أزاح الدكتور عبدالمنعم سعيد الخبير الاستراتيجي والرئيس السابق لمجلس ادارة مؤسسة الاهرام والمعروف بقربه من نظام مبارك الستار عن مواطن الخلل في المشهد السياسي الراهن وذلك في حوار صريح مع «فيتو» توقع فيه حل البرلمان وحدد سبب احتمال توحش الإخوان فإلي نص الحوار.. ما رأيك في التعجيل بالانتخابات الرئاسية علي النحو الذي نشهده الآن؟ وهل سيكون علي حساب تأخير صياغة الدستور؟ - التغير الذي شهدته الخريطة الزمنية لنقل السلطة جاء نتيجة لضغط القوي الثورية علي المجلس العسكري، وخاصة بعد تهديدها بشل البلد باضرابات واعتصامات مستمرة لخوفها من تراجع المجلس العسكري عن الوفاء بوعده بنقلها لسلطة مدنية منتخبة، وأنا أفضل وبدافع المصلحة القومية أن نسير في وضع الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية في آن واحد، بمعني إعداد الدستور في الفترة البينية بين الترشح للرئاسة والإدلاء بالتصويت فيها وهناك اخوان في حزب الحرية والعدالة يرون إمكانية التوصل لدستور في فترة بسيطة إذا توافقت القوي السياسية علي مبادئ توافق وطني كالمواد التي لا خلاف عليها في دستور 1791. وما هي المواد الموجودة في دستور 1791 التي تحتاج للتغيير؟ - المواد الثلاثة الأولي ومواد الباب الأول الخاص بالحريات لا تحتاج لأي تغيير، والمواد التي تحتاج للتغيير هي المتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية فصلاحيات الرئيس تحتاج لتقييد ووضع مجلس الشوري المتأرجح بين الابقاء والإلغاء وكذلك المتعلقة بالصحافة وفي تقديري وضع الدستور لا يستغرق سوي شهرين. هل تتوقع صداماً بين شرعية البرلمان وشرعية الميدان بسبب تناقض ما تطرحه الأغلبية الإخوانية مع ما تريده القوي الثورية؟ - بعيدا عن التوقعات أري أن الموجود داخل الضمائر شئ والمصرح به شئ آخر. ولكنني لمست تغيرا ايجابيا، فالإخوان أعلنوا كثيرا عن رغبتهم في وجود دولة مدنية ذات مرجعية اسلامية وقدموا برنامجا بعد الثورة يستحق الاشادة ويختلف عن برنامجهم الانتخابي في 7002 والذي انتقدته في حينه لأن احدي فقراته كانت تتحدث صراحة عن دولة دينية والمشكلة في وجود معارضة قوية داخل الإخوان والسلفيين ولها رغبة في تغيير المادة الثانية من الدستور لتبقي علي التمسك بأحكام الشريعة بدلا من التمسك بمبادئها. وما الفرق بين المبادئ وبين الأحكام في الشريعة الإسلامية؟ - الفارق كبير فمبادئ الشريعة الإسلامية هي مبادئ كل الشرائع التي انزلها الله علي كافة الانبياء والرسل وهي أيضا مبادئ الانسانية العامة المتعلقة بالحرية الشخصية «ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» وهي ليست محل اختلاف، أما الاحكام فيها تفسيرات كثيرة وعليها اختلافات داخل مذاهب العقيدة الاسلامية كالاختلاف علي المذهب الشيعي والسني وقد لاحظنا مؤخراَ اختلاف موقف الحرية والعدالة مع السلفيين في موضوع الآذان تحت قبة البرلمان. هل تتفق مع الرأي القائل بأننا سنكون أمام حزب وطني جديد ممثلا في الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين؟ - نعم أتفق معه وأري أن الحرية والعدالة سيكون أكثر خطورة فجماعة الإخوان المسلمين الممثلة للأغلبية في البرلمان لها توجه ايديولوجي، والحزب الوطني المنحل لم يكن له مثل هذا التوجه بل كان مجرد تجمع مصالح فقط وانفض بمجرد حل الحزب، وكان مجرد قشرة لأن أمانة السياسات كانت هي المركز والفاعل الأساسي، وفي جماعة الإخوان القوي المالية والاقتصادية منظمة وقوية ولبعضها ارتباطات بالبنوك العالمية المختلفة ومرتبطة أيضا بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين وسيكون هناك فرق كبير حين تتم لهم السيطرة علي الحكم. أفهم من كلامك أنهم سيكونون متوحشين في تصرفاتهم مثلما كان يفعل الوطني المنحل؟ - ليس بالضبط لأن مصر تغيرت فيها أشياء كثيرة منها أن التيار الاسلامي منقسم إلي ثلاثة أقسام هم الإخوان والسلفيين والوسط وهذا الانقسام سيخلق حالة من الاختلاف بينهم كما أنه داخل الإخوان خلافات واختلافات بين القاده والشباب والحزب والجماعة وداخل التيار السلفي 4 أحزاب بينها اختلافات كثيرة فكرية وايديولوجية وحزب الوسط يميل لثقافة الليبرالين ويأخذ كثيرا من التجربة التركية وهذا معناه أن التيار الاسلامي ليس كياناً واحدا في الشارع والبرلمان، أضف إلي ذلك أن التيارين الليبرالي والعلماني قوتان لا يستهان بهما في البرلمان فنسبتهم 52٪ وهي قوة لها حق الفيتو تحت القبه والاسلاميون لا يريدون القطيعة معها وبالتالي لن يتوحشوا في التعامل مع الآخرين خاصة وأن الشارع المصري مستيقظ. وماذا عن مستقبل التيار الليبرالي في مصر؟ - هذا يتوقف علي ما سيقومون به، فلو ساروا بطريقة كره الماضي سيتقلصون وعليهم أن يحولوا أفكارهم لمشروع المستقبل بدلا من التركيز علي الشكوي من النظام السابق وعن اضطهاده لهم. ما رؤيتك للخلاف بين كبار جماعة الإخوان المسلمين وشبابها وتكرار حالات فصل الشباب؟ - أراه شئ ايجابي فتركيا بها خمسة أحزاب إخوانية، واندونيسيا والمغرب بهما عدد من الاحزاب الاسلامية فما يحدث أمر طبيعي لأن تيار الإخوان المسلمين تيار ديني لديه أجنحة عريضة ويمكن تشبيهها بالحزب الوطني المنحل فكل كيان عريض يضم تيارات يسارية واشتراكية. وما تحليلك لتحدث جماعة الإخوان بلسان حزب الحرية والعدالة برغم تأكيدهما علي الفصل بين الكيانين؟ - في هذه النقطة بالذات لدينا وضع مختلط ومزعج فحتي هذه اللحظة جماعة الإخوان المسلمين مازالت محظورة وليس لها وجود قانوني وهذا الخلط موجود منذ وجود نظام مبارك وكنت أكتب عنها الجماعة المحظورة قانونيا والشرعية فعليا بحكم وجود نواب لها في البرلمان ولتصحيح هذا الوضع لابد أن يتم تقنينها وتحديد تصنيفها جمعية أهلية أم دعوية أم ماذا؟ ولابد من اخضاع حساباتها للرقابة شأنها شأن الجمعيات المماثلة لها، وعدم كشف الجماعة عن مصادر أموالها لم يعد مبرراً بعد زوال شر النظام السابق، وبالتالي يجب أن تكشف عن تلك المصادر وتحديد العلاقة بين الجماعة والحزب مسألة ضرورية من الناحيتين القانونية والسياسية لأن وضعهما الحالي غير مقبول في مجتمع ديمقراطي. هل التيارات اليسارية قادرة علي تطوير نفسها وفقا لموقعها الحالي؟ - هذه التيارات لم تقم حتي هذه اللحظة باعادة تقييم لما حدث في ثورة 52 يناير وكل ما فعلته في استفتاء مارس الماضي هو إلقاء اللوم علي المجلس العسكري، ولم يدركوا وكذلك الليبراليين قوة الإخوان الحقيقية في الشارع وخسروا بذلك؛ معركة الاستفتاء وعندما يدرس اليساريون اخطاءهم ويحاولون اصلاحها سيكون لهم دور في الحياة السياسية وإذا استمروا شكائين وبكائين فلن يتقدموا خطوة واحدة وسيظلوا محلك سر. من وجهة نظرك ما هي احتمالات حل البرلمان الحالي؟ - وارد جدا أن يتم حل البرلمان الحالي خاصة إذا تم وضع الدستور ونصت إحدي مواده علي إلغاء نسبة العمال والفلاحين أو حل مجلس الشوري أو تغيير طبيعة نظام الحكم وأمامنا حلين لا ثالث لهما أولهما أن نقوم بوضع فقرة داخل الدستور خاصة بأحكام المرحلة الانتقالية وأن يستمر البرلمان الحالي لدورة واحدة وهذا حدث في دول كثيرة وفي هذه الحالة لا يحدث أي تغيير جوهري في الحياة السياسية إلا مع الدورة التالية للانتخابات وثانيها أن نضع الماضي جانبا ونقوم بعمل انتخابات جديدة ليس لمجلس الشعب فقط بل انتخابات رئاسية جديدة إذا ما كان رئيس الجمهورية انتخب من قبل طبقا للإعلان الدستوري الذي وضع من قبل المجلس العسكري.