هى مأساة انسانية بكل المقاييس.. بطلتها زوجة شابة أم لطفلين.. شاءت الأقدار ان تفقدهما فى لحظة واحدة بعد ان هرب بهما زوجها إلى مكان غير معلوم، والذى دأب على ضربها وإهانتها وضربها وكأنه جلاد بلا قلب.. وبعد سنوات من البحث ذاقت خلالها أقسى درجات الحسرة والألم، عثرت على الأب.. سألته عن طفليها «تقى ومازن».. بكل برود أجابها بأنه قتلهما منذ فترة ودفنهما فى مكان غير معلوم.. وقعت الكلمات كالصاعقة على مسامعها ولم تجد امامها سوى قسم الشرطة فأبلغته بقصتها.. ترى ما هى حكاية هذه الأم.. وكيف فقدت الطفلين.. وما هو مصيرهما.. هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها محقق «فيتو» من خلال لقائه بصاحبة المأساة، ومناقشاته لضباط الشرطة. أمام المحقق.. جلست «سماح» تروى مأساتها والدموع تنساب من عينيها قائلة: « بدأت حكايتى منذ 6 سنوات تقريبا.. وقتها كنت طالبة بالفرقة الثالثة فى كلية التجارة.. تعرفت على «محمد» وسرعان ما وقعت فى جبه، رغم انه لم ينل سوى قسط يسير من التعليم ويعمل صبى كبابجى.. تقدم لخطبتى ورفضته الأسرة.. تحديت الجميع وصممت على الزواج منه، وكنت أسعد انسانة فى الدنيا عندما انتقلت معه الى عش الزوجية.. مرت الأيام الأولى ونحن فى غاية السعادة والهناء إلى ان رزقنا الله بطفلتنا الاولى «تقى»، من بعدها بدأ زوجى يظهر على حقيقته.. انانى لأبعد حد.. يتلذذ بالإساءة إلى.. يثور لأتفه الأسباب و تحولت حياتى الى جحيم.. صبرت عليه حتى أحافظ على بيتى وابنتى.. انجبت ابنى الثانى «مازن» وظننت ان أموره ستتحسن ولكن هذا لم يحدث وازدادت إهانات زوجى ووصل الامر الى حد الاعتداء على بالضرب.. لم احتمل وطلبت منه الطلاق، غير انه رفض وطردنى من الشقة واخذ منى الطفلين.. أقمت ضده دعوى ضم صغار وحصلت على حكم لصالحى فى عام 2009». صمتت سماح قليلا واستطردت: « لم استطع تنفيذ الحكم لأن محمد هرب بالطفلين وكانت تقى فى الثالثة من عمرها، ومازن فى الثانية، وراح يتنقل بهما من مكان إلى آخر لأكثر من ثلاث سنوات حتى لا تصل الشرطة إليه.. وطوال هذه المدة وانا أموت فى اليوم ألف مرة ولكننى لم أيأس وواصلت البحث عنه بنفسى فى كل مكان.. ومنذ أيام علمت بانه تزوج من سيدة اخرى ويقيم معها فى منطقة الطالبية بالجيزة، واستطعت ان احصل على رقم تليفونه.. اتصلت به وأوهمته بأننى اشتقت إليه وأرغب فى قضاء وقت ممتع بين أحضانه.. جاءنى سعيا وما ان شاهدته حتى احتجزته فى منزلى، وضغط عليه مع أشقائى ليعترف بمكان الصغار.. وكانت الصدمة التى زلزلت كيانى عندما أكد لى انه قتلهما منذ ان هرب بهما ودفن جثتيهما لأنه يشك فى نسبهما إليه.. أفقدتنى الصدمة صوابى وانهلت عليه ضربا وأنا أصرخ بشكل هيستيرى، ثم اقتدناه الى قسم ثان شبرا الخيمة للتحقيق معه فى هذه الجريمة البشعة».. انسابت دموع سماح على خديها ولم تستطع النطق بكلمة أخرى. انتقل المحقق الى قسم شرطة ثان شبرا الخيمة، وهناك التقى بضباط المباحث وسألهم عن الإجراءات التى سيتم اتخاذها مع الأب القاتل وتفاصيل اعترافاته فى التحقيقات الرسمية.. أجاب الضباط: « بالنسبة لاعترافات المتهم بقتل طفليه فإنها غير واضحة حتى الآن، فتارة يقول إنه قتلهما بالفعل، وتارة يؤكد أنه اصطحبها إلى منطقة مقابر «زين العابدين»، وتركهما فى مكان مزدحم بالناس منذ ثلاث سنوات.. أما بالنسبة للإجراءات القانونية التى اتخذت فى القضية، فإن وكيل النائب العام محمد الصاوى، اصطحب المتهم فى حراسة قوة امنية، الى شقته التى كان يقيم فيها مع زوجته الأولى، وأجرى معاينة لها للتأكد من عدم دفنه للصغيرين فيها بعد قتلهما، وهناك عثر على أدوات كان يستخدمها فى تعذيب زوجته.. وأجهزة البحث تكثف جهودها حاليا لكشف غموض الحادث، والعثور على الطفلين حيين أو التوصل الى جثتيهما.. وأمرت النيابة العامة بحبس الاب المتهم 4 أيام على ذمة التحقيق وتم تجديد حبسه 15 يوما».