نائب المرشد أراد الانتقام من الأربعة لمعارضتهم سياساته غزلان وعزت يمارسان ضغوطاً لفتح تحقيق فى مخالفات «الحمائم» بديع يرفض إحالة المخالفين للتحقيق ونائبه يحتكم لمكتب الإرشاد يظل المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين هو الأقوى داخل الجماعة والأكثر سيطرة على مقاليد الأمور بها، ومن الواضح أن أيا كان لا يستطيع زحزحة الرجل من مكانته أو تحجيم دوره داخل التنظيم. فالشاطر الرجل الحديدي داخل الجماعة يعد حالياً بإتقانه المعهود لمذبحة تجري وقائعها في المقر العام للإخوان بالمقطم ويستهدف من خلالها الإطاحة بأربعة من كبار قيادات الإخوان ليس لشيء سوى لمجرد الثأر منهم لأنهم وقفوا ضده وضد قراراته مراراً وتكراراً. فالشاطر قرر إعادة ترتيب البيت الإخواني من جديد خاصة أن الجماعة نفسها عهدت إليه ملف تحديث المؤسسات الإخوانية من الداخل بمجرد خروجه من السجن في أعقاب ثورة 25 يناير المجيدة، وتتلخص مهمته في إعادة ترتيب الأقسام وإدخال مناهج جديدة تتواكب مع تطورات مرحلة ما بعد الثورة. الشاطر لم يضع الفرصة تضيع هباءً فبدأ في إعداد مناهج جديدة للتربية وإعادة تقسيم المناطق والأقسام الداخلية مرة أخرى وأثناء قيامه بذلك وجد أن هناك قيادات لم تتعاون معه في هذا الملف وقيادات أخرى تدخلت فيما لا يعنيها وفقا لرؤية خيرت. وبعد قيام الجماعة بتأسيس حزب الحرية والعدالة قام الشاطر بوضع خطة ترمي إلى إبعاد هؤلاء عن طريق ضمهم للحزب لإدراك الشاطر أن الجماعة هي مصدر القوة وأن الحزب ما هو إلا غطاء شكلي للإخوان ولن يكون له دور فاعل ولا تأثير، خاصة أن من ضمن أفكار الشاطر والتي آمن بها قبل الثورة بكثير أن الحزب الإخواني سيكون مجرد ديكور سياسي للإخوان وهو ما دعاه للوقوف مراراً وتكراراً ضد فكرة تأسيس الحزب وقال وقتها إنه حتى لو قام الإخوان بتأسيس هذا الحزب فإنه لن يكون له تأثير، واتخذ الشاطر من حديثه هذا منهجا مفاده أن «العمل لا يكون إلا من خلال الجماعة». وبعد تأسيس حزب الحرية والعدالة رأى الشاطر أن الحزب سيكون بمثابة مخزن خاص به يقوم فيه بتخزين كل معارضيه داخل الجماعة. ولأن ليس للمرء كل ما يتمناه بدأت بعض المشاكل تظهر أثناء قيام الشاطر بطرح أمر الدفع بمرشح إخواني في انتخابات الرئاسة بعدما كانت الجماعة والحزب قد استقرا على عدم الدفع بمرشح إخواني في الانتخابات الرئاسية، وهي المشاكل التي نتجت عن قيام بعض القيادات الإخوانية برفض هذا الطرح ومعارضة مجرد التفكير فيه بالأساس. وكان على رأس القيادات التي عارضت توجه الشاطر الدكتور محمد علي بشر عضو مكتب الإرشاد ومحافظ المنوفية الحالي والمهندس سعد الحسيني القيادي البارز وعضو مكتب الإرشاد السابق ومحافظ كفر الشيخ الحالي والدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة والدكتور محمد جمال حشمت والمهندس مدحت الحداد رئيس المكتب الإداري للإخوان بالإسكندرية إضافة إلى الدكتور عبد الرحمن البر عضو مكتب الإرشاد. وقامت هذه المجموعة المناوئة للشاطر بالتصويت ضد قرار دفع الإخوان بمرشح رئاسي على مدار الجلسات الثلاث التي عقدها مجلس الشورى العام للجماعة لمناقشة الأمر،حتى عندما استطاع الشاطر أن يربح معركة الدفع بمرشح إخواني في انتخابات الرئاسة وقفت هذه المجموعة ضد ترشيح خيرت وصوتت ضد قرار اختياره، ووقتها وقف بشر والحسيني وحشمت بكل قوة ضد ترشيح الشاطر وظلوا يطرحون العديد من الحجج والمبررات لعدم ترشيحه ومنها أنهم قالوا إن الشاطر ينبغي أن يتفرغ للجماعة فقط وأن ممارسته للأعمال التجارية تقلل من أسهمه في