جاهدنا كثيرا من أجل الصبر على الأغانى التى راجت فى أسواق الكاسيت، والتى يقبل عليها سائقو التاكسى والميكروباص، وبعض أصحاب الملاكى، وهي أغنيات تتحدى الذوق السليم، ومنها ما تجاوز ذلك الى ما تجرمه شرطة الآداب. والصبر على ذلك كان يرجع إلى قدرتنا على تجنبها، وعدم قدرة أصحابها على اقتحام بيوتنا وسياراتنا الخاصة بالألفاظ الهابطة والايحاءات الجارحة، لكن الأمر اختلف الآن، وأصبحت هذه الأغانى فى العهد الاخوانى تذاع من إذاعات جمهورية مصر العربية، التابعة للأخ صلاح عبد المقصود وزير الاعلام فى عهد الاخوان المسلمين، وهذا أمر يؤلمنا. لقد قامت اذاعة الشباب والرياضة التابعة لحكومة الاخوان ببث برنامج قدمته تحت اسم «خليك فى النور يا أمور» جاء فيه انها ستقدم باقة من أغنيات الكاسيت، وبشرت المستمعين بأن ذلك يأتى من باب تثقيف المستمع وتنويره باعتباره «أمور» يجب ان يظل فى النور. وكانت كلمات أولى أغنيات تنوير الأمور تقول «هاتي بوسة يا بت» واستفاض صاحبها فى شرح حلاوة البوسة وتوابعها، وكانت كلمات الأغنية الأخرى تبشر بنتائج تناول الفول باعتباره الطعام الشعبى الذى يقبل عليه الجميع، ويقول صاحبها عبر لحن عجيب ان «اللي ياكل فول يصبح مسطول» وهو ما لم نكن نعرفه والحق يقال عن فوائد هذا الطعام الشعبى، الذى سيوفر لأصحاب المزاج تكاليف «عمل الدماغ» ويحقق لهم السطل مع الشبع، وهو ما قد يؤدى الى إدراج الفول ضمن جدول الممنوعات، ويحوله الى سلعة مهربة يعاقب صاحبها بالسجن المؤبد، ومتعاطيها بالحبس والغرامة. وأخشى ألا يصدقنى البعض، ولا يتصور ان الأغانى فى العهد الاخوانى أصبح منها ما يبشر بالآثار المخدرة للفول، وما يحرض البت على إعطائه بوسة، لكنى أملك الدليل المادى الذى يثبت صدق ما أقول وأعرف أماكن بيع شرائط هذه الأغنيات، وغيرها مما يمنعنى الحياء من ذكرها. ونحن نعلم ان مصر كان بها جهاز للرقابة على مثل هذه الأعمال الفنية، وأنه كان يمارس عمله فى العهود السابقة ويصادرها ويقوم بإغلاق أماكن انتاجها، وعلى قدر علمنا فإن هذا الجهاز لا يزال قائما ولم يتم تفكيكه فى العهد الاخوانى، أو اعتبار العاملين به من الفلول الذين يجب حرمانهم من ممارسة العمل السياسى . لكن الذى استحدث فى العهد الاخوانى هو إسناد المسئوليات الاعلامية الى إخوة ممن يأمرون الناس بالبر، ومنهم من قامت فى عهده إذاعة حكومية رسمية تبشر بالسطل وتطالب البت ببوسة، وذلك ضمن برنامج إذاعى يهدف الى جعل الأمور فى النور. ونسأل الله الستر والعافية..