سرقتني الأيام ذات مرة، عاندتني سنوات العمر لأركض خلف سحب من الوهم والتمرد، لأعيش معك تلك الكذبة، أهرب من أهلي وناسي أتحدى القدر أقف في وجه العادات والتقاليد التي يحملها مجتمعنا الواقف بثبات يتراوح في مكانه بين الحضارة والحداثة، ولكنه يظل في ظلمة الفكر بعيدا عن النور يُثقل الروح متحديا" كل شيء واللاشيء التي يحملها ولا يمكنه تركها.. ولكننا نتجرأ بعض الأحيان نتركها ونحن متقدمون مع الحضارة باحترام ورُقِي زائد لتضعنا في بوتقة من الزيف للتطور والحداثة، وفي زنزانة أبدية لا نعرف إلى أي متاهة من الجهل يأخذنا ذلك الوهم الذي يعيشنا حين يجعلنا نبعد قسرا ولا نستسيغ تلك الحريات التي يحملها التطور الحضاري يبعدنا عن كل ما نحب باسم العيب والحرام وشعار لا يجوز..!! فكيف أسكنك بداخلي بين ثواني أيامي يارجل يمر طيفه كل صباح يهدهد على ناصية صفحتي اليومية بعذوبة الكلام ليعيش حياتي معي، كيف أتركك تدخل صفحات أفكاري وتتربع عرش أحرفي ومفرداتي وكلماتي موهما نفسك بأني وأحرفي وصياغة كلماتي كلها لك وحدك والكل حولي يرفضك ويرفضني معك..؟؟ حين أتعمق في البحث عن تفاصيل للقاء تسعى إليه ليكون بيننا بإلحاحك ورجائك لأقبل وأختار المكان، أسرح بخيالي البعيد عن الواقعية لأفكر ولا أرى سوى جناح خاص بفندق راقِ لخمسة نجوم على الأقل، فالنجوم اليوم ازدادت عددا لتقليد الأوسمة الفخرية للتعبير عن الفخامة والعراقة والأصالة وعن كرم وسعة الضيافة العربية للبلد المضيف لزائريه، فعلينا إذن أن نقطع أميالا طويلة لتحقيق رغباتك.. يأتي كل واحد منّا من بلده سائحا لهذا اللقاء بفندق رفيع المستوى حتى يليق بك لأنك المضيف الهارب من صراع الوحدة لضجيج الصحبة والمغريات وكل الناس.. كيف تمدني خطوات فكري لتسير إليك؟!، كيف أرضخ لطلبك بقبول لهذا العرض السخي وكأنني المرأة الوحيدة التي تصادفها على صفحات الصداقات التي طلبتها ليزداد العدد لديك وبأي زاوية منهم وضعتني وأشرت عليَّ بعلامة حمراء أو صفراء أو ربما خضراء صنفتها ليكون اهتمامك أوسع من صفحة الفيس بوك ومن يومها بدأتْ اتصالاتك بي إلى أن كان يوم هاتفتني فيه، لتخبرني أنك قادم وأن شيئا مهما كان لن يمنعك من الحضور للقائي أبدا مهما كان.. فباستطاعتك محاربة مجتمع كامل بكل عاداته وتقاليده لنلتقي وتصل اليَّ حتى لو قطعت السبعة بحور ستنفذ رغباتك الملحة عليك وكأن لرغباتك عليَّ طاعة وأمرا.. وتابعتَ هامسا: هي الأيام بقليلها أو كثيرها ستمر لتجمعني بك وأعرف كيف أجدكَ يا من سكنتِ كل القلب والروح.!! قلت لك: أتظن نفسك هارون الرشيد لعصر العولمة..؟؟ هالتني جرأتك وتمسكك بسراب ووهم تعيشه للقاء تتمسك به وتفرضه لنفسك على نفسك الواثقة بعد سنة من تعارفنا على تلك الصفحات وكل يوم كان يمضي يُذهلني فيه اكتشافك لي برغم جفائي لك وإصرارك ولو بالكتابة على حائط صفحتي وأحذفك مرات وتعود لتدخل باسم مستعار آخر لتبدأ بعدها بشرح أسبابك وإصرارك لنكون أصدقاء، وأغلق الباب هنا لتفتح بابا آخر هناك حتى وإن كان نافذة صغيرة تطل منها عليِّ..!! لم تترك لي فرصة لأرتاح منك ولأفكر بالاستمرار معك أو عدمه أو حتى تقبلك لكي أتعود عليك كصديق مثل بقية الأصدقاء، لم تترك لي فرصة لأختارك حين فاجأني اتصالك الهاتفي ذات يوم.. كيف حصلت على رقم جوالي كيف وصل إليك أي شيطان يسكنك وأية رغبة تتملكك..؟؟ شرحت لي إنها طريقتك الخاصة حين تؤمن بشخص وتسكنه القلب تتحدى لأجله الصعاب وكل الكون إلا القدر..!! وتريد أن تفهمني أنك مؤمن بالقدر ولا تستطيع تحديه وأنك فقط تتحدى نفسك وقدراتك معي لنلتقي..؟؟ بين كل هذه الصراعات التي وضعتني بها تعمدتُ أن أتجاهلك للمرة المائة بعد الألف وربما أكثر وليس لي أي فضول لأن أعرفك، لذلك كنت تتصل بي كثيرا ولا أرد عليك، كانت مرة واحدة فقط برغم أني لم أكن أعرف أنك المتصل لأني عادة لا أرد على أي رقم أجهله ولا أعرف مصدره ولأنك شيطان فعلا كما ذكرتُ لك كان رقم اتصالك مكتوبا على شاشة المحمول لديِّ (غير معروف) ربما لذلك استقبلت المكالمة ورديت عليها وللأسف كنت أنت أذهلني وقتها إصرارك ووقاحتك، وأذكر أن ردي عليك كان بقولي: إنك شيطان لا محالة كيف تستطيع أن تعبثَ بيِّ وبحياتي لتفرض نفسك بهذه الغرابة والسذاجة المؤلمة لمشاعري..؟؟ ولكنك عند سماعك صوتي قلت لي: لقد أصبح لديِّ سببُ آخر لأتمسك بك، وتصّر لأن تراني وقدمتَ نفسك بأمانة هذه المرة كما ذكرتَ لي بأنك رجل مختلف ومقتدر وتستطيع أن تلف بي العالم كله لأجل سعادتي. قلت لك: من أخبرك بأني لست سعيدة وأني أبحث عن مغامرة أضيفها لأيامي التعيسة لأسعد بك من تظن نفسك لتفرض نفسك على واقعي أيها الرجل الذي يسكن عالمه الافتراضي..؟؟، وعند إصرارك بأن لصوتي وقعا ونبرة خاصة شَدتَّك إلى أكثر قلت لك: وهل للصوت ونبرته ميزة خاصة وتأثير خاص من شخص لآخر ليتأثر به....؟؟ فاجأني صمتك الوحيد هذه المرة جاءني مع رنين جرس لباب منزلي وعندما فتحت وجدتُ رجلا وسيما على مشارف الأربعين لكني لا أعرفه. فأنت أيها الرجل الذي لم أكن أعرف ملامحك بَعدْ، دخلتَ حياتي من بين الجدران المسلح من الأسمنت والحديد جئتَ من العالم الافتراضي دخلت عالمي الواقعي الخاص جدا لحياتي كلها لألفظ بين يديك أنفاسي المتعبة المثقلة بهموم الوطن وسخرية الزمن ولا أعرف كيف يجتاحنا بعض الأمل حين يَصُّر القدر..!!