الخارجية الفلسطينية ترحب بالإجراءات البريطانية ضد ممارسات الاحتلال في الضفة وغزة    أفضل وصفات طبيعية للتخلص من دهون البطن    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفى والإعلامى (2)    أسطورة ليفربول: مرموش يمكنه أن يصبح محمد صلاح جديد    محمد معروف المرشح الأبرز لإدارة نهائي كأس مصر    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    محافظ الدقهلية يشهد حفل تجهيز 100 عروس وعريس (صور)    «غزل المحلة» يعلن مفاوضات الأهلي مع نجم الفريق    ننشر أسماء المصابين في حادث تصادم سيارتين بطريق فايد بالإسماعيلية    بعد شهر العسل.. أجواء حافلة بالمشاعر بين أحمد زاهر وابنته ليلى في العرض الخاص ل المشروع X"    مجلس الصحفيين يجتمع اليوم لتشكيل اللجان وهيئة المكتب    حدث في منتصف الليل| الرئيس يتلقى اتصالا من رئيس الوزراء الباكستاني.. ومواجهة ساخنة بين مستريح السيارات وضحاياه    رئيس الجامعة الفرنسية ل"مصراوي": نقدم منحا دراسية للطلاب المصريين تصل إلى 100% (حوار)    محافظ الغربية يُجري حركة تغييرات محدودة في قيادات المحليات    تحول في الحياة المهنية والمالية.. حظ برج الدلو اليوم 21 مايو    لميس الحديدي عن أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبدالعزيز: هناك من عايش الزيجة 20 سنة    إرهاق مزمن وجوع مستمر.. علامات مقاومة الأنسولين عند النساء    بمكونات سهلة وسريعة.. طريقة عمل الباستا فلورا للشيف نادية السيد    عضو مجلس يتقدم بطلب لتفعيل مكتب الاتصال الخدمي بنقابة الصحفيين (تفاصيل)    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    ضبط المتهمين بقتل صاحب مقهى في كرداسة    «منصة موحدة وكوتا شبابية».. ندوة حزبية تبحث تمكين الشباب وسط تحديات إقليمية ملتهبة    نائبة تطالب بتوصيل الغاز الطبيعي لمنطقة «بحري البلد» بأسيوط    المدرسة الرسمية الدولية بكفر الشيخ تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة    تعرف علي موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموت على المصرى حق!
نشر في فيتو يوم 12 - 03 - 2013

درب المهابيل.. حارة فى مصر «المزنوقة»، فيها الخمارة والبوظة وحواديت الناس المخنوقة.. نكتب بلسان أهل الكيف، بلا مجاملة أو حسابات،
ف«أبو يكح الجوسقى» - دائماً - لا يسكت عن الكلام غير المباح.
أعياني السؤال، من أين تخرج الحكمة في مصر؟ ومن أجل الإجابة عن هذا السؤال بهدلتني المرمطة في الشوارع والأزقة، في القرى والنجوع، أصابني الشبع بالتخمة وكدت أموت من الجوع، حتى استقر بي المقام بعد عمرعريض في درب المهابيل، ويح قلبي من ذلك الدرب العتيق، أخذ درب المهابيل مكانه منذ مئات الأعوام في قلب القاهرة، في الموسكي، وفي هذا الدرب استقرت إقامتي واختلطت بالناس، ومن خلال رحلتي أدركت أن الإنسان يبدأ رحلة المعرفة بقراءة الكتب، ثم يرتقي فيقرأ الناس، ثم يرتقي فيقرأ الحياة، ثم يرتقي فيقرأ الموت، وهنا في درب المهابيل قرأت الحكمة في وجوه الناس، حكمة المصريين هي ناتج عصير الزمن، والعصير هنا يتكون من كوكتيل أو مزيج من المعابد والكنائس والمساجد، الصوامع والحانات، الشوارع والحارات، الظلم مر من بلادنا وكل حاكم به احتفى، والعدل لاح في سمائنا ثم اختفى، أما الذوق فلم يخرج من عندنا، ومن يوم أن عرفتُ الحكمة قررتُ أن أجلس في حانة درب المهابيل، أشرب البوظة المصرية العتيقة، وأعب من الجعة المعصورة عصيرا من الشعير، ورغم أن بوظة حارتنا لا تسكر، والجعة في حانتنا لم يقترب منها الكحول، إلا أنني رغم ذلك كنت أسكر طينة من بعد عاشر قدح، حتى أنني ذهبت لشيخ حارتنا الشيخ الحناوي، وهو من أهل السلف، وقلت له يا شيخ حناوي: ما بال الخمر التي ليس فيها ما يسكر ، ولم تتخمر، ومع ذلك فهي تسكرني، فهل هي حرام ؟
فقال لي: ليس كل ما يسكر حراما، فالحب لا يسكر إلا المحبين، والشوق لا يسكر إلا المشتاقين، فما لا يسكر الناس وأسكرك فالله قد أباحه لك.
