بعيدا عن الغثاء اليومى والكذب الوقح الفاجر الذي يقدمه ثلة من إجراء الإعلام المنتمى لرجال الأعمال، فإن الجميع يدرك أننا كعرب ومسلمين من المحيط للخليج نعيش بحق أزهى عصور منقوع براطيش الاستبداد سواءً كان استبدادًا دينيا أو حكوميا تسلطيا أو مجتمعيا... وقبل أن تندهش من لفظة (البراطيش) فعليك أن تعلم أنها مصرية قديمة وتعنى الخمر الشعبى أو البوظة المصنوعة من الشعير ( البرت دشير ) أو الحبوب الحمراء التي كانت تخبز وتجف وبعد ذلك تنقع وتعتق لتختمر حتى تذهب بعقول شاربيها ! و طبعا تم تطور اللفظ وتحريفه بتعمد شعبى مقصود استهجانا بالخمر وكل ما يغيب العقل حتى تحول ل ( براطيش ) أي الأحذية القديمة أو لا مؤاخذة (الصرم ) و كأن كل من يغيب عقله يستحق الضرب بالبراطيش أو شرب منقوعها جزاءً وفاقا بما اقترفه في حق نفسه وعقله ولكن.... المنطقة العربية بأكملها تعيش عصر منقوع البراطيش المعتق فانظر للشام حيث توجد الست داعش والتي هي نتاج طبيعى وتطور منطقى للسادة المرضى المتطرفين الذين جعلوا من أنفسهم وكلاء الله في أولى مراحل توهمهم بالتدين ثم فرضوا من أنفسهم حراس على دين الله وتطور بهم الأمر والبغى والغرور حتى ظنوا أنفسهم آلهة من دون الله أو شركاء للحق في ملكوته، يتألهون على الخلق فيقتلون هذا يستحيون تلك إرضاءً لشهوات دنيئة في أنفس أدنى ! استبداد قمىء باسم الدين والدين منه براء، استبداد صادف هوى ومصالح ومناصب وعروش حمقاء ظنت أن في تدمير البعض بقاء لها ولكن تأتى غالبا الرياح بما لا تشتهى السفن عند الربان الأحمق والذي لا يحسب جيدا أنواء البحر وتقلبات المناخ. و ليست داعش وحدها المستأثرة بالاستبداد أو نبت شيطانى بدون زراع، فالمجتمعات العربية أيضا شاركت في خلق الدواعش صانعة من القبيلة أوالأسرة الكبيرة أو حتى العائلة واجهة استبداد وطغيان يتضح جليا في استعراض القوة العصبية العنصرية التي لم تتخلص منها منذ عصور الجاهلية الأولى، يظهر ذلك بوضوح في بعض الانتخابات الهزلية في بعض الأقطار العربية أو في شراء المناصب بقوة المال والنفوذ، حتى كلمة ( حاج ) أصبحت لقب يشترى لزوم الوجاهة الاجتماعية لغالبية الأميين من كبار العائلة أو القبيلة فتحول الدين فعليا لطقس اجتماعى غرضه الأول الوجاهة ثم النفوذ وبالطبع الاستبداد. و إذا كانت داعش والتي تمثل مجمع الغرائز البدائية في المخلوقات قد استبدت وقتلت باسم الدين فإن أنظمة كثيرة أخرى تشبه داعش في قتل شعوبها استبداد وتألها أيضا ولكنها تدعى الرحمة والتحضر فتقتلهم بالأمراض والاستعباد والحرمان وبإنزالهم منازل العبيد في أوطانهم. الطامة الكبرى أن الجمع يعرف ذلك من الحاكم للمحكوم ولكن الجميع يكابر ويعرف أننا نعيش ممزقين بين دواعش مختلفة الدرجة فقط وأن التمييز السلبى والظالم لفئات دون أخرى هو قتل بطىء بسكين بارد ولكنه قتل في النهاية داعشى الجوهر محورى الاستبداد. مادام العدل كلمة نسمع عنها تراثيا فقط ونجترها في جلسات الحنين لعمر بن الخطاب أو لحفيده ابن عبد العزيز، وطالما كانت المساواة حلما مستحيل المنال في بلادنا ونتطلع له فقط إن أسعد بعضنا الحظ وأنصفه فحصل على تأشيرة دولة غربية أو حتى شرقية ( كافرة ) فاعلم أننا جميعا في كنف دواعش مختلفة الأسماء والأشكال متحدة الجوهر، فإن ظننت عكس ذلك فراجع مشروبك المفضل من منقوع البراطيش المعاصر من إعلام الكذب وثقافة الجهل والكذب ثم صارح نفسك ! [email protected]