قمة التسامح وصدق الروح وروعة التعايش، بلا قبلات مزيفة ولا تمثيل أمام الكاميرات فى المناسبات الباهتة، فمارى جرجس وشيماء الشواربى تمثلان حالة من الوجد، لم تفلح مخالب الطائفية القبيحة في خدش براءة صداقتهما التى تعد نموذجا مصريا، أقوى من خشونة هذه الأيام القاسية، ومن مظاهر التعصب السوداء. شيماء الشواربى "27 عاما" خريجة آداب عبرى، وصديقتها مارى جرجس «22عاما» خريجة آداب قسم فلسفة، تعارفتا فى دورة تدريبية في برلمان الشباب بجريدة «وطنى» وكان ذلك منذ 5 سنوات. تقول مارى: شخصية شيماء ساحرة، جذبتنى قوة شخصيتها وصراحتها، كما أنها ملتزمة جدا ودقيقة فى عملها، أما شيماء فتصف مارى بأنها صديقة رائعة وكتومة، وتنصح بلا مصلحة وتقف بجوارى بقوة، وفى داخلها طفلة عنيدة. شيماء تقول: لا أشعر أن مارى مسيحية إلا عندما نتكلم، ثم تقول فجأة (باسم الصليب)، وهى دائما تدعو لى باستمرار قائلة: (ربنا معاكى). وبعد حادثتي القديسين وماسبيرو كانت مارى فى حالة غضب وثورة شديدة، وكنت أرى أن غضبها طبيعى، وخاصة فى ماسبيرو، فالشهيد مايكل مسعد كان صديقا مشتركا لنا هو وخطيبته فيفان، وحاولت بقدر الإمكان أن امتص غضب ماري، وتقول مارى: بالفعل شيماء احتملتنى وكانت صادقة جدا فى التعبير عن حزنها، فذهبت معى للعزاء وشاركت فى كل المسيرات والندوات حول حادثة ماسبيرو، وعاشت ألمى ووجعى، وعندما نشرت على فيس بوك مذبحة المسلمين فى بورما، تأثرت جدا وشاركتها فى نشر الصور، فهى صادقة فى إنسانيتها، وترفض كل اضطهاد وعنف. شيماء تؤكد علي أن نترك حساب الآخرة لله، فهو الذى خلق الإنسان وتركه يفعل فى الدنيا ما يريد، ليحاسبه في الآخرة، وقد يكون سبب الفتنة هو التربية غير السوية، فهناك من يقول لأطفاله (لا تلعب مع فلان ده مسيحى)أو (ده كويس بس مسيحى)، لذا يجب تغيير أساليب التربية. فقد كانت لنا جارة مسيحية شاركت في تربيتي، وهي كأمي تماما، وقد زرت كنائس كثيرة، خاصة فى الأفراح. مارى تقول: عندما اتصل بشيماء اسمع محطة القرآن الكريم في بيتها بصفة مستمرة، وأول مرة أعرف أن هناك مسلمين ومسيحيين يحضرون حصص الدين، وكانت زميلتى التى تجلس إلى جوارى مسلمة، واذكر أنها كانت تغضب منى جدا بعد حصة الدين، وكانت تقول لى: (انتى سيبتينى ليه.. انت مش بتحبينى)، ولم أكن أعرف معلومات كثيرة عن الإسلام، كنت أعرف أن المسلمين يصلون فى أى مكان، وعندما كنت في الثانوي بدأت اسأل عن الأعياد، فسألت شيماء عن العيد (اللى بتتدبح) فيه الخرفان. وتعود شيماء للحديث فتقول: عندما كنت فى ابتدائى كاد الفضول يقتلني، لمعرفة كتاب المسيحيين، فزميلتى كانت فور عودتها إلي الفصل تقوم بإغلاق الكتاب بسرعة، وتغلق عالمها على نفسها، أيضا كان مبنى الكنيسة يثير فضولى، واتساءل ما هذا المبنى الذي يقدم كل الخدمات، بالإضافة إلي الصلاة، وهذا دفعني إلي دراسة العبرى ودراسة الكتاب المقدس، وعرفت أن المسيحية ديانة سمحة جدا، وبالطبع سألت مارى عن أشياء كثيرة مثل الإكليل، وصلاة الزواج، ونصف الإكليل، ومراسم الزواج. وعن المضايقات التي تعرضتا لها بسبب صداقتهما القوية، تقول مارى: أحيانا وأنا أضع الصليب علي صدري وشيماء بحجابها ونكون فى المترو، نجد شخصا يسخر منا ويقول: "وحدة وطنية" بصوت عال، وتقول شيماء: أحيانا أشعر بنظرات غريبة من الناس، كأنهم يتساءلون هل هذا حقيقى أم تمثيل، ثم تقول ماري: أول مرة كنت أدخل المسجد وأجلس أمام شيخ، كان أثناء عقد قران شيماء ، وكانت فرحتي في تلك الليلة غامرة.