ومن يومها أخذت مكاني في حانة حارتنا، وحين أخرج منها أجلس بجوار السبيل، أغسل وجهي بالماء لعلي قد أفيق، وبعد أن أغسل وجهي أرى أشياء يعجز الناس عن رؤيتها فأرويها لهم، فيضحكون ويقولون سَكَرَ أبو يكح الجوسقي من بوظة لا تُسْكِر، وجعة لم تتخمر، وحين أيأس منهم أذهب لرب العزة وحدي، أصلي الفجر وحدي في المسجد، ولا أقف في صلاة الجماعة، فجماعتنا صار ثوابها أقل من ثواب صلاة الفرد .. أبو يكح الجوسقي صار فردا بين الناس، ويسع الفرد ما لايسع الجماعة، ومن هنا إلى أن يشاء سأظل أحكي لكم حكاياتي وستقرأونها، لذلك سأشرب وأسكر وأحكي لكم ثم أذهب لأصلي الفرض وأنا فرد .
وإليكم هذه الحكاية الغريبة التي وقفت أمام أهل الحارة « كلهم وليس جميعهم » لأحكيها لهم، وهي من الحكايات الغريبة التي قد يظن أحدكم أنها من تأثير شراب الجعة الذي لا يسكر، كان مبتدأ الحكاية حين نظرت إلى حارة درب المهابيل بعد الثورة المصرية فوجدت الموت يقترب دائما منها، مات شبابها وشيوخها ونساؤها وأطفالها لأسباب ثورية عديدة، ما بال هذا الموت لا ينفك عن مهاجمتنا وقطف الزهور من على أغصانها، ما باله زاد من وطأته علينا بعد أن أصبح الرئيس محمد مرسي حاكما لمصر، هل تعاقدت جماعة الإخوان مع ملك الموت ليخطف أرواحنا ؟ هل هي صفقة بين خيرت الشاطر وعزرائيل ؟ عذرا فلا يوجد ملك اسمه عزرائيل إذ إن اسمه الحقيقي هو «ملك الموت» ولعلكم قرأتم الحوار الذي أجراه الكاتب الحاذق «مختار محمود» مع ملك الموت في أحد أعداد جريدة «فيتو» الأخيرة، ومن خلاله عرفنا أن اسم «عزرائيل» هي تشنيعة من تشنيعات بني إسرائيل، وحين قرأت حوار مختار مع ملك الموت استطعت الوصول للهاتف المحمول ل«رسول الموت» وكان أن هاتفته وطلبت منه أن يأتي إلى حارة درب المهابيل ليشرح لنا أسباب الموت، فللموت أسباب، والموت علينا حق، وعلى قارعة الطريق في الحارة وقف ملك الموت وسط أهل الحارة ليحلل لنا أسباب الموت، فقال لنا وهو يتكئ على كتفي ضاغطا على مفاصلي: يا أهل حارة درب المهابيل، اسمعوا وعوا وإذا وعيتم فانتفعوا، من حقنا يا أيها البشر أن نجادل في كل شيء وفي أي شيء، إلا أنه ليس لنا أن نجادل أبدا في أن الموت علينا حق، لذلك لا نستطيع أمام الموت إلا أن نقول سبحان من له الدوام .. كل نفس ذائقة الموت، حتما سيموت الكبير والصغير الوزير والخفير .. سيموت الرئيس محمد بديع والمرءوس محمد مرسي .
قاطعت ملك الموت مؤمنا على كلامه: من أجل هذا يا سيدي ملك الموت عندما مرضت أرسل لي الشاعر الصديق عبد الرحمن يوسف رسالة قصيرة قال لي فيها فداك الرئيس وآل الرئيس يقصد رئيس الإخوان فأرسلت له قائلا: فداك التعيس .. وكيري الخسيس .. وابن الرئيس .. وحاكم يسافر أوروبا ونيس .. ليأتي بعفش ٍ لذاك العريس .. ونحن من الجوع متنا فطيس .. نعم نحن من الجوع متنا فطيس .
قال ملك الموت مستطردا موجها كلامه لأهل الحارة: وكل شعب من شعوب العالم وله موتته وطريقته المفضلة في الانتقال إلى العالم الآخر وعلى شاكلة تختلف عن الشعوب الأخرى، فالشعب الأمريكي مثلاً يموت تحت وطأة الكوارث الطبيعية من أعاصير وزلازل، كما أنه أحياناً يموت بالإيدز وأحياناً أخرى يموت من المخدّرات وفي كل الأحيان يموت حبّا في «إسرائيل» ويموت من غباء حكامه، ويموت أخيراً من الضحك على السادة أصحاب الفخامة والجلالة والسمو من حكّامكم العرب .