الفوز بالمنصب وأنه في حالة طرح الإخوان له فان ذلك سيعود بالسلب على الجماعة التي كانت تعارض سياسات النظام السابق التي خلطت بين السياسة ورجال الأعمال. إلا أن الشاطر ربح المعركة ووقع الاختيار عليه للمنافسة على منصب رئيس الجمهورية وعلى الرغم من ذلك إلا أن الشاطر أضمر هذا الأمر في نفسه، فقرر أن يقوم بإعداد ملف لهؤلاء الأشخاص تمهيداً للإطاحة بهم من مناصبهم سواء في الجماعة أو الحزب، وقد كانت هذه الرغبة هي السبب الحقيقي وراء تأجيل تسمية رئيس جديد لحزب الحرية والعدالة خلفاً للدكتور محمد مرسي. الشاطر اختار 4 قيادات من ضمن المجموعة المناوئة له ليتخلص منهم ويبعدهم نهائياً عن الجماعة وهم العريان وبشر والحسيني وحشمت، ورغم أن الأسماء الأربعة تتمتع بسيرة طيبة فيما يتعلق بالذمة المالية لكن الشاطر أصر على إعداد ما أسماه ملفات فساد مالي لهؤلاء الأشخاص وعلى الرغم من أن مصر دخلت عصر الحريات بعد ثورة يناير المجيدة إلا أن الشاطر وجه فى تقاريره السرية التى أعدها للاطاحة بخصومه اتهامات كثيرة يعتقد الإخوان أنفسهم أنها لاتمت للحقيقة بصلة. «فيتو» تؤكد على احترامها الكامل للأشخاص محل تقارير الشاطر وتتعجب من وصول الخلاف الفكرى لتوجيه اتهامات لشخصيات بريئة يشهد الجميع بكفاءتها ونظافة يدها. الدكتور عصام العريان أصبح في مرمى نيران خيرت الشاطر، فقام نائب المرشد بالاستعانة ببعض الموظفين بنقابة الأطباء حتى يعدوا له ملفاً عن التجاوزات المالية المنسوبة للعريان إبان تولي الأخير مناصب قيادية بالنقابة. فقام الموظفون بتجميع الشكاوى والمذكرات التي قدمها الأطباء ضد العريان إضافة إلى قيامهم بتجميع تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات التي تتحدث عن وجود فساد مالي في النقابة، وهي التقارير التي ورد بها أكثر من 32 مخالفة منسوبة لعصام العريان. الشاطر انتهى من هذه التقارير إلى أن هناك مخالفات مالية منسوبة للعريان يصل إجماليها إلى أكثر من 8 ملايين جنيه، بعدها قام الشاطر بدفع أحد الأطباء المنتمين إلى الجماعة إلى تقديم شكوى إلى مكتب الإرشاد والهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة طالباً إجراء تحقيق مع العريان في هذه المخالفات المنسوبة إليه. وهذه الشكوى الداخلية هي التي عطلت تعيين العريان رئيسا للحزب، وكان الدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان قد رفض التحقيق مع العريان فيما ورد في الشكوى إلا أن خيرت الشاطر يمارس حالياً ضغوطا قوية على مكتب الإرشاد والمرشد حتى يتم تشكيل لجنة متخصصة للتحقيق مع العريان في المخالفات المنسوبة إليه. أما الدكتور محمد علي بشر الذي اختارته الجماعة منذ فترة طويلة أميناً عاماً لاتحاد المنظمات الهندسية للدول الإسلامية وهو في ذات الوقت مدير هذا الاتحاد عن مصر ومازال في منصبه حتى الآن، ورغم أن هذه المنظمة «هندسية» إلا أنها في واقع الأمر من المنظمات التابعة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وكان التنظيم الدولي قد أنشأ عدداً من هذه المنظمات لتسهيل التعامل بين فروعه في مختلف أنحاء العالم فيما يخص تحويل الأموال وما شابه ذلك. الشاطر استطاع من خلال بعض الموظفين العاملين في هذا الاتحاد ومن خلال بعض قيادات التنظيم الدولي في الخارج الحصول على معلومات تفيد أن إجمالي التبرعات المالية التي وصلت للاتحاد لكي يتم تسليمها لمكتب الإرشاد بلغت 4 ملايين دولار، في حين أن بشر لم يقم بتسليم الجماعة إلا مليون دولار فقط. المثير في الأمر أن مقر هذا الاتحاد يقع في منطقة