الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" المصاب بأوهام شجب الانقلاب وهلاوس إسقاط الشرعية وهذيان إدانة الدولة المصرية، هو نفسه من قام جيش بلاده ذاتها بثلاثة انقلابات عسكرية صريحة ضد السلطة الحاكمة المنتخبة: الانقلاب الأول في 27 مايو 1960: وقام به مجموعة من ضباط القوات المسلحة التركية المنشقين بقيادة العقيد "ألبارسلان ترك" ضد الحكومة برئاسة "عدنان مندريس" الذي كان يخطط لزيارة موسكو بحثا عن معونات بديلة بعد نفاذ المساعدات الأمريكية، وقد تم الإعلان عن الانقلاب في الإذاعة الرسمية، وقامت قيادة الانقلاب (الخونتا) باعتقال أكثر من 500 قاض ونائب عام، و1400 من هيئة التدريس بالجامعات، وتم إلغاء الدستور وتعيين رئيس الأركان "جمال جورسيل" رئيسا للدولة ووزيرا للدفاع. وقد انتحر وزير الداخلية "نامق جيديك" أثناء احتجازه في الأكاديمية العسكرية التركية، وتمت محاكمة الرئيس "محمود جلال بايار" ورئيس الوزراء "عدنان مندريس"، وعدد كبير من أعضاء الحكومة بتهمة الخيانة العظمى وإهدار المال العام. وانتهت المحاكمات بإعدام "مندريس"، ووزير الشئون الخارجية "فاتن روستو" ووزير المالية "حسن بولاتكان" في جزيرة "إمرالاي" في 16 سبتمبر 1961. الانقلاب الثاني في 12 مارس 1971: وحدث أثناء فترة حكومة رئيس الوزراء "سليمان ديميريل" المنتخبة من حزب العدالة في 1969 وعُرف باسم "انقلاب المذكرة" نظرا لإرسال رئيس الأركان "ممدوح تاجماك" مذكرة عسكرية لتقوم الحكومة بتسليم السلطة سلميا بدلًا من التدخل العسكري لإنهاء حالة الفوضي والعنف المستمرة في البلاد بالإضافة إلى الركود الاقتصادي والاضطرابات الاجتماعية والتي تمثلت في التظاهرات وإضرابات العمال والإغتيالات السياسية والتي بلغت ذروتها بحلول يناير 1971 عندما عمت الفوضى أرجاء تركيا وتوقفت الجامعات وقام الطلاب بسرقة البنوك، وخطف الجنود ومهاجمة أهداف أمريكية، كما تم قصف منازل بعض أساتذة الجامعات. الانقلاب الثالث في 12 سبتمبر 1980: وتزعمه الجنرال "كنعان إيفرين" مع مجموعة من الضباط الذين نشأوا على المبادئ التي وضعها أتاتورك، وعلي رأسها مبدأ "الفكر الكمالي" وإعتقادهم بأن سبب تدهور الإمبراطورية العثمانية هو إرتباطها بالأقطار العربية والإسلامية، وقد ساندت الولاياتالمتحدة الانقلاب بشدة بعد فقدانها لحليفها الرئيسي في المنطقة بعد الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، فأغدقت عليها المساعدات الاقتصادية والعسكرية من حلف شمال الأطلنطي. ويعتبر هذا الانقلاب هو الأكثر دموية في تاريخ تركيا، فخلال ثلاث سنوات تم إعدام 50 شخصا واعتقال 650.000 شخصا ومحاكمة الآلاف ونفي 30 ألفا، كما تم حل البرلمان وتولى "كنعان إيفيرين" رئاسة مجلس الأمن القومي بالإضافة إلى توليه تسيير شئون البلاد إلى حين إجراء انتخابات رئاسية والتي أسفرت عن فوزه بالرئاسة في نوفمبر 1982، ثم قام بعرض استفتاء لدستور جديد قام فيه بتحصين نفسه والجنرالات ضد المحاكمة في المادة 15، كماعزز دور الجيش في الحياة المدنية بذريعة حماية الدولة العلمانية في المادتين 35 و85 من نفس الدستور.