فى زمن ضاعت فيه القيم وانعدمت الأخلاق وسيطرت فيه المادة على بعض البشر.. يمكنك أن تتوقع أغرب وأبشع الجرائم.. والقضية التى يطرحها محقق «فيتو» واحدة من هذه الجرائم.. فيها اعتادت سيدة فى العقد السابع من العمر استقطاب القاصرات وتزويجهن من عدد من أثرياء الخليج خاصة من السعودية والإمارات والبحرين ومن بينهم مسئولين فى وظائف مرموقة لفترات قصيرة جدا بالاتفاق مع آبائهن أو أمهاتهن، ثم كونت شبكة لممارسة الحرام تضم العشرات من البنات وبائعات الهوى.. أما الضحايا الحقيقيون فى هذه القضية فهن فتيات فى عمر الزهور لم تكتمل معالم الأنوثة على أجسادهن بعد.. بعضهن مازلن يلهون ويلعبن مع الأطفال فى الشوارع.. وبعضهن بدأت تراودها أحلام البنات فى الحب والزواج.. هكذا كانت حياتهن.. لم يخطر ببال أى منهن أنها ستتحول فى يوم وليلة إلى جارية فى سوق النخاسة.. يعرضها والدها للبيع لمن يدفع من الأثرياء العرب.. وبعد أن يقبض الأب الثمن يدفع ابنته أو بضاعته الى أحضان عجوز فى عمر جدها ليغتال براءتها بكل قسوة وعنف.. يوما أو أسبوعا وربما شهرا وتعود الطفلة الى والدها.. لا يضيع وقتا ويطير بها مرة أخرى إلى «سمسارة» أو قوادة لتزوجها مجددا من عجوز ثرى. محقق «فيتو» خلال بحثه توصل إلى معلومات وتفاصيل أغرب من الخيال تؤكد أننا عدنا إلى عصر الجوارى والرقيق الأبيض ولكن تحت ستار الزواج العرفى وزواج «المسيار».. المحقق تحدث مع زعيمة الشبكة فاعترفت بأنها زوجت مئات القاصرات بعقود عرفية محددة المدة، وحصلت على مبالغ ضخمة حولتها إلى واحدة من سيدات الأعمال.. والتقى المحقق بثلاث من الفتيات وقصت كل منهن حكاية حزينة.. محقق «فيتو» كشف أيضا عن تفاصيل خطة مباحث الآداب للكشف عن هذه الشبكة المثيرة ومحاولات السفارات العربية المستميتة للإفراج عن مواطنيها المتهمين واصرار النيابة على حبسهم ويرصد أدق التفاصيل فى هذا الملف. خطة القبض على «أم ياسر» وجواريها فى فيلا حدائق الأهرام بدأت قبل الثورة قصة سقوط شبكة زواج القاصرات.. مثيرة ومليئة بالمفاجآت.. محقق «فيتو» التقى الضابط المسئول عن القضية واستمع منه لأدق التفاصيل.. قال الضابط: «كانت البداية منذ عامين تقريبا قبل اندلاع ثورة 25 يناير.. وقتها تلقت النيابة العامة بلاغا من بعض موظفى الشهر العقارى بتقدم مأذون شرعى لتوثيق عقود زواج عرفى لقاصرات من أثرياء عرب تمهيدا لسفرهن للخارج.. النيابة بدورها أحالت البلاغ لمباحث الآداب، وبدأنا فى جمع المعلومات عن زعيمتها «أم ياسر» وشقيقتها والرجل الفلسطينى وتبين أنهم احترفوا تقديم القاصرات للأثرياء العرب وتزويجهن بعقود محددة المدة دون الالتزام بالقواعد الشرعية التى تتطلب مرور شهور العدة للمطلقة، وكل ذلك مقابل مبالغ مالية ضخمة يدفعها الزبون، وكدنا أن نلقى القبض عليهم لولا اندلاع ثورة يناير».. استطرد الضابط: « منذ 6 أشهر تقريبا عدنا لتتبع نشاط «أم ياسر» فاكتشفنا انها وسعت نشاطها بعد الثورة.. نجحنا فى زرع فتاة وسط الشبكة، وتمكنت من تصوير مجموعة من عقود الزواج العرفى، وصورت بعض الحفلات التى كانت تتم فيها الاتفاقيات وإبرام العقود، وأمدتنا بما حصلت عليه من مستندات.. طلبنا منها أن تجاريهم وان توافق على الزواج من ثرى عربى والسفر معه الى بلاده، حتى نتمكن من الإيقاع بهم متلبسين، فاستجابت واتفقت على كل شيء». الضابط أضاف للمحقق أن الفتاة أبلغتهم بحضور 4 أثرياء سعوديين للاتفاق على الزواج من 4 قاصرات مصريات بعقود عرفية والعودة بهن الى السعودية لتزويجهن من رجال آخرين هناك، وان ام ياسر ستحصل على 5آلاف جنيه عن كل فتاة، وقال: «تم وضع خطة لتتبع هؤلاء الأثرياء منذ خروجهم