المعادي، وكان بالمقر محاسب مسئول عن إدارة الملفات المالية، وفي أكتوبر عام 1999 حينما اقتحمت قوات الأمن مقر الاتحاد وألقت القبض على عدد من قيادات الإخوان كانوا في اجتماع ضمن ما عرف بقضية النقابات المهنية، وقامت قوات الأمن أثناء مداهمة المقر بمصادرة العديد من الأوراق والملفات المهمة. وبعد ثورة يناير فتح الشاطر هذا الملف وطلب من بشر إعداد ملف مالي يتضمن جميع الأموال التي دخلت إلى الاتحاد والتي خرجت منه، والأموال التي حصل الشاطر على بيان بها من خلال التنظيم الدولي للإخوان والمقدرة بأربعة ملايين دولار، إلا أن بشر قال إن أمر تقديم ميزانية بالوارد والمنصرف يصل إلى درجة الاستحالة لعدة أسباب منها أن قوات الأمن صادرت الدفاتر المالية ومنها أيضا أن كثيراً من الأموال كان يتم تحويلها من الخارج بأسماء أشخاص وليس باسم الاتحاد، وهؤلاء الأشخاص كان كل منهم مسئولاً على توصيل هذه المبالغ إلى الجهة المحددة سلفاً، وقال إنه لا يستطيع حصر هذه الأموال لأن معظم الموظفين الذين كانوا يتسلمونها أصبحوا الآن تابعين لخيرت الشاطر نفسه. إلا أن الشاطر أصر على إجراء تحكيم محاسبي في هذا الأمر عبر تشكيل لجنة تحت رئاسة الدكتور حسين شحاتة لكن بشر امتنع عن الذهاب لشحاتة، وبعدها مباشرة قام الدكتور محمد مرسي باختيار بشر محافظا للمنوفية رغم أنف الشاطر الذي اعتبر أن إثارته لهذا الأمر ستعطل اختيار بشر في أي منصب تنفيذي أو استشاري. الشاطر لم يصمت إزاء قرار مرسي وما زال يخطط للإطاحة ببشر وتشويه سمعته للدرجة التي دفعته لدفع بعض أعضاء لجانه الإلكترونية للادعاء أن محمد علي بشر هو شقيق زوجة الرئيس مرسي وأنه متهم في قضية رشوة بحي النزهة. الدكتور محمد جمال حشمت القيادي الإخواني البارز دخل هو الآخر في مرمى نيران الشاطر الذي بات يخطط بقوة للتخلص من حشمت وإبعاده من الجماعة. وحشمت قيادي بارز ومعروف أنه من تيار الحمائم داخل الجماعة كان قد حصل على الدكتوراه من ألمانيا وبعدما عاد من هناك تم تعيينه كطبيب في الجمعية الطبية الإسلامية بدمنهور، وتدرج حشمت في المسئوليات داخل الجمعية حتى أصبح مديراً لمستشفى دار السلام بدمنهور وهي المستشفى التابعة للجمعية الطبية الإسلامية. الشاطر من جانبه أعد تقريراً لتقييم أداء القيادات الوسطى في الجماعة وكان من بينها جمال حشمت الذي كتب عنه الشاطر تقريراً مفصلاً. تقرير الشاطر عن حشمت كان به نقطتان أساسيتان، الأولى تتعلق بكيفية مباشرة حشمت للنشاط السياسي والأمر الآخر متعلق بذمته المالية. أما فيما يتعلق بالنشاط السياسي لجمال حشمت فقد عاب الشاطر في تقريره على حشمت أنه شخصية عنيدة ولا يمتلك مرونة ويرغب دائما في إضافة رأيه الشخصي في الأمور حتى لو أدى ذلك إلى وقوع ضرر للجماعة. وأشار الشاطر في تقريره إلى أن مسالة سقوط حشمت في انتخابات مجلس الشعب أمام الدكتور مصطفى الفقي كان أمراً متفقاً عليه بين محمد مهدي عاكف مرشد الإخوان وقتها وجهاز أمن الدولة وفقا لخطة أطلق عليها «6 أمام 1»وكانت هذه الخطة تنص على أن يعلن سقوط حشمت في الانتخابات أمام الفقي في مقابل أن يحصل الإخوان على 6 مقاعد عن محافظة البحيرة، وأكد الشاطر في تقريره أن حشمت كان يعلم بأمر هذه الخطة إلا أنه لم يصمت ووصل به الأمر إلى إحراج عاكف حينما أراد الأخير إجراء صلح بين حشمت والفقي إلا أن حشمت لم يوافق على هذا الصلح. الشاطر أشار في تقريره عن حشمت إلى أن الأخير يتمتع بحب الذات واستشهد بانتشاء حشمت حينما كان في زيارة إلى ألمانيا وقام شباب الإخوان هناك بالهتاف باسمه، وأكد الشاطر أن إحساس