مر تقرير اليونيسيف كالعادة بهز الكتف لم يعد هذا الآن الأكثر آلية فى الجمعية العمومية للأمم المتحدة ولا كارهى دولة إسرائيل فى لجنة حقوق الإنسان. فهى الآن اليونيسيف، واليونيسيف فى الحقيقة أمر مختلف. إن صندوق الطوارئ الدولى للأولاد التابع للأمم المتحدة والذى أسس عام 1946 بمبادرة من طبيب أطفال يهودى بولندى من أحد الناجين من المحرقة، أصبح على مر السنين منظمة لمشاهير العالم. ويرتفع اسمها على قمصان لاعبى كرة القدم من برشلونة التى يلبسها أولاد إسرائيليون كثيرون أيضًا. إن ليو ميسى سفير النويا الحسنة من قبل المنظمة والأميرة كارولاين والسير روجر مور، وشاكيرا وديفيد بيكهام، وها هى منظمة العدل لدائرة المشاهير الدولية، قد حصلت الإسرائيلية زينة هيرمان فى 1965 على جائزة نوبل للسلام باسم المنظمة، وقبل أكثر من سنة تمت مراسم احتفالية فى مكتب وزير التربية الإسرائيلى جدعون ساعر وقعت بها إسرائيل على الميثاق الدولى الجديد لحقوق الطفل من قبل المنظمة. بل تم انتخاب إسرائيل هذه السنة لتولى عملًا فى مجلس مديرين اليونيسيف لأول مرة منذ أربعين سنة، واعتبر هذا إنجازًا سياسيًا نادرًا. تهتم اليونسيف بالحفاظ على حقوق أطفال العالم، بأن يحظوا بالماء النقى والغذاء المناسب والتربية الملائمة وماشابه ذلك. وتنشر من آن لآخر تقارير مخيفة عما يفعلونه بالأولاد فى نظم الحكم الأكثر ظلامًا والدول الأكثر تخلفًا. وفى نهاية الأسبوع نشرت تقريرًا لا يقل عن ذلك رعبًا ولكن كان هذه المرة عن علاقة إسرائيل بالأولاد الفلسطينيين. لذا لا تستطيعوا أن تقولوا الآن إنها معاداة سامية. إن صورة سور سجن عوفر فى صفحة التقرير الأولى والصورة التى يظهرها التقرير يجب أن ترعب كل والد إسرائيلي. تم اعتقال سبعة آلاف ولد فلسطينى فى العقد الأخير، أى بمعدل 700 طفل كل عام. ويفصل التقرير كيف يبدو ذلك على نحو عام، فهناك قوة عسكرية كبيرة تقتحم المنزل تحت جنح الظلام وتوقظ قاطنيه بغلظة. وبعد تفتيش عنيف يشمل أحيانا تحطيم أثاث المنزل، وتقييد الطفل المطلوب بالكلابشات مع تعصيب عينيه بالقماش ويتم نزعه بقسوة أمام عائلته المنزعجة الدهشة، وهو فى الطريق إلى مكان الاعتقال يتلقى أحيانًا الضرب والركل، وفى أثناء التحقيقات يجلس بالانتظار ساعات أو يومًا كاملًا أحيانًا دون طعام وشراب ودون قدرة على الذهاب للمرحاض. ويشتمل تحقيقه على تهديدات على حياته وتهديدات جنسية له ولأسرته. ولا يتم التحقيق مع أى ولد فى حضور محام أو أى أحد من أفراد أسرته .. ويعترف أكثر الأولاد بعد انتهاء التحقيق تم رشق الأطفال بالحجارة على نحو عام كما يوقعون على استمارات اعتراف بالعبرية لا يعلمون شيئًا عما كتب فيها. بعد ذلك يتم وضع الطفل فى السجن لمدة قد تصل لشهر أحيانا. ويتم فيها تعذيبه بطريقة وحشية وغير آدمية كما يقول التقرير. ويلتقى الولد بمحاميه أول مرة فى المحكمة العسكرية للشباب وقد يتم تزويد مدة اعتقاله إلى فترة تصل إلى 188 يومًا وهذا خلافًا للمعايير الدولية، وبخلاف وثيقة حقوق الإنسان التى جاء فيها أن الاعتقال يجب أن يكون آخر وسيلة، وتأتى بعد ذلك العقوبة الأفعوانية والغليظة جدًا بشكل عام. يوجد اثنان من السجون التى يسجن فيها الأولاد فى داخل إسرائيل بخلاف وثيقة جنيف التى تحظر ذلك وهو شيء الذى يجعل من الصعب جدًا على أقربائهم زيارتهم وهذا أيضًا بخلاف وثيقة حقوق الطفل. إن هذه المعاملة الفظة للأطفال الفلسطينيين تعد ممنهجة ومؤسسة فلا يحدث هذا فى أى دولة سوى دولتنا على بعد مسافة قصيرة من غرف نوم أطفالكم. نقلاً عن هاآرتس