جديرٌ أن نتأمل الكاريزما المتناقضة للراحل هوجو تشافيز، الذى كان يتمتع بقداسة فى منصبه، ولا يمكن أن ننكر أن تشافيز كان محبوبًا بين شعبه، وهو أمر لابد من احترامه، ونجد ذلك فى البيان الذى تلاه نائب الرئيس الفنزويلى "المؤقت" نيكولاس مادورو حول وفاة الزعيم تشافيز الذى جاء فى مقدمته: لقد جاءت اللحظة الأكثر سوءًا فى تاريخ فنزويلا، معلنًا أن جثمان تشافيز سوف يحنط كما حدث مع جثمانى الزعيم الصينى ماو تسى تونج والزعيم السوفيتى فلاديمير لينين، وسوف يوضع جثمانه فى متحف كاراكاس العسكرى وسوف يتحول إلى متحف للثورة. ويعد متحف كاراكاس العسكرى المكان الذى ألقى القبض فيه على تشافيز فى عام 1992 عندما قام بانقلاب عسكرى فاشل، وكانت المرة الأولى التى يظهر فيها تشافيز على المسرح السياسى الفنزويلى، وسرعان ما حظى تشافيز بمكانة تاريخية على مستوى العالم، حتى ذهب البعض إلى وضعه فى المرتبة الثالثة على مستوى تاريخ قارة أمريكا اللاتينية بعد سيمون بوليفار والكوبى خوسا مارتى. وتشافيز صاحب التجربة الثورية المثيرة للجدل السياسى حول مستقبل الأنظمة السياسية فى أمريكا اللاتينية التى بدأت من التمرد على النموذج الأمريكى المعبر عن الرأسمالية الاحتكارية المتوحشة، كما كان يسميها دائمًا. ويتمتع تشافيز بصفات سحرية منذ بدء مساره الثورى فى عام 1982 عندما أسس الحركة الثورية البوليفارية، وترأس عملية زامورا الخاصى بحركة الضباط الشباب للقوات المسلحة فى عام 1992 ليعلن تمرده على نظام كارلوس أندريس بيريز الرئيسى الفنزويلى فى ذلك الوقت، وكانت محاولة فاشلة وضع على إثرها فى السجن لمدة عامين، وفى عام 1994 أسس حركة الجمهورية الخامسة، وهى حركة يسارية أعلنت أنها الناطق السياسى باسم فقراء فنزويلا، وفى 6 ديسمبر 1998 انتخب رئيسا لجمهورية فنزويلا بنسبة تفوق 56 % من الأصوات التى تحصل عليها تحالفه اليسارى "القطب الديمقراطى"، والذى تغلب على حزب الاجتماعيين الديمقراطيين بعد 40 سنة من الحكم، بسبب الوعود التى أطلقها لدعم فقراء البلاد الذين يشكلون الأكثرية من السكان، وأطلق تشافيز حملات عدة فى فنزويلا بهدف محاربة الأمراض والأمية وسوء التغذية والفقر وبعض من الأمراض الاجتماعية المنتشرة، التى كانت السبب فى إعادة انتخابه لفترة ثانية عام 2006. واتسم تشافيز بروح سيمون بوليفار، حيث تم تسليم سيف سيمون بوليفار- أحد أشهر الوجوه الوطنية فى أمريكا الجنوبية كهدية رمزية ذات مدلول وطنى كبير- إلى عائلة تشافيز، وهى هدية ذات دلالة كبيرة، خاصة أن بوليفار هو مؤسس ورئيس كولومبيا الكبرى.. ويطلق عليه اسم جورج واشنطن أمريكا اللاتينية، وذلك بسبب الدور الذى قام به فى تحرير الكثير من دول أمريكا اللاتينية: كولومبيا وفنزويلا والإكوادور وبيرو وبوليفيا، والتى كانت تحت الحكم الإسبانى منذ القرن ال16. * نقلًا عن الباييس..