استمر ملك الموت متحدثا: وعن موت «الإسرائيليين» فحدث ولا حرج حيث يموتون رعباً وغيظاً وكمداً من حركة المقاومة الفلسطينية، ويموتون صرعى في العمليات الاستشهادية البطولية، إلا أنهم أيضاً يموتون في حب محمود عباس، وصديقهم الجديد محمد مرسي، ويُروى أن «الإسرائيليين» مثلهم مثل الأمريكان يموتون من شدة عشقهم لحكامكم العرب.
توقف ملك الموت لحظة ريثما يقبض روح أحد المصريين ثم عاد قائلا: ويموت الشعب الفلسطيني البطل شهيداً تحت القصف «الإسرائيلي» وبسبب تجاهل العالم وانحيازه الأحمق لإسرائيل، إلا أنه أيضاً يموت أثناء الصراع بين حركتي فتح وحماس .
ثم انتقل إلى محور آخر من محاور الموت قائلا: ويموت الشعب الانجليزي عندما يكون تابعاً للأمريكيين في العراق، كما أنه يموت في حوادث الطرق، وأيضاً أثناء الشغب في مباريات كرة القدم.
ويموت الشعب الصومالي من العطش والجفاف والجوع والحروب الأهلية ... كما أن الشعب السوداني الشقيق ظل عبر سنوات طويلة يموت من الحروب الأهلية بين الشمال والجنوب ومن الجوع في بعض الأحوال ومن ديكتاتورية حاكمه الإخواني في أحوال أخرى .
ويموت الشعب السويسري منتحراً بسبب الرفاهية الشديدة، ويموت الفرنسيون في النميمة والتعالي على باقي الجنس الأوروبي من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه.
توقف ملك الموت كثيرا، ويالهول ما رأينا ساعتها، إذ رأيناه وقد ذرفت عيونه دموعا سخينة فاحترمنا دموعه وتوقفنا عن الحديث وسرت همهمة في المكان، ثم عادت لملك الموت رباطة جأشه فقال وهو يتحدث بحزن وكمد: أما الشعب المصري ذلك الشعب الصابر الصامد عبر آلاف السنين فإنه دوناً عن شعوب العالم قد جمع كل أشكال الموت حيث جرب منذ سنوات الموت بفعل الزلازل، ولكنه دائما يموت غرقاً في البحر الأحمر أثناء ركوبه العبّارات أو في البحر المتوسط أثناء سفره هروباً وبحثاً عن الرزق في أوروبا، ويموت تحت أنقاض العمارات المنهارة التي تم تشييدها بأسمنت مغشوش وحديد مثل الملبن أو التي لم يتم تنكيسها بسبب الرشاوى التي يتلقاها مهندس الحي، ويموت حرقاً أثناء جلوسه في مسارح الدولة أو أثناء ركوبه القطارات المتجهة للوجه القبلي أو الوجه البحري، ويموت من أنفلونزا الطيور ومن أمراض الكبد والسرطان.. تلك الأمراض التي انتشرت بسبب المبيدات المسرطنة أو المياه الملوثة، ويموت أثناء الثورة على الحاكم المستبد، ويموت مرة أخرى على يد الحاكم الجديد، وحينما كان يموت على يد المستبد الأول كانت جماعة الإخوان تطلق عليه «الشهيد» ولكن حين ثار المصري على الإخوان فقتلوه وهم يطلقون عليه «البلطجي» وفي حكم مرسي المنتخب رئيسا مات المصري من التعذيب في سجون وزارة الداخلية وفي أقسام الشرطة على يد ضباط المباحث المغاوير، ويموت الموظف المصري انتحاراً بسبب يأسه من مواجهة غلاء الأسعار بسبب فشل الإخوان في إدارة شئون البلاد، ويموت بسبب الزحام أثناء وقوفه في طابور العيش، في حين يموت حكامه الجدد من التخمة عملاً ببيت الشعر الشهير .. تموت الأسد في «الطابور» جوعاً ولحم الضأن تأكله الكلاب .
توقف ملك الموت عن الحديث فسألناه: متي ستقبض روح تلك العصابة الإجرامية التي تحكم مصر باسم الدين، قال: هي ميتة فعلا خوفا من الشعب المصري وتظاهراته وثورته، هي ميتة بفعل خداعها وكذبها، هي ميتة منذ أن ولدت وما قبض الروح إلا ترجمة لموتها الحقيقي، ألا ترون أن الحاكم الفنزويلي شافيز مات بقبض الروح، ولكنه حي بأثره الكبير، أما هؤلاء فأحياء ولكنهم كالخشب المسندة .
قلنا له: ولكن الشعب المصري يموت من أفعالهم .
قال وهو يهم بالانصراف: لا تأسفن على غدر الإخوان فلطالما رقصت على جثث الأسود كلاب. .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.