أن تعيش عشرات السنين داخل تنظيم حديدي مغلف بالسرية مثل جماعة الإخوان المسلمين، وتخرج منه، وتحاول العزف على خطاياه هو المستحيل بذاته.. قليلون لدرجة الندرة، هم من قاموا بذلك، وعلى رأسهم القيادي الاخواني البارز-سابقا- ثروت الخرباوي،الذي أجرى عمليتين جراحيتين للجماعة، بكتابين رائعين اولهما هو»قلب الاخوان»الذي نفدت طبعاته في وقت وجيز،أما الثاني فهو «سر المعبد»الذي طرح في الأسواق الأسبوع الماضي. «سر المعبد»محاولة جديدة من الخرباوي للغوص في أعماق الجماعة، ومواجهتها بخطاياها، فالكتاب يعرض أفكار الاخوان، وعلاقتها بالحركة الوهابية، ومصدر اسم التنظيم ، وعلاقة الجماعة الحالية بفكر التكفير. الخرباوي علق على مبادئ الإخوان، بأن الجماعة تقوم على مفهوم الحق والباطل، لا الصواب والخطأ، فهم يعتقدون أن ما يسيرون عليه هو الحق، وما عداه هو الباطل، وأن الطاعة أمر واجب، فذكر أنهم عندما كانوا أصغر سناً اعتادوا أن يقولوا: " إخواننا اللى فوق يرون ما لا نرى" فمبدأ السمع والطاعة مترسخ فى عقيدتهم. والكتاب يضم وثيقة عبارة عن خطاب مرسل من شخصيات سياسية أمريكية للمهندس خيرت الشاطر عام 2005، تتحدث عن ترتيبات بين أمريكا والإخوان فى حالة سعيهم للوصول إلى الحكم فى مصر، وصلت للخرباوي من أحد الشخصيات القيادية فى الجماعة وقد أطيح به بعد ذلك. وروى الخرباوى في كتابه كيف أن عضو الجماعة «عاطف عواد» قرر أن يحدث حركة فكرية داخل الإخوان، من خلال تولى أحد الأعضاء رأى الجماعة فى قضية ما، وعضو آخر يتبنى الرأى المخالف للتدريب على الحوار، فإذا بشكوى تقدم ضده وتتهمه أنه يثير فتنة داخل الجماعة, وأن أسباب عدم تخرج أدباء أو علماء من الجماعة، هو عدم وجود مناخ الحرية الذي يحتاجه الإبداع. ويكشف الخرباوى فى كتابه الجديد «سر المعبد» الكثير من الأسرار عن جماعة الإخوان المسلمين التى لم يعرفها أحد، مؤكدا أنه يكشفها برؤية الخبير بها، لأنه درسها وعايشها لسنوات، لا بهدف التجريح أو الإساءة ولكن لفهم ما يحدث الآن وظروفه وملابساته، وتصحيح الخطأ إن وجد. الخرباوي محام وأحد أعضاء نقابة المحامين في مصر، وقيادي بارز سابق في جماعة الإخوان المسلمين في مصر.ولد ثروت الخرباوي في محافظة الشرقية عام 1957. بدأ الخرباوي حياته السياسية عضواً في حزب الوفد، ثم انضم لجماعة الإخوان، ليصبح أحد قياداتها، وقد ساهم في النجاحات التي حققتها الجماعة في نقابة المحامين، ثم اختلف مع الإخوان عقب حبس مختار نوح الإخواني البارز في قضية النقابات المهنية، التي حوكم عدد من الإخوان بمقتضاها أمام المحكمة العسكرية عام 2000 ،وترتب عليها خلاف الخرباوي مع الإخوان، وانفصاله عنها عام 2002. شهد انفصاله هذا ردود أفعال واسعة النطاق، حيث قام الخرباوي بكتابة العديد من المقالات ينتقد فيها المنهج الحركي للإخوان المسلمين.