الساعة تقترب من الواحدة من صباح الأربعاء الماضي.. كل شيء بدا هادئا وطبيعيا داخل مجمع ألمنيوم نجع حمادي أكبر مجمعات الألمنيوم في الشرق الأوسط .. العمال أخذوا أماكنهم في الوردية الليلية منذ ساعات.. المهندس السيد محمد يلاحظ ما يشبه النيران في مصنع البلوكات.. فجأة تظهر في الأفق ألسنة لهب تتصاعد شيئا فشيئا من داخل مصنع البلوكات داخل المجمع.. العمال لا حول لهم ولا قوة ولكنهم حاولوا إنقاذ ما يمكن إنقاذه مما أدي إلي بعض حالات الاختناق.. الوقت يمر والحريق يزداد وتبدأ الدنيا تنقلب رأسا على عقب وتأتي أكثر من 30 سيارة إطفاء من عدة مراكز بمحافظة قنا حضرت للتغلب علي الحريق.. سيارات الإطفاء أخيرا تتغلب علي الحريق بعد التهامه للمصنع بالكامل في الرابعة صباحا ثم تبدأ عملية التبريد لهذا المكان الحيوي باعتباره أهم مرحلة في تصنيع معدن الألمنيوم بالمجمع إذ تستخدم هذه البلوكات في تحليل الكهرباء لخلايا الألمنيوم قبل تصنيع المعدن وكانت هذه البلوكات تستورد في الماضي بمبلغ 5 آلاف جنيه للبلوك الواحد قبل إنشاء مصنع البلوكات بالمجمع والذي ينتج حاليا 240 بلوكا في الوردية. عمال المصنع أكدوا أن هذا الحريق ليس الأول من نوعه ولكنه الخامس خلال عام كامل ومع ذلك لم يتخذ المسئولون أية إجراءات تأمينية لتلافي تكرار هذه الحرائق المتكررة في أكبر مجمع لتصنيع معدن الألمنيوم بالشرق الأوسط . مؤكدين أيضا أن وجود مواد قابلة للاشتعال مثل مادة القار ساعد علي التهام النيران لمبني المصنع بسرعة هائلة .علاوة على تأخر سيارات الإطفاء.. الدكتور عز الدين الكومي عضو مجلس الشوري بمحافظة قنا قال إن الإهمال وغياب أدني مستلزمات الأمن الصناعي عن أكبر الصروح الصناعية بالمنطقة له الدور الأكبر في هذا الحادث وخسائره الجسيمة مؤكدا أن أغلب السيارات التي أتت لإطفاء الحريق كانت من خارج المجمع فيما أتت سيارات مجمع الألمنيوم بعد ذلك ب 25 دقيقة وهذا التأخر ساعد في ازدياد الحريق واشتعاله في مبنى البلوكات بالكامل علاوة على أن هذه السيارات ليست مجهزة لهذه المواقف من الأساس ... الكومى أضاف أن الأقاويل المبدئية تؤكد حدوث ماس كهربائي ولكن غياب الأمن الصناعي والإهمال والافتقار لإجراءات السلامة والصحة المهنية كان العامل الأكبر في الحادث، مشيرا إلى أن سيارات الإطفاء ليست مجهزة لمثل هذه المواقف من الأساس. على الجانب الآخر يؤكد المسئولون في مجمع الألمنيوم أن الخسائر في مصنع البلوكات لم تؤثر على الإنتاج داخل المجمع والذي يحتوي على 140 ألف طن من البلوكات الاحتياطية والجاهزة للاستخدام وتكفي عملية الإنتاج لمدة أربع شهور قادمة وهي مدة كافية لإصلاح التلفيات التي حدثت نتيجة للحريق. الحريق استهلك 45 ألف متر مكعب من المياه ولم ينتج عنه خسائر في الأرواح بين العمال كما لم يمتد للمباني المجاورة. وبعيدا عن تطمينات المسئولين فقد أثار الحريق العديد من التساؤلات بشأن سلسلة الحرائق الأخرى بقنا فلم تكد تهدأ الأمور حتي نشب حريق آخر بعصر نفس اليوم بمنطقة مجمع ريفورم الخدمي للإصلاح الزراعي بمدينة نجع حمادي وقد أسفر الحريق الثاني عن التهام قاعة أفراح ليالي ريفورم بالكامل وبعض مكاتب الموظفين العاملين بها وهو الأمر الذي أثار بلبلة كبيرة بنجع حمادي فيما لم يعط المسئولون بالمحافظة أي رد قاطع علي نشوب حريقين متتالين بنجع حمادي وتركوا الأمر لتحقيقات النيابة التي باشرت التحقيق في الحادثين فيما ينتظر الجميع الآن تقريرها النهائي