سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أنيس منصور «الشيخ الفيلسوف».. حفظ القرآن وهو في التاسعة ب«كتّاب» القرية.. تأثر بالشعر العربي حتى أتقنه.. جالس العقاد وطه حسين ونجيب محفوظ ونقل عنهم الإتقان.. وصاحب كامل الشناوي في رحلة الصحافة
في مثل هذا اليوم من عام 2011 ذهبا عن عالمنا الأديب والفيلسوف المصري أنيس منصور، بعد أن ترك العديد من المؤلفات التي أثرت المكتبة العربية في كافة العلوم. نشأته ولد أنيس منصور في 18 أغسطس 1924 بإحدى قرى محافظة الدقهلية، حفظ القرآن وهو في سن التاسعة ب"كتاب" القرية ما أثر في شخصيته وهذا ما تناوله في كتابه "عاشوا في حياتي"، كما حفظ آلاف من أبيات الشعر العربى والأجنبى. دراسته استكمل منصور دراسته الثانوية بمدينة المنصورة، وتمكن من الحصول على المركز الأول بين طلبة مصر حينها، وكان ذلك استكمالًا لتفوقه الذي ظهر عليه منذ صغره، حيث اشتهر بالنباهة والتفكير المنطقي السليم، ثم التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة برغبته الشخصية، دخل قسم الفلسفة الذي تفوق فيه، وحصل على ليسانس الآداب عام 1947م، وعمل أستاذًا في القسم ذاته لكن في جامعة عين شمس لفترة. عمله عمل مدرسًا للفلسفة الحديثة بكلية الآداب جامعة عين شمس من عام 1954م حتى عام 1963م، وعاود التدريس مرة أخرى عام 1975، ثم تفرغ للكتابة والعمل الصحفي في مؤسسة أخبار اليوم والإبداع الأدبي في شتى صوره. ظل منصور لفترة لا هم له إلا شراء الكتب ودراسة الفلسفة حتى وقعت له نقطة تحول مهمة، وهي حضوره لصالون عباس محمود العقاد، والذي كان بالنسبة له بمثابة بوابة على عالم آخر لم يعهده من قبل، وسجل كل ذلك في كتاب "في صالون العقاد كانت لنا أيام" وقدم فيه مشاكل جيله وعذاباته وقلقه وخوفه وآراءه في مواجهة جيل العمالقة من أمثال طه حسين، العقاد، توفيق الحكيم، سلامة موسى وغيرهم الكثير من أعلام الفكر والثقافة في مصر في ذلك الوقت. مع الصحافة كانت بداية أنيس منصور في عالم الصحافة مع مؤسسة أخبار اليوم، حين انتقل إليها مع كامل الشناوي، وتتلمذ على يد مؤسسيها الأستاذان مصطفى وعلي أمين، ثم تركها وتوجه إلى مؤسسة الأهرام في مايو عام 1950 حتى عام 1952 ثم سافر مع كامل الشناوى إلى أوربا، وفي ذلك الوقت قامت ثورة 23 يوليو 1952، وقام أنيس منصور بإرسال أول مواضيعه إلى أخبار اليوم، التي ظل يعمل فيها حتى عام 1976 ليصبح رئيسًا لمجلس إدارة دار المعارف، وبعدها أصدر مجلة الكواكب. الصحافة والأدب تراوح أنيس منصور بين الصحافة والأدب والفن والفلسفة وكان من أصغر رؤساء التحرير في مصر حيث تولى منصب رئاسة تحرير وهو لم يكمل الثلاثين من عمره، وتنقل بين أشهر المؤسسات الصحفية في مصر منها: " أخبار اليوم وآخر ساعة والأهرام والهلال، "حتى كلفه الرئيس السادات بتأسيس مجلة أكتوبر في 31 أكتوبر 1976 م وهى مجلة عربية سياسية اجتماعية شاملة ليكون رئيسًا لتحريرها ورئيسًا لمجلس إدارة دار المعارف حتى سنة 1984. علاقته بالسادات اقترب منصور من الرئيس الراحل أنور السادات حت صار الصحفي الأول للسادات بعد 1975 وكان صديقًا مقربًا