من مطار القاهرة.. جاءتنا معلومة تؤكد انهم سيذهبون الى فيلا «الزعيمة» فى منطقة حدائق الأهرام للاتفاق على كل شيء.. حصلنا على إذن من النيابة وداهمنا الفيلا، وألقينا القبض على الزعيمة ومعاونيها والسعوديين وعدد من القاصرات وامهاتهن، وعثرنا على كميات كبيرة من المنشطات الجنسية، والمواد المخدرة، وجوازات سفر خاصة بالفتيات.. وكشفت التحقيقات عن أن المتهمين نجحوا فى استقطاب 84 فتاة تم ضبط 16 منهن واعترفن بكل التفاصيل. أما مصطفى عبد اللطيف وعبد الرحيم الشيمى وكيلا النائب العام اللذين يحققان فى القضية، فاوضحا للمحقق انهما وجها تهمتى الاتجار فى البشر وتسهيل دعارة القاصرات لزعماء الشبكة، وتهمة ممارسة الأعمال المنافية للآداب للفتيات والأثرياء العرب. الزعيمة: كنت أعشق «مبارك» وشعرت أن نهايتى اقتربت بعد خلعه قالت: إنها لم ترتكب أى ذنب وكانت تحاول حل مشكلة العنوسة «لم أرتكب أى جرم.. بل كنت أقدم عملا يسهم فى القضاء على مشكلة العنوسة فى مصر».. بهذه الكلمات الصادمة بدأت المتهمة الرئيسية فى شبكة بيع القاصرات للأثرياء العرب «هدى عباس حسن» الشهيرة بأم ياسر-62 سنة-، حديثها مع محقق «فيتو» داخل نيابة الهرم.. وأضافت بثبات واضح: « أنا فى الأساس أعمل خاطبة منذ سنوات طويلة جدا، وكان يحضر إليً آباء وأمهات ومعهم صور بناتهم ويطلبون منى تزويجهن لأثرياء عرب، وبدورى أعرض الصور على الخليجيين من الامارات والسعودية والبحرين الذين كانوا يشترطون الزواج من عذراوات صغيرات فى السن ولفترات محددة، ثم انقل رغبة «العريس» لأهل الفتاة التى وقع عليها الاختيار، وبعد الاتفاق على كل شيء نحصل على مبالغ مالية تتراوح بين 20 و50 ألف جنيه، اقتسمها مع أسرة «العروسة».. سألها المحقق: «وهل كان الزواج شرعيا أم عرفيا؟».. قالت: «كل الزيجات كانت عرفية بعقود محددة المدة.. بعضها كان لمدة أسبوع، وبعضها كان ليوم أو 3 أيام».. بعدها يتم الطلاق بفسخ العقد الذى احتفظ به معى».. ضحكت أم ياسر وهى تقول: «كنت أشعر بالأمان طوال سنوات حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك وكنت أحبه، فهو الذى اعطى المجال للعرب كى يفعلوا أى شيء فى مصر وبالتالى لم أكن اخشى السقوط، وعندما سقط حكمه انتابنى الخوف وشعرت أن نهايتى اقتربت». سأل المحقق: «ولكنك كنت تزوجين الفتاة الواحدة لأكثر من شخص فى فترة وجيزة؟».. قالت: «ليس ذنبى.. والد الفتاة هو الذى يحضرها لى ويطلب منى تزويجها مرة أخرى لحاجته الشديدة للمال، كما ان البنت كانت تأتى بمحض إرادتها ودون ضغط من أحد، ولكننا كنا نواجه مشكلة كبيرة، هى ان الثرى العربى يشترط ان تكون الفتاة عذراء، وفى هذه الحالة كنا نستخدم نوعا من اللاصق فى إهامه بانها بكر».. سأل المحقق: «وكيف كنت تعثرين على الأزواج العرب؟».. فاجابت: «هذا كان دور مساعدى الفلسطينى «وليد عبدالله النعمان».. حيث كان يستقطب الزبائن من الفنادق الكبرى والملاهى المنتشرة فى شارع الهرم، كما انه كان يوقع كشاهد على جميع عقود الزواج العرفى، اما شقيقتى فاتن فكانت مهمتها البحث عن الفتيات فى المناطق الريفية بالجيزة، واقناع أهلهن بالفكرة».. أم ياسر عادت لتؤكد للمحقق أنها لم تخالف القانون موضحة ان الزواج العرفى مشروع، كما انه كان يتم بموافقة جميع الأطراف وانها مجرد وسيط فقط تحصل على عمولتها.. قال المحقق: «ولكنك ساهمت فى تسفير بعض الفتيات للخارج بعد تزويجهن لأثرياء حتى يتزوجن مرة أخرى هناك؟».. قالت: «انا لم أجبر أية فتاة على الزواج أو السفر.. كل واحدة كانت تأتى بإرادتها الكاملة وبموافقة والديها، ثم أنها كانت تسافر مع زوجها، ولا علاقة لى بما يحدث فى بلده».