تتساوى ساعات الليل والنهار ويعتدل الربيع .. يحتفل المصريون ب«شم النسيم» وهو عيد مصرى خالص احتفل به الفراعنة منذ آلاف السنين وعلى الدرب سار اليهود والمسيحيون والمسلمون فى مصر بتوالى نزول الرسالات السماوية. قهر المرض هو هدف «شم النسيم»، وكان أجدادنا منذ الأسرة الثالثة يقومون بتخزين البصل والثوم وتجفيفهما فى شرفات منازلهم، وتوارث الاحفاد تراث الأجداد باحتفالات ومهرجانات أضفت على مصر فى هذا اليوم مذاق البهجة. «اليهود بعد أن جاءوا مصر وجمعوا من أهلها الذهب والأموال، دبروا هروبا فى غسق الليل ومعهم ما نهبوه»، هكذا قال القمص «اسطفانوس دانيال» مواصلا سرد القصة :«هرب اليهود من مصر بعد أن استولوا على أموال المصريين وذهبهم، والقصة مكتوبة فى «سفر الخروج» كالآتى: «طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابا، وأعطى الرب نعمة للشعب فى عيون المصريين حتى أعاروهم، فسلبوا المصريين»، دانيال أوضح أن الأقباط والمسلمين يحتلفون بشم النسيم كبداية للربيع، ولأن الأقباط محرم عليهم أكل السمك فى الصوم الكبير، لذا فالفسيخ ينتشر على موائدهم كاحتفالية بعد عيد القيامة مباشرة، ويسبقه «خميس العهد» أو المعروف تاريخيا ب«خميس العدس». جيهان موريس - باحثة - تقول: دعنا نقرأ من كتاب «المقريزى» «المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار» ما وصف به احتفال المصريين «مسلمين وأقباط» بخميس العهد :«يعمل قبل عيد الفصح بثلاثة أيام، وسنتهم فيه أن يملأوا إناء من ماء، ويزمزمون عليه، ثم يغسل به أرجل الأقباط للتبرك، ويزعمون أن المسيح فعل هذا بتلامذته فى مثل هذا اليوم، كى يعلمهم التواضع، ثم أخذ عليهم العهد أن يتفرقوا، وأن يتواضع بعضهم لبعض، وعوام أهل مصر يقولون «خميس العدس» إذ يقوم المسيحيون بطبخ العدس المصفى، ويقول أهل الشام «خميس الأرز» و«خميس البيض»، ويقول أهل الأندلس «خميس إبريل»، وكان فى الدولة الفاطمية تضرب خمسمائة دينار فى «خميس العدس»، وتفرق فى أهل الدولة برسوم مفردة، وأدركنا «خميس العهد» هذا فى القاهرة، ومصر، وأعمالها، من جملة المواسم العظيمة، فيباع فى أسواق القاهرة من البيض المصبوغ عدة ألوان، ما يتجاوز حد الكثرة، فيقامر به العبيد والصبيان والغوغاء، وينتدب لذلك من جهة المحتسب من يردعهم فى بعض الأحيان، ويهادى الأقباط بعضهم بعضا، ويهدون إلى المسلمين أنواع السمك الممنوع مع العدس المصفى والبيض». لا حرمات ولا مانع أن يشارك المسلمون فى احتفالات الربيع، فهى مناسبة للجميع، بهذا يؤكد الشيخ صلاح عمر - مدير المعهد الأزهرى بالمنيا - مضيفا: عبر التاريخ لم نسمع عن تحريم مشاركة بعضهم الأعياد إلا فيما ندر، وعن نفسى اصطحب أولادى وأسرتى لزيارة الحدائق ونعيش يوما من البهجة.