وكاتمًا لأسراره، ويعلم الكثيرون أن ما في خزانة أنيس منصور من الأسرار والحوارات والوثائق والتسجيلات لا يقدر بثمن ولم يكشف عنها لأسباب لم يفصح عنها حتى مات. كتاباته قدم أنيس منصور العديد من المؤلفات قاربت 200 كتاب تشكل في مجموعها مكتبة كاملة متكاملة من المعارف والعلوم والفنون والآداب والسياسة والصحافة والفلسفة والاجتماع والتاريخ والسياسة والمرأة، أجاد أنيس منصور عدة لغات إلى جانب العربية بالطبع ومنها الإنجليزية والألمانية والإيطالية، كما اطلع على كتب عديدة في هذه اللغات وترجم بعضًا من الكتب والمسرحيات المكتوبة بغير العربية. وألف العديد من الكتب التي تحول بعضها إلى مسلسلات تليفزيونية منها: من الذي لا يحب فاطمة، حقنة بنج، اتنين..اتنين، عريس فاطمة، غاضبون وغاضبات، هي وغيرها، هي وعشاقها، العبقري، القلب بدا يدق، يعود الماضى يعود، والحياة الثرية التي عاشها أنيس منصور في دنيا الكتابة والتأليف بالعربية قادته أيضا إلى عالم الترجمة، حيث ترجم العديد من الكتب والأعمال الأدبية إلى العربية، كما ترجم أكثر من 9 مسرحيات بلغات مختلفة ونحو 5 روايات مترجمة، ونحو 12 كتابا لفلاسفة أوروبيين، كما ألف أكثر من 13 مسرحية باللغة العربية. الجوائز حصل منصور على العديد من الجوائز، أبرزها الدكتوراه الفخرية من جامعة المنصورة، وجائزة الفارس الذهبي من التليفزيون المصري أربع سنوات متتالية، وجائزة كاتب الأدب العلمي الأول من أكاديمية البحث العلمي، كما فاز بلقب الشخصية الفكرية العربية الأولى من مؤسسة السوق العربية في لندن، وحصل الكاتب أيضا على جائزة مبارك في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 2001، والجائزة التشجيعية من المجلس رعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1963، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1981، وجائزة الإبداع الفكري لدول العالم الثالث، عام 1981، كما فاز بلقب الشخصية الفكرية العربية الأولى من مؤسسة السوق العربية في لندن، وحصل على لقب كاتب المقال اليومى الأول في أربعين عامًا ماضية. بعض كلماته ومن أشهر الأقوال المأثورة عن الراحل: «لا تغلق الباب الذي بينك وبين الناس فقد تعود إليه!.. مادمت لا تقدر أحدا، فكيف تغضب لأن أحدا لا يقدرك!.. سوف يبقي الفشل مرا، إذا لم تبتلعه!.. وراء كل رجل ناجح سيدة واحدة على الأقل مندهشة لذلك!.. العاقل يستفيد من أعدائه، الغبي لا يستفيد من أصدقائه!.. سعيد من يجد امرأة يحبها، تعيس من يجدها ثم يتزوجها!.. ورقة الجنيه التي خرجت من المطبعة الآن تساوي بالضبط الورقة التي دارت على حل شعرها عشرات السنين فهمت؟!.. لا تتزوج امرأة لم تعرف إلا رجلا واحدا لأنها لن تنساه!.. اجلس إلى والدتك واسألها كيف تزوجت والدك، فسوف تجد قصة مضحكة!.. الفرق بين شروق الشمس وغروبها كالفرق بين واحدة سوف تتزوج وواحدة قد تزوجت!.. لا تسمع نصيحة من الذي أحب ولا نصيحة الذي تزوج جرب الفشل بنفسك!.. وحياتك كلهن سواء: الحاصلة على شهادة الدكتوراه والحاصلة على شهادة الميلاد!.. العذاب في الدنيا ألوان: الحب والزواج والأولاد والأصدقاء والجيران!».