توصل أشمل تحليل وراثي للغوريلا الجبلية حتى الآن إلى أن هذه الحيوانات المعرضة للخطر مثقلة بأعباء التزاوج الداخلي وتجابه مخاطر الانقراض إلا أن الباحثين لا يزالون يرون أسبابا تبعث على التفاؤل بشأن استمرار بقائها. وكشف 23 عالما من ست دول النقاب أمس الخميس عن أول خريطة جينية متكاملة للغوريلا الجبلية وهي من أبناء عمومة الإنسان القريبة له من الوجهة الوراثية والتي تعيش في منطقتين منعزلتين في وسط أفريقيا. وقال عالم الوراثة كريس تايلر-سميث من معهد (ولكام تراست سانجر) البريطاني "وجدنا مستويات عالية للغاية من التزاوج الداخلي". وتوصلت نتائج الدراسة التي وردت في دورية (ساينس) العلمية إلى فقدان قدر كبير من التنوع الوراثي نتيجة للتزاوج فيما بينها من الأقارب بسبب محدودية عدد هذه الحيوانات فيما تتوارث الغوريلا الجبلية قطاعات متماثلة من الأبوين في نحو ثلث الطاقم الوراثي (الجينوم). ويؤدي تزاوج الأقارب إلى زيادة مخاطر توارث الأمراض علاوة على ضعف الاستجابة للتغيرات البيئية من خلال تراجع القدرة الوراثية على التأقلم ما يتسبب في استحداث متاعب خاصة بالطفرات الضارة. وقال ايلوين سكالي من جامعة كامبردج "تتعرض الغوريلا الجبلية لمخاطر بالغة وتواجه خطر الانقراض وتكشف دراستنا النقاب عن أنه علاوة على المعاناة الناتجة من الانهيار المفاجئ في أعدادها خلال القرن الماضي إلا أنها مرت بالفعل بفترة تدهور طويلة ترجع إلى بضعة آلاف من السنين". وأصيب الباحثون بدهشة بالغة عندما وجدوا أن الكثير من الطفرات الضارة -التي تمنع عمل الجينات وتتسبب في ظروف مرضية خطيرة- كانت أقل شيوعا إذا ما قورنت بالأنواع الأخرى من الغوريلا. وقال سكالي "أوضحنا أنه على الرغم من تراجع تنوعها الوراثي إلا أنها لم تتجاوز بعد العتبة الوراثية الخاصة باللاعودة. بوسعها استمرار البقاء وستعود إلى سابق عهدها من حيث الاعداد إذا مددنا لها يد العون". وتصل أعداد الغوريلا الجبلية إلى 880 حيوانا فقط وتعيش في غابات يغطيها الضباب في سلاسل فيرونجا الجبلية البركانية على حدود رواندا وأوغندا وجمهورية الكونجو الديمقراطية وفي متنزه بويندي الوطني في أوغندا. واستندت الدراسة إلى تحليل عينات دم من سبعة من هذه الحيوانات بمنطقة فيرونجا. وهناك نوعان من هذه الغوريلا الشرقي والغربي. والغوريلا الجبلية -ذات الفراء الكثيف والأطول بالنسبة إلى الأنواع الأخرى- واحدة من تحت نوعين للغوريلا الشرقية. وقالت كريستينا هفيلسوم خبيرة الوراثة من حدائق حيوان كوبنهاجن "في حين أن مستويات مشابهة من زواج الأقارب أسهمت في انقراض أقاربنا النياندرتال إلا أن الغوريلا الجبلية ربما كانت أكثر مرونة". وقال الباحثون إن الخطر الرئيسي الذي يواجه الغوريلا الجبلية يجيء من البشر الذين يسهمون في فقدانها لأماكن معيشتها ويقومون بصيدها فضلا عن الأمراض التي ينقلها الإنسان إليها. وقال تايلر-سميث "علينا أن نواصل الحفاظ عليها لأن مستقبلها بين أيدينا".