حشمت بذاته ارتفع بشكل كبير بعد هذه الواقعة. أما الشق الثاني الذي أورده الشاطر في تقريره عن جمال حشمت فهو خاص بالماليات، فتقرير الشاطر أورد أن حشمت ارتكب مخالفات مالية جسيمة إبان إدارته لمستشفى دار السلام بدمنهور حينما فتحت الإدارة باب التبرع أمام المواطنين لإجراء إصلاحات وتحسين الخدمات، فقام حشمت بفتح حساب خاص باسمه حتى يتلقى التبرعات عليه. وأشار الشاطر في تقريره إلى أن لا أحد يعرف شيئاً عن هذه التبرعات التي تمت لهذا الحساب، كما أنه لا يوجد في كشوف الجمعية الطبية الإسلامية ما يفيد أن حشمت قام بسداد أي أموال للجمعية بما يعني أن الحساب الخاص به لم تخرج منه أي أموال لإجراء الإصلاحات والتحسينات التي أعلن عنها. أما المهندس سعد الحسيني عضو مكتب الإرشاد السابق ومحافظ كفر الشيخ الحالي فلم يسلم هو الآخر من مرمى نيران خيرت الشاطر، فالأخير أعد تقريراً مفصلاً عن الحسيني أورد فيه ما أطلق عليه مخالفات جسيمة. اشتمل تقرير الشاطر عن الحسيني على أمرين أساسيين أولهما أن الحسيني كان قد سافر في عام 2009 إلى بريطانيا بتكليف من مكتب الإرشاد للقاء الدكتور محمد البرادعي وإجراء اتفاق معه على تنسيق العمل بينه وبين الإخوان، وهو الأمر الذي أعقبه عودة البرادعي من الخارج وتشكيل الجمعية الوطنية للتغيير التي كان الإخوان فاعلين فيها في البداية. تقرير الشاطر أشار إلى أن الحسيني حصل على 50 ألف دولار من الجماعة قبل سفره على أن يقوم بتسويتها بعد عودته، رغم أن مدة سفر الحسيني لم تتجاوز أربعة أيام وكان مقيماً طوال هذه المدة في مقر من مقرات التنظيم الدولي للإخوان وكانت إعاشته بالكامل على حساب التنظيم إلا أنه إلى الآن لم يقم بتسوية المبلغ. الأمر الثاني الذي اعتمد عليه الشاطر في تقريره لإدانة الحسيني هو كون الأخير عضواً في الجمعية التربوية الإسلامية بالغربية وهي جمعية متخصصة في إنشاء المدارس الإسلامية وإدارتها، والحسيني -وفقا لتقرير الشاطر- كان قد تلقى من الإخوان مبلغاً وقدره 550 ألف جنيه لدعم نشاط الجمعية والمساهمة في إنشاء مدرسة تكون تحت إدارة الإخوان مع شركاء آخرين من أفراد الجماعة، إلا أن الحسيني لم يضع هذا المال في الجمعية ولم يقدم لها شيئا. وبعدما أعد تقاريره عمل الشاطر من خلال مجموعته التي يقودها معه الدكتور محمود عزت نائب المرشد والدكتور محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد على القيام بضغوط على الدكتور محمد بديع مرشد الإخوان لفتح التحقيق مع هؤلاء الأربعة في هذه المخالفات خاصة أن القرار يجب أن تتم الموافقة عليه من جانب المرشد. إلا أن الدكتور محمد بديع يرفض حتى الآن فتح التحقيق في هذه المخالفات وقال لعزت وغزلان إن هذا الأمر من شأنه أن يدخل الجماعة في انتكاسة جديدة، في حين جاء رد الشاطر ومجموعته أنه يجب أن تطهر الجماعة نفسها من الداخل وأن إحالة المخالفين للتحقيق سيصب في مصلحة الجماعة ويرسل للآخر رسالة جيدة مفادها أن الجماعة لا توافق على الفساد وتحاربه حتى لو كان من داخلها. حينما فشلت محاولات مجموعة الشاطر في إقناع بديع بدأ الشاطر في طرح أمر أن يحتكم الجميع لمكتب الإرشاد للفصل في هذا الأمر وصولا لاتخاذ قرار بالأغلبية بفتح التحقيق مع مجموعة الأربعة حتى لو اعترض المرشد. بديع فطن لخطة الشاطر ومجموعته فبدأ في تعطيل عقد اجتماع لمكتب الإرشاد لموانع لائحية فالمكتب غير مكتمل نظراً لاختيار بعض أعضائه في مناصب سواء كمحافظين أو في الفريق الرئاسي لمرسي ويجب أولا وقبل كل شيء إجراء انتخابات على مقاعد مكتب الإرشاد الشاغرة.