لم تكن جذرية فى نتائجها، هى الثورة المصرية، التى كتبت نهاية أسطورة الدولة "البوليسية" التى عانى من ويلاتها المواطنون سنوات طويلة، لكنها لم تتغلب على "فكر" النظام السابق، فتورط مختلف اللاعبين الرئيسيين بالمشهد السياسى، فى إعادة سلوك النهج الفكرى للنظام، فتحولت الثورة إلى "هبة شعبية" أزالت نظامًا ولم تزل فكرًا، أوقفت أفرادًا فى السجون، وتركت فلسفتهم تدير المشهد خارج أسوارها. المصريون جميعهم تورطوا فى إعادة إفراز النظام السابق، فالشعب فشل أن يقول "لا"، ناشدا الاستقرار، وذاك نظام يسير على خطى آخر قد سقط، ومعارضة لاتزال تُمارس أساليب استقطاب سلبى، وتدفع المواطنين دفعا ضد الشرعية، فبات الجميع وكأنهم فى حفل اغتصاب جماعى لدولة بحجم وقيمة مصر! الجميع شارك ويشارك فى الجريمة السياسية التى تشهدها مصر الآن، فالنظام الحالى لم يخلع عباءة مُبارك ورجاله، واعتمد على العمود الفقرى من فلسفة الحزب الوطنى، لتصبح «الجماعة» صورة كربونية من «الوطني»، لكن بمرجعية إسلامية وخطاب دينى تصل به لقلوب لا لعقول الناخبين.والمعارضة لاتزال تبحث عن فرصة ولو بوضع يدها فى أيادى الفلول، أو تستنجد بتدخل عسكرى يعيد شبح "الدولة العسكرية"، ما يعنى ضياع الثورة. والشعب مُمزق تائه وسط استقطاب سياسى حاد يأخذ مكانه بقوة فى الشارع، وحالة اقتصادية آخذة فى التدهور. والجميع يلقى الاتهامات، ويظن أنه قادر على احتكار الثورة، فشاركوا فى جريمة سياسية قد تجعل من الثورة "نكتة" يضحك عليها الأحفاد.. "استقيموا يرحمكم الله"! نقلا عن جريدة البيان الإماراتية