معظم الدول التي تحولت ديمقراطيا استغرقت وقتاً طويلاً من أجل وضع دساتير لها، وفى الثلاثة عقود الأخيرة تحولت أكثر من 13 دولة من نظام شيوعي أو ديكتاتوري متسلط إلى دول ديمقراطية صارت جزءا من الاتحاد الأوروبي اليوم، وقد كان متوسط الوقت الذي استغرقته حوالي 18 شهرا، فهناك دول وضعت دستورا لها في 6 شهور، وأطول مدة تم رصدها كانت 8 سنوات في بولندا، ولعلنا في مصر نستطيع أن نحقق رقما قياسيا! الذي يثير القلق الآن هو كثرة الدعوات من البعض الراغب في تعطيل مسيرة مصر نحو الاستقرار باتهامات وتشكيكات في البرلمان أحيانا، وفى النواب أحيانا أخرى وبالتخويف من الدستور القادم تارة أخرى، ولعل هذه الأصوات تحتاج لحوار هادئ قبل أن نسقطها من الحساب إذا استمرت على عنادها ورغبتها في إثارة الفتن بشكل دائم لا يسمح بالاستقرار والقول الهادئ يقرر أنه ليس هناك خلاف استراتيجى قوى بين الاتجاهات المختلفة داخل الوطن فالمادة التى تحدد هوية مصر لا خلاف عليها من الجميع فعلام نختلف ؟ هل إقرار الحريات وحفظ الحقوق الأساسية وحماية الأرواح والممتلكات يمكن أن يختلف عليه أحد ؟ هل حقوق المصريين فى ثروات أرضهم, وحقهم فى العمل, وإقرار العدالة الاجتماعية بينهم يمكن أن يعارضه أحد مهما كان اتجاهه أو ميوله ليبراليا كان أو يساريا أو اسلاميا ؟ هل اختيار نظام للدولة برلمانيا كان أو رئاسيا يمكن أن يفرق المصريين ؟ هل ترسيخ الديمقراطية وتداول السلطة من خلال انتخابات شفافة ومراقبة يمكن أن نتصارع بسببه؟ هل استقلال القضاء ورفض أى هيمنة عليه مما يثير خلافا نخشي منه؟ مهمة الدستور أن يقرر قواعد عامة ويضع منطلقات للنهضة ويحمى الحريات ويحفظ الحقوق فلم الصياح الدائم بالبطلان والانزعاج المعلن على غير الحقيقة خوفا من دستور تسيطر على جمعيته التأسيسية الاتجاهات الاسلامية ؟!!! التى ربما تكون هى المبرر رغم أن أصغر من فيهم يدرك أن الجمعية تمثل كل المصريين, وأن الدستور دستور مصر وليس دستورا خاصا يمثل أغلبية المجلس الذى يغضب البعض ويحاولون تعطيل أعماله وتشويه صورته بشكل دائم بسبب ذلك وهى محاولات لن تثمر شيئا ذا بال !!! الموقف الذى يجب أن يتمثله الجميع هو المشاركة فى لجان الاستماع التى سستشكلها الجمعية التأسيسية خاصة من وجد فى نفسه القدرة على الإضافة وأن لديه رؤية عامة تخدم مستقبل مصر والأمر الثانى هو الاحتفال بوضع الدستور بعد طول غياب بشكل غير مسبوق وليفرح المصريون بدستورهم وحق لهم أن يفرحوا وعلى المتضررين أن يصمتوا أو يبتعدوا قليلا كى تكتمل الفرحة بغيابهم وليدركوا أن مصر التى حفظها الله ستبقى على الدوام فى حفظه وأمنه والله على كل شيء قدير